لم تكن مصر في حاجة إلي جيشها كما هو الوضع الآن والسنوات الماضية منذ تكشف الوضع الاستثنائي الذي يهدد الدولة المصرية عقب الثورة في يناير وتسلل قوي أصبحت معروفة إليها لحرفها عن أهدافها المعلنة وفرض وضع يؤدي إلي تقسيم الدولة واسقاطها، أول من انتبه إلي ذلك المثقفون المصريون وأذكر هنا بواقعتين محددتين، الأولي تحرك الأدباء والفنانين إلي وزارة الثقافة وكان يتقدم المسيرة عدد من كبار رموزنا الثقافية. ثم اعتصامهم بها لفترة تقارب الشهر انتهت بالخروج منها في مظاهرة ضخمة يوم الثلاثين من يونيو لتذوب في المحيط الهادر الذي خرج عبره الشعب المصري في أكبر خروج بشري في التاريخ ضد سلطة الإخوان التي خرجت بسياساتها ومنهجها عن ثوابت الحضور المصري في التاريخ وشتي المجالات، الواقعة الثانية عندما انعقدت الجمعية العمومية لاتحاد الكتاب يوم الجمعة السابق علي الثلاثين من يونيو برئاسة الأديب محمد سلماوي واتخذت قرارا بسحب الثقة من محمد مرسي، وكان ذلك أول قرار علني جماعي معبر عن ضمير الأمة باقصاء مرسي والنظام الإخواني، في ذلك الوقت كانت الملايين تجمع التوقيعات في الشوارع بقيادة حركة تمرد لاقصاء الإخوان، هذا البعد الفريد في حركة الشعوب لم يصل إلي العالم، لتقاعس اعلامنا أولا وغيابه، ولسوء نية القوي الكبري، خاصة في الغرب والتي كانت تهدف إلي فرض قوة معينة لحكم الشعب العريق ضد ارادته، ما أريد التنبيه إليه تلك الصلة الوثيقة بين القوي المكونة لحضور مصر الثقافي والجيش، الجيش الذي لا يمكن أدراك خصوصيته إلا في إطار فهم دوره الخاص جدا بالنسبة لمصر وحضارتها، من هنا اعتز جدا بتهنئة الجيش للفائزين بجوائز الدولة هذا العام، وفيما يلي النص الكامل للخطاب الذي تلقيته من اللواء محسن عبدالنبي مدير إدارة الشئون المعنوية، وقد ارسل أيضا إلي الفنانة سميحة أيوب والمفكر الدكتور حسن حنفي أي الذين فازوا بجائزة النيل، ارفع جوائز الدولة.
إلي ثروة مصر الحقيقية.. وقوتها الناعمة
إلي المبدع الفذ.. صاحب أسفار التجليات والبصائر والمغيب والنوافذ والبنيان.. وحكاء القاهرة القدير.. ومبدع الخالدة الزيني بركات الأديب والروائي.
الأستاذ جمال الغيطاني
إلي المتوجة بتفرد بسيدة المسرح العربي.. صاحبة الجهد الصادق، والمشوار الفني الطويل.. الفنانة الأستاذة سميحة أيوب.
إلي العقل النابه.. والمفكر الإسلامي.. والفيلسوف المجدد.. الأستاذ الدكتور حسن حنفي.
نشكركم ونهنئكم.
نشكركم.. لأنكم أثرتم علي أنفسكم إلا أن تكونوا ذخائر القوة الناعمة لمصر، فأعليتم القيم الوطنية والمثل الراقية من خلال فنكم الجميل وفكركم المستنير، فكنتم شموسا تسطع ولا تغيب، وتميزتم بعطاء منهمر مفعم بالوطنية الصادقة الداُفئة بحب لكل المصريين، وبجهد مشوب بالحذر والحرص علي مستقبل هذا الوطن.
كم من الجوائز الاقليمية والعالمية حصدتم وتستحقون إلا إن لجائزة النيل قدرها الرفيع لدي المصريين، فكما النيل ساحر الوجود. خالدا باقيا، كما ابداعاتكم خالدة تحفر في وجدان المصريين نيلا موازيا يفيض بجماليات الفكر وروائع الفن وإبداعات الثقافة.
ونهنئكم.. كفرسان انتصروا في مجالاتهم لأفكارهم ولفنهم في غمار مرحلة حالكة الظلمة كادت ان تعصف ليس بالوطن فقط، إنما بالمنطقة وربما بالحضارة الإنسانية التي كانت مهددة بالردة.
نجدد الشكر والتهنئة لفرسان ساهموا لعودة القوة الناعمة لمصر، ولمبدعين يستحقون بصدق جهدهم واخلاص نواياهم لوطنهم أن تشدو لهم القيثارة.
مصر عادت شمسك الذهب
كل التحية وكامل التقدير
التوقيع لواء محسن محمود علي عبدالنبي
مدير إدارة الشئون المعنوية