< بعد خفض قيمة الجنيه المصري  المغلوب علي أمره ـ تعاظم خوف غالبية المواطنين من انعكاس هذا الإجراء علي أسعار احتياجاتهم المعيشية <
من حق قطاعات كثيرة من الشعب المصري أن تقلق وتشعر بالصدمة والمهانة الشديدة للحال الذي آلت إليه حالة عملته الوطنية من تدهور في قيمته الشرائية نتيجة الاجراءات الممنهجة لخفض قيمته تجاه العملات الأجنبية. هذا الواقع الأليم أدي الي أن يخسر الجنيه المصري علي مدي الشهور الاخيرة حوالي 15٪ من هذه القيمة حيث كانت أقل من سبعة جنيهات في مقابل الدولار وأصبحت الآن  7.83 جنيه للدولار.
كان من الطبيعي أن يصاحب هذه المشاعر الشعبية للاغلبية التي تتمثل في محدودي الدخل .. الخوف علي انعكاسات هذا الاجراء الذي اقدم عليه البنك المركزي في ارتفاع اسعار الاحتياجات اليومية اضعاف اضعاف ما يمثله هذا الخفض في قيمة الجنيه. هذا يعني ان تتآكل دخول هذه الغالبية نتيجة التضخم الذي لا يمكن للقوة الشرائية للجنيه مقاومته أو مجاراته.
ليس خافيا بأن وراء قرار البنك المركزي ضغوطا شديدة يتعلق جانب منها لقلة التدفقات النقدية القادمة من الخارج للاستثمار في مصر يضاف الي ذلك التخوف الذي يسيطر علي المسئولين عن المسيرة الاقتصادية من عدم توافر الأرصدة اللازمة من العملات الاجنبية لشراء  الاحتياجات المعيشية الاساسية.ويري بعض الخبراء في هذا القرار اجراء احترازيا خوفا من الانفلات في قيمة الجنيه من خلال الدور المخرب الذي تقوم به بعض شركات الصرافة المتاجرة بالصالح الوطني.
> > >
ويري بعض خبراء الاقتصاد والسياسات النقدية انه كان علي البنك المركزي ان يضع ضمن قائمة اجراءاته للسيطرة علي المعاملات النقدية وزيادة حصيلة العملات الاجنبية استخدام الزيادة المحدودة في فوائد الادخار بالجنيه المصري. كان عليه ان يدرك انه اذا كان سبب جنوحه إلي عدم إقرار هذه الزيادة.. تشجيع الاقتراض للاستثمار بفائدة مقبولة.. إن البنوك الواقعة تحت هيمنته تعمل إلي المغالاة في هذه الفائدة. وفقا لهذه المعلومة فقد كان يمكن للبنك المركزي تعويض زيادة الفائدة علي مدخرات المواطنين بدفع البنوك إلي تخفيض ما نتقاضاه من فائدة علي الإقتراض الاستثماري.
> > >
من ناحية أخري فلا جدال أن محدودية ارصدة العملات الاجنبية لدي البنك المركزي تعود الي التراجع في الايرادات النقدية السياحية نتيجة ما تعاني منه هذه الصناعة من انحسار بتأثير غياب استقرار ما تمثله الأحوال الأمنية وما لها من حساسية بالغة بالنسبة لانشطتها.
من المؤكد ان ما كانت تحققه هذه الصناعة الواعدة من دخل بالعملات الاجنبية قبل ثورة 25 يناير 2011 كان من أهم أعمدة زيادة أرصدة العملات الاجنبية وهو ما انعكس ايجابا علي قيمة الجنيه المصري واختفاء السوق السوداء. رغم هذه الظروف الصعبة التي مازالت تلازمنا ذيولها حتي الآن ـــــ وفيما يتعلق بخفض قيمة الجنيه المصري ــــــ فإن هذه الخطوة ينطبق عليها المثل الذي يقول «رب ضارة نافعة» . هذا النفع يتمثل في انه يمكن ان يساهم في زيادة الحركة السياحية من خلال امتداد اثار ذلك إلي تكلفة الرحلات السياحية.  علي كل حال فليس هناك ما يقال سوي الدعاء إلي الله بان ينعم علي مصر المحروسة بالأمن والسلام حتي يمكن ان تنهض السياحة وتتعافي من كبوتها المستمرة منذ اربع سنوات.