ساعات قلائل ويودعنا الشهر الفضيل (رمضان) شهر الصوم، الذيكان ولا يزال وسيظل من أكثر الشهور منزلة وقدراً وسمواً في نفوس المسلمين، حيث شرفه رب العالمين واختصه بنزول القرآن الكريم، هدي للناس ورحمة للعالمين.
وفي رمضان من كل عام ترق القلوب وتصفو النفوس ويتطلع العباد لمرضاة الله عز وجل، ويبذلون غاية جهدهم للتقرب إليه، بالصوم والعبادة والدعاء،...، وفيه تهفو قلوب البشر إلي رحمة من الله ومغفرة وتتطلع النفوس إلي عفوه ومرضاته، آملة سائلة راجية في القبول والسماح من الرحمن الرحيم، رب العالمين مالك يوم الدين، الذي وسعت رحمته كل شيء وكل البشر.
وفيهذا الشهر الذي اوشكنا علي وداعه كانت ولاتزال قلوبنا واجفة متوسلة للرحمن الرحيم طمعاً وطلباً للهداية والمغفرة، متطلعة إلي نفحة من هداه وقبس من نوره، فهو الحي القدوس السلام القادر المهيمن العزيز الجبار.
هو القادر الخالق الباريء المصور، السميع البصير، العالم يمكنون الصدور والمطلع علي الافئدة وما يعتمل في أغوار النفس البشرية، وما ظهر وما بطن من انفعالات البشر وأعمالهم، وما يسرون وما يعلنون.
ونحن في هذه السويعات القليلة المتبقية لنا من شهر البر والإحسان والتضرع والزلفي لله العزيز الحكيم، لا نملك إلا أن نستغفره سبحانه عن كل ما وقعنا فيه من خطأ في الشهر الفضيل، عندما ربطنا بين ما يجب أن نكون عليه من محاولات صادقة للتقرب لله عز وجل، طلبا لراحة النفس وهدوء القلب وصفاء الروح،...، وبين تلك الممارسات البعيدة كل البعد عن روح وفلسفة الشهر الكريم وأهدافه الراقية وغاياته السامية.
نستغفره مما ارتكبناه من خلط سييء بين روحانيات الشهر الكريم وبين الإغراق في الاسراف السفهي فيالطعام والشراب،..، ونستغفره ايضاً من ذلك الربط الظالم والمتعسف الذي قمنا به بين ليالي رمضان المباركة التي يجب أن نحييها بنور الايمان، فإذا بنا نحييها بالتنافس علي الاستغراق التام في البحث عن وسائل التسلية والسمر، حتي أصبح رمضان للأسف شهراً للأكل والتخمة والسهر والكسل وقلة العمل،..، وعسي الله أن يغفر لنا ولله الأمر من قبل ومن بعد.