المؤكد أنها سورية (تمارا الرفاعي) فكل هذه الدموع المنسوجة كخيوط الحرير الدمشقي في المفارش الشهيرة، لا يمكن الا أن تكون سورية.. تكتب تمارا علي المفارش المطرزة، فترسم بدقة وجمال خريطة للمدينة، وخريطة للوجع.. الوردة الدمشقية التي يحبها أهل الشام فوق مفارشهم، ونقشة حب الرمان التي يحبها الأجانب لبساطتها... و(الأغباني) هذا الاسم التركي ويعني (التطريز) كيف صار علامة سورية خالصة من فرط براعة صنّاعة من السوريين.. لا يذهب أحد إلي دمشق الا ويأتي معه بالأغباني.. أنا أيضا حملت معي في كل زيارة إلي دمشق، الكثير من هذه المفارش...
تمارا الرفاعي التي تسكن وأهلها القاهرة حاليا، تعمل في الصليب الأحمر، ومنظمات حقوق الانسان، إلي جانب عملها كمصممة ديكور وحقائب وشالات نسائية.. التطريز جزء من هويتها تحافظ عليه، وتصون فيه الجمال حتي لا يتبدد.. لم تتردد رغم القصف المتواصل، أن تسأل أحد أقاربها (لايزال يسكن الشام) بأن يأتي لها بمفرش دمشقي مطرز بخيوط الحرير، ولم يتردد ساكن الشام أن يجيبها (رغم قصف المشغل وموت عاملة التطريز) سآتيك بأجمل مفرش بالشام.
لن أستطيع التعاطف يا تمارا، لم يعد للتعاطف معني ولا قيمة، التعاطف صار عاديا وبليدا، صار جارحا تماما، كما تسقط منا دمعتان، حين تفاجئنا صور المهاجرين المحشورين إلي الموت في قوارب مطاطية، أو صورة طفل صغير ملقي ميتا علي الشاطئ، أو آلاف الموتي.. لن أستطيع التعاطف يا تمارا والكائنات الهلامية كما تسمين (المجتمع الدولي) أو (العالم العربي) جميعها تلفظ السوريين من مقعدهم في رحلة الحياة.. ولن أستطيع منعك من الغناء من شرفة بيتك بالقاهرة، لن أستطيع أن أقول لك ان (مصر ليست غربة).. سأتركك تواصلين أغنيتك (فزعانة يا قلبي.. تكبر ب هالغربة.. وما تعرفني بلادي، خدني.. خدني.. خدني علي بلادي..).