اليوم تحتفل مصر بالعيد الثالث والستين لثورة يوليو ١٩٥٢، التي كانت وستظل علامة فارقة في تاريخ مصر ومسيرة شعبها،...، ورغم تعدد الآراء حولها بالايجاب والسلب، إلا أن أحدا من المؤيدين أو المعارضين لها لا يستطيع أن ينكر علي الاطلاق، انها فرضت واقعا جديدا في مصر، امتدت اثاره إلي المنطقة والعالم، وانها احدثت متغيرات عديدة، وكان لها تداعيات كثيرة، حيث خلقت تيارا قويا ومتصاعدا من حركات التحرر والاستقلال في المنطقة العربية والافريقية، امتدت اثاره إلي جميع قارات الدنيا.
واليوم ونحن نطل علي ما جري في مصر في ذلك الزمان، نستطيع القول إنه مهما اختلفت الآراء حول ثورة يوليو وأسبابها ودوافعها ، وما انجزته علي أرض الوقع المصري، وما حققته من انتصارات أو اخفاقات، إلا أنه لا يوجد خلاف بين المؤيدين لها أو الذين اختلفوا معها، علي انها جاءت كضرورة فرضتها الظروف والتطورات السياسية والاجتماعية في مصر، في ظل الرفض الشعبي الكامل للاحتلال، والرغبة الكاسحة في تحقيق السيادة الوطنية والتطلع للاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية، في ظل حياة ديمقراطية سليمة.
ولمن لم يعاصروا احداث ووقائع ثورة يوليو، ولم يقرأوا عنها بالتفصيل من الأجيال الشابة، نقول إن قادة هذه الثورة حرصوا علي صياغة اهداف ثورتهم في ستة مباديء، اعتبروها معبرة عن إرادة الأمة ودافعا لتحرك الجيش، وسببا للقيام بحركتهم المباركة، التي تحولت إلي ثورة بعد حصولها علي رضا الشعب والتفافه حولها وإيمانه بها.
وفي هذا الإطار، تتفق الآراء وتتوافق الرؤي بين الراصدين والمؤرخين، علي أن الثورة استطاعت تحقيق الجزء الأكبر من المبادئ الستة الشهيرة التي نادت بها والتزمت بتحقيقها، وهي القضاء علي الإقطاع، والخلاص من الاستعمار، والوصول للاستقلال، كما قضت علي سيطرة رأس المال علي الحكم، وأقامت جيشا وطنيا قويا، وخطت خطوات واسعة ومؤكدة علي طريق العدالة الاجتماعية.
كما يتفق هؤلاء ويتوافقون علي أن الثورة لم تستطع ان تخطو بجرأة وايجابية علي طريق تحقيق الديمقراطية،...، ويري الكثيرون ان الحياة الديمقراطية السليمة ظلت هي الفريضة الغائبة فيما حققته ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢،...، وأن غياب الديمقراطية تسبب في أوجاع كثيرة وسلبيات عديدة ما كان يمكن أن تحدث أو تقع في وجودها،...، ولكن هناك آراء أخري في ذلك. «وللحديث بقية».