للفن التشكيلي مكانة خاصة في حياتي واعتبره مصدر بهجة وغذاء للروح استمد منه الطاقة علي مواجهة ضغوط العمل واهرب فيه للحظات من قسوة الواقع الذي نعيشه وخاصة انباء وصور المجازر والحروب التي أصبحت تحاصرنا وتقتحم حياتنا يوميا. واحرص دوما ومهما كانت مشاغلي وارتباطاتي، علي تخصيص الوقت لمتابعة الحراك الفني والثقافي وزيارة المعارض واقتناء الاعمال الفنية سواء لكبار الفنانين أو لشباب في اول مشوارهم الفني فالفن بالنسبة لي واحة راحة وهدنة لالتقاط الانفاس.
ومن خلال الفن ومن بابه الراقي كان اول تعارف بيني وبين صديقي العزيز الفنان فاروق حسني وبداية صداقة وطيدة ومتينة نشأت بيننا وامتدت لأكثر من عشرين عاما. ولأول لقاء لنا قصة طريفة تدل علي سرعة بديهة وخفة ظل فاروق حسني الانسان...فقد قابلته اول مرة في حفل افتتاح مبني الاوبرا المصرية وقد تصادف وقتها ان احد مشايخ الاخوان في البرلمان قد تقدم باستجواب ضده متهما له بالسماح بعرض فيلم للمخرج الإيطالي فيللييني في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي به مشاهد جنسية وعري حسب رأي النائب فانتهزت الفرصة وانا اصافحه وسألته مداعبا ماذا سيكون ردك علي الاستجواب المقدم ضدك فقال لي : سأسأله هل شاهدت الفيلم يا مولانا فاذا قال لا لم اشاهده فساقول له كيف اذن تحكم علي الفيلم وانت لم تشاهده... فرددت وماذا لو اقر بانه قد شاهد الفيلم فعلا...فرد ضاحكا :سأقول له ومش عيب برضه يا مولانا تتفرج علي فيلم زي ده !!!
ويوم الاحد الماضي اجتمع أصدقاء فاروق حسني ومحبو فنه ليحتفلوا معه بتوقيع كتاب «فاروق حسني» الذي يوثق تاريخه الفني واهم المحطات الفنية في حياته. وكان لي شرف المساهمة في صدور هذا الكتاب بصفة شخصية نظرا لارتباطي بصداقة عميقة معه خاصة انني وهو قد خضنا معارك كبيرة ضد القوي الظلامية وتصدينا لها ولمحاولاتها المستمرة للرجوع مرة أخري. وانا أيضا حريص علي توثيق اعمال وتاريخ هذا الفنان المبدع القامة فمن المهم أن يكون في مصر فنانون لهم وضع ومكانة عالية مثل الفنان فاروق حسني. وكانت لفتة جميلة عندما وجه فاروق حسني الشكر للحضور قائلا أنا اليوم موجود وسط أصدقائي وأحبائي كما وجه الشكر لدار النشر التي أصدرت الكتاب لإيمانها برسالة الفن ولتمتعها بالشجاعة علي إصدار مثل هذه الكتب رغم علمهم أنها كتب غير مباعة وتكلفتها مرتفعة للغاية.
وكم تعرض فاروق حسني للهجوم ورغم معاناته كان دائما ثابتا وشجاعا في مواجهة الاتهامات التي كيلت له والظلم الذي تعرض له علي يد اعدائه وقد كان هذا الحفل الذي حضره عدد غفير من الشخصيات العامة والإعلاميين والكتاب والفنانين ابلغ رد علي كل الاتهامات الحاقدة بل كان مظاهرة حب وتكريم لشخص وفن فاروق حسني الفنان والانسان وشهادة حية علي ان المناصب تزول وتبقي القيمة الحقيقية للإنسان.
فاروق حسني كما اعرفه هو المحارب الجسور ضد القبح وقوي الظلام وعلي الصعيد الشخصي لمن يعرفه عن قرب فهو يتمتع باعلي درجات الانسانية وطيبة القلب... صديق صديقه يتمتع بخيال واسع وذكاء حاد وعلي درجة عالية من الثقافة في مختلف نواحيها من فن وموسيقي ومسرح وادب ومتبحر في العلوم الانسانية والفلسفة وحوارات الاديان. لن انسي زيارتي للاكاديمية المصرية في روما وانبهاري بكم الانجازات التي قام بها فاروق حسني عندما كان رئيسا لها والبصمة المميزة التي تركها وراءه والتي لم ينجح احد من من تولوا المنصب بعده في ترك اي علامة او اثر يضاهيها.
ازعم اني واحد من اهم مقتني الاعمال الفنية المصرية سواء كانت لفنانين رواد او لشباب الفنانين والحقيقة اني رغم كثرة اسفاري الا اني اركز علي اقتناء الفن المصري فانا علي قناعة بان المصري اولي بفن بلده وان لم يشتريها هو فمن الذي سيشتريها ؟ ولذلك استطيع ان اؤكد ان اعمال فاروق حسني تتفوق علي اعمال كثيرين من مشاهير الفن الحديث والمعاصر الاجانب وقد كررت له مرارا انه يجب ان يعرض لوحاته في نيويورك حيث سوف يحقق نجاحا كبيرا وسوف تباع لوحاته بمبالغ باهظة.
اعتبر نفسي محظوظا لاني قريب من فاروق حسني واعتز جدا بصداقته واقول له مبروك الكتاب وان شاء الله تحقق احلامك ومشاريعك الثقافية كلها وتمتعنا دائما بفنك الراقي المتجدد