"كتبت هذه القصة في الزنزانة رقم 198 بسجن ليمان طرة. الزنزانة طولها ثلاثة أمتار وعرضها متران. نوافذها مغطاة بالقضبان الحديدية. كان زملائي في السجن يُهرّبون أوراق القصة ورقة بعد ورقة.. ويتعرضون لأقسى أنواع العقوبات.. القلم والورقة ممنوعان!..

تحية لكل مسجون أو صديق مجهول خارج السجن اشترك في تهريب القصة أو مراجعتها". «توقيع مصطفى أمين»

قبل 25 عامًا رأت النور واحدة من أروع القصص المعبرة عن أزمة «حرية الصحافة»، وازدادت روعتها لكونها من تأليف الأستاذ الراحل مصطفى أمين، وكأن أزمة ما تمر به نقابة الصحفيين الآن تعبر عنها قصة «لا».

وهو ما أكده صحفيو مصر، الأربعاء 4 مايو، خلال الاجتماع الطارئ لنقابة الصحفيين، كذلك رؤساء تحرير الصحف، ويحيى قلاش، في كلمتهم.

من كلمة يحيى قلاش «نقيب الصحفيين»:

"لقد قيل إن الصحفيين يريدون أن يصبحوا «فوق القانون» أو «دولة داخل الدولة»، وهذا كذب صريح، فلسنا إلا مواطنين نخضع لسيادة القانون كغيرنا، ولكن الأزمة لا تتعلق بنا كأفراد بل بضمانات ممارسة مهنتنا التى يجب أن تكون محصنة من تجاوز أية سلطة ومستقلة عن التهديد والترهيب، لكى تكون قادرة على أداء دورها فى تقديم المعرفة، وكشف الحقائق، وخدمة القضايا الوطنية، ومواجهة الفساد بشتى صوره وأشكاله".

تابع «قلاش»: "إن حرية الصحافة - كاستقلال القضاء وحصانة نواب الشعب - ليست امتيازاً خاصاً للصحفيين، ولكنها حق للمجتمع وضمانة لحرية المواطنين، والاعتداء عليها يمثل إهدارًا للديمقراطية ودولة القانون، وانتهاكاً صارخاً للدستور، وعدواناً على كل مصرى، يحرمه من حقه فى المعرفة. لم يأتِ طلب النقابة بإقالة وزير الداخلية رغبة فى الانتقام أو التصعيد، بل جاء ليعبر عن إرادة حقيقية فى التوصل إلى حل جذرى لهذه الأزمة، فنحن لسنا فى عداء مع الدولة، ولكننا نريد الحفاظ على قيم راسخة منذ 75 سنة".

من قصة مصطفى أمين «لا»:

"ومسح عبدالمتعال من فوق خده أثر الصفعة بيده، واستأنف دخوله إلى زنزانته، بغير أن يعترض أو يفتح فمه، فقد علمته الأيام التي أمضاها في السجن أن الضرب هو أساس الملك!".

"أنا أعيش في عصري وأتكلم لغته. في عصور الظلم والاستبداد تنخفض أسعار العملة عادة، وتنخفض معها قيمة المروءة والوفاء والشرف والصداقة.. وكلما زاد الظلم هبطت قيمة هذه المعاني، حتى تتحول إلى أوراق نقد مزيفة. وإذا ضبطت الحكومة هذه الفضائل عند أحد الأشخاص تحاكمه كما تحاكم مزيف النقود".

"إن عبدالمتعال كان يعيش في حاله قبل أن يدخل السجن.. لم يكن يتكلم في السياسة.. لم يكن يهاجم الفساد في الدولة.. لم يفتح فمه بكلمة واحدة عن الرشوة والفساد واستغلال النفوذ.. كل ما فعله أنه كان يؤدي عمله في الشركة بذمة وأمانة وإخلاص، ومع ذلك وجد نفسه في السجن بلا جريمة، ثم وجد نفسه خارج السجن بغير اسم!".

"في العهود التي يسود فيها القانون يمكنك أن تمشي فوق رصيف الشارع آمنًا بأن السيارات وعربات الترام لن تصدمك.. فالسيارات تحترم إشارات المرور، وعربات الترام تمشي فوق القضبان. وعندما تداس سيادة القانون بالأقدام، يفاجأ السائر فوق الرصيف بالسيارات تسير فوق الرصيف وتدهسه، وبعربات الترام تدخل البيوت الآمنة فتهدها على من فيها.. ذلك أن القانون للحاكم هو الفرامل للسيارة، والويل للشعب عندما يصبح الحاكم بلا فرامل!".