صوفية الأضرحة

د. محمد إبراهيم العشماوي
د. محمد إبراهيم العشماوي

 

جرى بينى وبين زميل لى حوار، فقال لى: إن الدكتور العشماوى ينكر على صوفية الأضرحة، فهل هذا صحيح؟


الجواب:أنا أنكر كل خروج عن الشريعة - بفهم العلماء المحققين الراسخين فى العلم، فى حال اتفاقهم، فإذا اختلفوا تخيرت من أقوالهم - ومن جملة ذلك ما يحدث عند الأضرحة من التمسح بها، والطواف حولها، وتقبيل أعتابها، ونحو ذلك، وهذا لغير المغلوب، أى من غلبه الحال وأخذه الوجد، فهذا لا حرج عليه إن شاء الله، وقد أفتى بنحو ذلك شيخنا الخطيب فى مسألة سماع الغناء، فرخص فيه للمغلوب، ومما قاله فضيلته فى مسألة الأضرحة - وهو يتحدث عن زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيره؟!- شعرا:


إياك تقبيل الضريح ولمسه


أو لصق ظهرك فيه أو أحشاكا!


أو أن تخل بواجبات عنده 


أو أن يزيد الصوت عن نجواكا!


أو أن تطوف به كطائف كعبة 


حاشاه يرضاه وعنه نهاكا!


وتمسكن به وراع أوامرا 


فيه وآدابا تنل قرباكا!


وقد كنت أدخل مع شيخنا العلامة العارف بالله تعالى الدكتور جودة المهدى ضريح سيدى أحمد البدوى، فكان يقبل ولا أقبل، ويطوف ولا أطوف، فكان يلتفت إلى ويقول:


أمر على الديار ديار ليلى 


أقبل ذا الجدار وذا الجدارا!


وما حب الديار شغفن قلبى 


ولكن حب من سكن الديارا!


ثم يقول: لعلك تقلد شيخك الخطيب؟!


فأقول: نعم


فيقول: رضى الله عن شيخنا الخطيب!


ولسان حاله يقول: أخذ بالعزيمة، وأخذنا بالرخصة!


قلت: ومذهب شيخنا الدكتور جودة لا يتعارض مع مذهب شيخنا الخطيب؛ لاختلاف المقامين، وتباين الحالين، فهذا للمغلوب، وهذا لغيره، وكان شيخنا الدكتور جودة متيما بسيدى أحمد البدوي، فكان يطفئ لهيب شوقه بالطواف والتقبيل، وجرى له بسبب ذلك مصاولات مع بعض المنكرين عليه، وبالله التوفيق.


د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر