الحلم في بورسعيد يمتد لعشرات السنين.. منذ أن تحررت المدينة الباسلة في عام واحد من ذل احتلال عسكري دام 74 عاما، ومن نهب واستغلال لقناة السويس التي حفرها أجدادنا بعرقهم ودمائهم. منذ أن تحررت المدينة من الاستعمار المزدوج، وهزمت العدوان الثلاثي عام 1956.. وحلم تحويلها إلي مركز عالمي للتجارة والترانزيت ينافس أكبر مراكز العالم لم يبارح عقول أبنائها.
وعندما لاحت الفرصة بعد نصر أكتوبر، وتحويل بورسعيد إلي مدينة حرة، تكفل الفساد وسوء الإدارة ومنطق الفهلوة في إهدار الفرصة، لينتهي الأمر إلي مدينة تعاني الكساد وتدهور الأحوال بعد أن كانت أجمل المدن وأجدرها بأن تكون مركز التجارة والصناعة في المنطقة كلها.
وحتي عندما بدأت الدولة في التنبه إلي ضرورة انقاذ الموقف، وبدأت في بناء ميناء شرق بورسعيد فإن المشروع توقف بعد الخطوة الأولي، والأخطاء جعلت أبناء بورسعيد لا يستفيدون شيئا من المشروع!!
الآن.. تعود الحياة إلي المشروع، ويعود الأمل لأبناء بورسعيد ولغيرهم من أبناء الوطن، بعد ان أطلق الرئيس السيسي اشارة البدء في استكمال المشروع اعتمادا علي العلم والجهد الذي لابد ان نبذله لتعويض ما فات.
يتحول الميناء إلي مشروع متكامل للتنمية الشاملة، تصبح به المنطقة نقطة انطلاق النهضة المطلوبة لمصر. لا يقتصر المشروع علي الميناء الذي ستزداد مساحة أرصفته إلي ثلاثة أمثال ما هي عليه الآن. ولا علي التفريعة الجديدة التي تختصر الوقت للسفن العملاقة والتي بدأ العمل فيها بطول تسعة كيلومترات ونصف بل سيمتد المشروع إلي منطقة تنمية شاملة للصناعة والزراعة ومزارع الاسماك وخدمات السفن والسياحة وغير ذلك من الأنشطة التي تجعل المنطقة مركزا عالميا بمعني الكلمة يربط بين قارات العالم، ويجعل من الميناء واحدا من أهم عشرة موانئ في العالم كله.
ضاعت منا أربعون سنة علي الأقل لاننا بدأنا بتحويل بورسعيد لمنطقة حرة، في نفس الوقت الذي بدأ فيه الاشقاء في دبي جهدهم الذي أثمر هذا المركز السياحي والتجاري الذي نعتز به جميعا.
هذه المرة يبدو أننا نحترم العلم الذي أهدرناه قبل ذلك اعتمادا علي الفهلوة التي سادت -للأسف الشديد- عصر الانفتاح السبهللي، وانتجت منظومة الفساد الذي أهدر إمكانيات الوطن.
أمران مهمان أرجو أن يكونا في الاعتبار ونحن نحقق هذا الانجاز الوطني الكبير.
>> الأمر الأول: أن تكون الأولوية في المشروع للاستثمار الوطني، وان تكون المشاركة -بعد ذلك- مع الاستثمار العربي والأجنبي هي الخيار الأول في مشروعات المنطقة.
>> والأمر الثاني: أن نبدأ برنامجا موسعا لتأهيل شباب بورسعيد ثم مدن القناة وسيناء لتكون لهم الأولوية في شغل فرص العمل في مشروعات المنطقة.. أما المستثمرون المصريون، فلهم حديث آخر.