لا حل لمشاكل المدن الكبري، خاصة القاهرة والاسكندرية، إلا بتحسين أوضاع الحياة في قري مصر. فقد تعرض الريف المصري طوال العقود الأربعة الأخيرة لتهميش وإهمال حكومي، جعل الهجرة منه، أمرا طبيعيا، للبحث عن حياة أفضل تتوافر فيها أبسط الخدمات الآدمية. وتسببت تلك العشوائية السياسية في صبغ كل شئ في حياتنا بمثلها. فانتشرت ظاهرة العشوائيات في المدن الكبري وهجم ما تبقي من أهل القري علي الأراضي الزراعية وحولوها إلي كتل خرسانية لاستيعات النمو السكاني الذي تتفوق فيه مصر علي العالم أجمع. حدث كل هذا وسط غياب شبه تام للقرار السياسي الذي يفترض أنه المسئول عن رسم مستقبل الوطن باستراتيجيات وخطط طويلة ومتوسطة وقصيرة المدن. فأصبحت مصر - للأسف - دولة عشوائية. قراها مسخا فلا هي قري ولا هي مدن !. المباني الواسعة القديمة حلت محلها الأبراج السكنية، أراضيها الخصبة التي كانت سلة الغذاء لمصر كلها، تحولت إلي مبانٍ سكنية، رغم عدم بنية تحتية خدمية أصلا تواكب ذلك الانتشار الخرساني، سواء فيما يخص الصرف الصحي أو الطرق المرصوفة أو مياه الشرب النقية، ناهيك عن تدني خدمات الصحة والكهرباء وحتي الاتصالات التي أصبحت إما مقطوعة أرضيا أو خارج نطاق الخدمة للمحمول !
السؤال الملح الذي يحتاج إجابة واضحة من النظام الحالي بقيادة الرئيس السيسي : هل يستمر التعامل مع سكان قري مصر بنفس الطريقة التي تعاملت بها الأنظمة السابقة، لتستمر العشوائية والخلل في توزيع الاستثمارات هي السمة الغالبة. أم نري فكرا ثوريا عماده العدالة ينتشل ريف مصر من مستنقع الإهمال، بما يحقق الرضا لساكنيه. الحلم يحتاج فقط توافر إرادة سياسية يتم ترجمتها إلي خطط وبرامج لتحسين الحياة في قري مصر المعذبة. وإنا لمنتظرون.