لم يعد أعداء الخارج يواجهون أية صعوبة في تمزيق العالم العربي وتدميره وتفتيت مكوناته وهدم الدولة الوطنية والقضاء علي الجيش الوطني في أي بلد عربي كلما أمكن ذلك.
وكل ما علي التحالف الغربي - الإسرائيلي أن يفعله هو تحريك عناصر محلية لكي تضطلع بالدور المرسوم لتحويل هذه المنطقة من منارة لحركات الاستقلال والتحرر الوطني في قارات نصف الكرة الجنوبي إلي ساحة لذبح السكان واسقاط الدول ونسف الكنوز الأثرية وإلغاء التاريخ والتراث والذاكرة وأي أثر للحضارة وحتي تصبح المنطقة مجرد سجن كبير لكيانات طائفية ومذهبية وعرقية متناحرة تجري وراء أسواره عمليات قطع الرءوس وحرق البشر وسبي النساء وفرض مجتمع العبيد والاجهاز علي أي حلم عربي بالخلاص من التخلف والتجزئة واللحاق بالعصر.
وقد حقق الحكام العرب حتي الآن أكثر مما كان الأعداء يطمحون إلي تحقيقه. ومن أمثلة ذلك: بلدان عربيان متكاملان بشريا وجغرافيا - سوريا والعراق - يحكمهما نفس الحزب - حزب البعث - وبدلا من أن تقوم الوحدة بينهما يتحولان علي أيدي حكامهما إلي حالة من الصدام والعداء الشديد.
وبلدان عربيان يحققان الوحدة بالفعل - مصر وسوريا - ولكن أسلوب الحكم يجهض التجربة ويقع الانفصال.
وثلاث دول عربية مستقلة ومتحررة من القوي الأجنبية - مصر وسوريا والعراق بعد ثورة ١٤ يوليو ١٩٥٨ - تشهد صراعا مروعا بدلا من قيام اتحاد فيدرالي بينها لتشكيل أكبر كتلة قومية من الدول العربية الرئيسية ولم تكن هناك علاقة بين ذلك الصراع وبين المصالح القومية العربية العليا. والنتيجة هي ضرب ثورة العراق وانهيار الوحدة المصرية السورية.
هذه الأوضاع هي السبب وراء تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون، في محاضرة ألقاها يوم ٩ يونيو بمؤتمر هرتسليا السنوي، الذي أعلن فيه انه لا يري امكانية للتوصل إلي تسوية سياسية للقضية الفلسطينية وهو علي قيد الحياة، رغم أنه يعتزم - كما يقول - ان يعيش لفترة أطول!
وفي نفس الوقت، فإن الرجل متفائل، لأنه لم يعد هناك خطر من جانب الدول العربية التي أصبحت فريسة للمتاجرين بالدين، وللذين يعملون علي تعميق الانقسام السني - الشيعي، ومن هنا لم تبق أمام إسرائيل في المنطقة العربية سوي مهمة الحفاظ علي احتلالها لكامل التراب الفلسطيني، ذلك أن التطرف الديني، الذي يتخذ الآن شكل منظمات إرهابية، ينوب عن الغرب وإسرائيل في إضعاف العالم العربي وعرقلة أي تنمية أو نهوض تفعل عوامل التآكل.
ويكفي ان الاخوان وداعش والقاعدة، كلها مسميات لشيء واحد، تقوم بما هو مطلوب منها.. والعقبة الوحيدة أمام هذا المخطط هي.. مصر.
كلمة السر : ٣٠ يونيو عربية.