لم يضبط الدكتور ناجح مرة محرضاً، اتساقاً
 مع مهنته مبلسماً للجراح، داعياً إلي المحبة 

وكأنه نذر للرحمن صوماً، خرج الدكتور ناجح إبراهيم من السجن في نوفمبر 2005 إلي عزلة فرضها علي نفسه، يستغفر ربه، عاملا علي شفاء المرضي في عيادته البسيطة بالحضرة بالإسكندرية، 24 عاماً قضاها الدكتور ناجح خلف القضبان، قضاها بين درس ومراجعة وصلاة، دخل شابا عمره 25 عاما، وخرج علي مشارف الخمسين، غير آيِس من رحمة الله.
دخلها «داعشيا» بتسميات هذه الأيام، وخرج منها «ربانيا» فتح الله عليه، براء من أفكار ملكت عليه شبابه، فلما تبين الحق، حتي عكف علي اجتثاثها كما يجتث البستاني الصالح الحشائش الضارة من حديقة الإسلام الغناء.. الحسنات يذهبن السيئات، والرجل قائم يصلي في محراب الوطن، وعنوانه علي موقعه الفيسبوكي «يا رب تحفظ مصر وأهلها».. آمين.
مراجعات الجماعة الإسلامية ما كانت تصح وتخرج من كهف النفوس إلي نور الصباح إلا وراءها نفس ذاقت حلاوة الإيمان، لم يورثه السجن قنوطاً، ولم يخلف في نفسه ثأراً، خرج من السجن في حبور وبصلاة، يملؤه نور الإيمان، فطفق بين الخلائق يدعو للسلام، وبالحكمة والموعظة الحسنة، ويخشي قطرة دم أن تراق ظلماً وعدواناً، مستمسكاً بالعروة الوثقي، قول سيد الأنام عليه الصلاة والسلام : « كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَي الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ..».
كان صيفاً قاهرياً قائظاً، وإذ فجأة يضرب الإرهاب الأسود بلد الحرمين الشريفين، تذكرت مراجعات الجماعة الإسلامية وعدت إلي كتيباتها التمس قبساً، واهتديت إلي هامش دراسة معتبرة للدكتور ناجح يلتمس فيها عهد الأمان، هاتفته في حكم التفجيرات التي أصابت المملكة، فوعدني بدراسة يعكف عليها انذاك.وقتها كان ممنوعا من الظهور الصحفي والفضائي، ائتمنني علي دراسة شرعية كتبها وإخوانه في الجماعة الإسلامية صدرت تالياً في كتاب تحت عنوان «تفجيرات الرياض.. الأحكام والآثار»، احتلت غلاف مجلة «المصور» الذي تصدرته صورة الدكتور ناجح لأول مرة منذ استشهاد الرئيس السادات.. وقد أقر بالشهادة مرارا.
كانت مغامرة صحفية، الدكتور ناجح علي الغلاف، ونالني بعض من لوم عرف الدكتور مصدره وقتها وشد من أزري أكرمه الله، ولكن الصدي الطيب للدراسة المعتبرة كان كفيلا بمرور كلمات الدكتور ناجح الطيبات إلي خلق الله، وصار مكرما يكتب بالحسني وزيادة، وينطق بالموعظة الحسنة، ويخالق الناس بخلق حسن، يرفض الجدال، ولا يتتري في لغو، ولا يصاحب فضائيا كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم.
لم يضبط الدكتور ناجح مرة محرضاً، اتساقاً مع مهنته مبلسماً للجراح، داعياً إلي المحبة، منافحاً عن حدود الله لا تقربوها، لا ينجر إلي خلاف، ولا يذهب إلي اختلاف، ولا يكتم شهادة حق، يسير بين الخلائق، يهدي للتي هي أقوم.
التحولات العميقة في فكر الدكتور ناجح عن إيمان واعتقاد بحرمة الدماء، وناله ما ناله من حنق الأغبياء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ليخدم أهدافهم في سلطة فانية، ناجح إبراهيم طبت وطاب مسعاكم، مؤهل لدور لوجه الله أن ينير عقول عجزت عن رؤية الحق، أن تشيع المراجعات في نفوس متعطشة للثأر وتشمت في سفك الدماء.