الاتفاق الذي تم التوصل إليه والتوقيع عليه في التجمع الإفريقي الذي عقد في شرم الشيخ بدمج التكتلات الاقتصادية الافريقية الثلاث «الكوميسا» و «تجمع شرق افريقيا» و«السادك» في تكتل واحد.. هو بكل المقاييس انجاز اقتصادي لصالح التنمية الشاملة. من المؤكد أن الدول الافريقية النامية والمتقدمة اقتصادياً وصناعياً والتي تعد مصر في مقدمتها سوف تكون المستفيد الأول من هذا التكتل. انها ومن خلاله يمكنها تصدير منتجاتها الصناعية معفاه من الرسوم الجمركية وهو الأمر الذي يعطيها ميزة القوة في المنافسة.
من ناحية أخري فإنه لا جدوي ولا فائدة من هذا الاتفاق الذي يشمل عشرات الدول الافريقية مع ما تمثله من أسواق مستهلكة اذا لم نتخذ الخطوات اللازمة لتسيير خطوط نقل بحرية وبرية لنقل الصادرات. عملية النقل يجب ألا تقتصر علي اتجاه واحد وانما لابد ان تشمل ايضا نقل المواد الخام التي نحتاجها والمتوافرة في هذه الدول الافريقية . كما يمكن ان تقوم شركاتنا التجارية بدور الواسطة لتسويق هذه المواد. هذا النشاط ليس جديدا علينا فقد سبق ان مارسناه في ستينيات  وسبعينيات القرن الاخير من الألفية الثانية ابان قيادة الزعيم جمال عبد الناصر للدولة المصرية.
هذه المهمة الاستراتيجية اسندت في ذلك الوقت إلي شركة الاستيراد والتصدير برئاسة محمد غانم الذي جعل منها مركز نفوذ قوي لمصر في كل افريقيا.. وقد فقدنا هذه القوة الهائلة بعد رحيل عبد الناصر الذي كان ينظر اليه باعتباره محور  حركات التحرر الافريقي .. نتيجة الاهمال وسوء التقدير وفقدان القيادة للنظرة السليمة لأهمية انتمائنا الافريقي.
وتجنباً للبكاء علي اللبن المسكوب الذي يتمثل في دفع ثمن غال لهذه السياسات العاجزة الفاقدة للتقييم الصحيح لما يحقق مصالحنا..  فإنه سيتحتمم علينا ان نتحرك ونتجاوب مع هذه الانطلاقة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي لاحياء وتعظيم مكانتنا الافريقية. ان الفرصة اصبحت متاحة بعد نجاح عملية تمهيد الساحة لعلاقات مصرية افريقية تقوم علي خدمة المصالح المشتركة.
هذه الخطوة اصبحت اكثر من ضرورية لتحقيق اهدافنا الوطنية والقومية إذا ما تذكرنا المواقف الافريقية العظيمة للوقوف الي جانبنا في كل المحافل الدولية. ان أحد الامثلة علي ذلك التأييد الافريقي المتواصل للقضايا المصرية والعربية في الامم المتحدة وفي حركة عدم الانحياز. في هذا المجال يبرز وقوف الاعضاء الافريقيين في حركة عدم الانحياز ضد محاولة تجميد عضوية مصر وذلك في اجتماع كوبا عام ١٩٧٩ عقابا لها علي توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وهو الذي أعاد لنا كل حبة رمل من سيناء المحتلة.
وفي عودة لاتفاق شرم الشيخ بشأن اندماج التكتلات الاقتصادية الافريقية.. لابد من الاقدام علي انشاء هيئة تتولي عملية تفعيل عملية الاستفادة الاقتصادية. هذه الهيئة مطالبة بمتابعة ومراقبة عمليات الاستيراد والتصدير التي تتم في إطار هذه الاتفاقية خاصة ما يتعلق منها بالاعفاء من الرسوم الجمركية.
هذه المسئولية تتطلب العمل علي منع الحصول علي هذا الحق الافريقي من جانب بعض الدول خارج القارة من خلال عمليات التحايل إلي درجة تزوير المستندات لاثبات أن المنتج الذي يتم تسريبه الي اسواقنا إنتاج افريقي. هذا الذي اقوله حقيقة واقعة تخصصت فيها بعض جهات داخل الدول الافريقية. لقد تم ضبط بعض هذه الحالات استغلالاً لاتفاقية «الكوميسا» وهو ما تبين أنه يمثل خسارة فادحة لاقتصادنا الوطني بشكل خاص والاقتصاد الافريقي بشكل عام