وجهت السفيرة منى عمر سهام الإدانة دون أن تستثنى أحداً، عندما تناولت العلاقات السلبية بين مصر وأفريقيا، وتخلت عن اللغة الدبلوماسية التى لا تضع اليد على مواضع الخلل، والنتيجة مزيد من فقدان التأثير والتواصل مع الأفارقة.
غير أن الوجه الآخر لرؤية السفيرة المخضرمة فى الشأن الافريقى، يبدو كما لو أن دماء أزمة العلاقات الافريقية تتوزع بين أجهزة الدولة التى تشبه فى أحيان كثيرة القبائل المتناحرة، ولا يكفى لاستعادة الدور المصرى فى أفريقيا التى تشارك فى الإدانة، بقدر ما يتطلب «التشبيك» والتنسيق بين جميع الأجهزة من جانب، ثم تحديد مساحات للقاء على أرضية المصالح المشتركة، بعيداً عن أوهام النظر لأفريقيا باعتبارها مجرد فناء خلفى لنا.
مصارحة مع الذات، الخطوة الأولى نحو استعادة العافية فى علاقاتنا مع أفريقيا على أسس صحيحة، ولابد أن نمتلك تفسيراً واضحاً لمفارقة استمرار التأثير المصرى داخل القارة فى الستينيات، وحتى بعد وقوع النكسة، ثم الفقدان التدريجى لوجودنا هناك عقب نصر أكتوبر، لنصل إلى ذروة المأساة عندما تم شخصنة العلاقات على خلفية محاولة اغتيال مبارك فى أثيوبيا.
نعم؛ كلنا مدانون، لكن ماذا بعد التسليم بالإدانة؟
الوجود البروتوكولى لا يكفى، بينما كل القوى الإقليمية والدولية تعزز مواضع أقدامها فى أفريقيا عبر ترسيخ المصالح وضخ الاستثمارات، والمدهش أن ثمة غيابا عربيا، وإن وجد فإنه يتخذ شكلا صراعيا ينتقص من الدور المصرى!
عودة مصر يتطلب جهداً مؤسسياً، بدوره يستدعى وجود وزارة مستقلة للشئون الافريقية، وإلا فإننا سنظل نراوح فى دائرة الإدانة!