في قصة سد النهضة الاثيوبي بعض الجوانب لا تبعث علي الاطمئنان ولا تدعو للراحة ولا تساعد علي حسن الظن وبناء الثقة، منها علي سبيل المثال وليس الحصر، ما رأيناه من تعمد الجانب الاثيوبي الإعلان المفاجيء عن تحويل مجري نهر النيل الازرق، تمهيدا للبدء في انشاء السد، في ظل الظروف المضطربة والدقيقة التي كانت تعيشهامصر في مايو 2013، وانشغالها التام وغرقها بالكامل في مشاكلها واحوالها الداخلية.
ومنها ايضا ما قامت به اثيوبيا من تعديلات مفاجئة في حجم وسعة السد والبحيرة الخلفية له، حيث كانت قد اعلنت ان السد متوسط الحجم وان سعة البحيرة التي خلفه لن تتجاوز «14» اربعة عشر مليار متر مكعب من المياه، لان الهدف هو انتاج الكهرباء وليس تخزين المياه،...، ثم اذا بها تعدل ذلك لتصبح السعة التخزينية للسد «75» خمسة وسبعين مليار متر مكعب من المياه، وهو تعديل هائل وله تأثير بالغ الضرر والخطورة علي مصر، وايضا السودان.
ورغم ان كلا الامرين من جانب اثيوبيا لايدعوان إلي الاطمئنان، ولا يتفقان مع ما يجب ان تتسم به العلاقات بين الدولتين من ود وصداقة ومراعاة كل طرف لمصالح الطرف الاخر وعدم الاضرار به، وبالرغم من مخالفة الموقف والتصرف الاثيوبي للقوانين الدولية المنظمة للتعامل بين الدول المشتركة في حوض نهر واحد وكذلك القوانين المنظمة للتعامل بين الدول بخصوص الانهار العابرة لاراضي دول متعددة،.....، الا ان مصر ما بعد 30 يونيو لجأت للخيار السلمي والتفاوضي، واعلنت سعيها للتوصل إلي حل للمشكلات علي اساس حسن النية ورعاية المصالح المتبادلة، والحرص علي تحقيق المصلحة الاثيوبية دون الاضرار بمصر، ودون المساس بحصة مصر وحقوقها التاريخية والمشروعة في مياه النيل.
وفي هذا الاطار جاءت زيارة الرئيس السيسي لاثيوبيا وجاءت اللقاءات المتعددة مع رئيسها ورئيس وزرائها والمسئولين الكبار فيها، وتم التوصل إلي اعلان المباديء الذي وقعه زعماء مصر والسودان واثيوبيا في الخرطوم في مارس الماضي، وهو الاعلان الذي يحدد الاطار العام للمفاوضات حول سد النهضة، علي اساس عشرة «10» مباديء تلتزم بها الدول الثلاث.
هذه المباديء تتضمن التعاون علي اساس التفاهم المشترك، والمنفعة والمصالح المشتركة، وحسن النوايا، والمكاسب للجميع، ومباديء القانون الدولي، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، والتعاون والتكامل الاقليمي في مجال الطاقة، وتوفير البيانات اللازمة لاجراء الدراسات الفنية اللازمة حول السد.
والسؤال المطروح الان، هل التزمت اثيوبيا بتنفيذ هذه المباديء... ام لم تلتزم؟!