حتي ندرك أهمية المشروع الذي دشنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في واحة «الفرافرة» كبداية لاستصلاح مليون ونصف المليون فدان.. فإن علينا أن نعلم أن حجم الأرض الزراعية في كل مصر حالياً في حدود ثمانية ملايين فدان فقط. هذا يعني أن اضافة هذه المساحة يساوي ما يقرب من ١٨٪ من حجم المساحة القابلة للزراعة.
اتمام هذا المشروع يمثل انجازا هائلا لصالح الأمن الغذائي ومساندة غاية في الايجابية لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. انه يعد مشروعا قوميا اصبحنا في اشد الحاجة اليه بعد فقدان مئات الآلاف من الأفدنة الزراعية التي تحولت الي ابنية بعيدا عن أي تخطيط. حدث ذلك نتيجة حالة الانفلات التي اصابتنا بعد ثورة ٢٥ يناير وسادت كل انحاء هذا الوطن. إن جهود الدولة بعد استعادة توازنها وعودة سيادة القانون في أعقاب ثورة ٣٠ يونيو كان لابد ان تتواصل لازالة هذه التعديات ولكنها لم تحقق سوي أقل من ٢٠٪ من هذه المهمة حتي الان.
من المؤكد أن اتمام استصلاح المليون ونصف المليون فدان سوف يعوض هذه الخسارة الفادحة التي لحقت بأرضنا الزراعية نتيجة الفساد وغياب احترام القوانين التي تحظر العدوان علي الأرض الزراعية. وفي هذا المجال وتجنبا لتكرار كارثة تبوير الأرض الزراعية تلبية لمتطلبات الاسكان فإنه من الضروري أن تكون الدولة جاهزة بالبديل المتمثل في إعداد وتجهيز الأراضي الصحراوية غير الصالحة للزراعة بعيدا عن الاستغلال لسد احتياجات البناء. وفي هذا الشأن فإنه يتحتم أيضا في اطار معالجة هذه المشكلة التاريخية الانتهاء من إعداد مشروع كردون المدن والقري الذي مازال يتعثر.
وعلي أساس أن أراضي المليون ونصف المليون فدان ستعتمد علي مخزون المياه الجوفية التي سيتم استخراجها بحفر الآبار فإنه وحتي لا يتم اهدار هذه المياه الغالية فإن ري هذه الأراضي بعد استصلاحها لابد أن يتم بطرق الري الحديثة التي تعتمد علي نظام التنقيط. إن فائدة هذه النظم لا تقتصر علي توفير المياه فحسب وإنما يمتد أيضا إلي الحفاظ علي خصوبة الأرض ومعدلات انتاجها كما يستهدف المشروع اقامة مجتمعات زراعية صناعية عمرانية متكاملة لتوفير فرص العمل وهو ما يدخل في اطار مخطط التنمية الشاملة المتكاملة.
حول هذا الأمر فإنه معلوم للكافة ما أدت إليه نظم الزراعة بالغمر من اضرار بالغة بالأرض الزراعية في دلتا نهر النيل وهو ما أدي إلي اهدار مياه الري وازدياد حجم المياه الجوفية في باطن الأرض. أدي هذا الأسلوب علي مر السنين الي اصابة الأرض الزراعية بظاهرة التطبيل التي قلصت من إنتاجية المحاصيل. بالاضافة الي ما تتطلبه من تكاليف باهظة لصرفها
لا جدال أن الوقت قد حان وعلي ضوء أزمة المياه الذي تواجهها مصر نتيجة الزيادة السكانية الهائلة وثبات حصتها من مياه النيل. أصبحت في حاجة إلي تبني مشروع قومي لتحويل الري بالغمر إلي ري بالرش أو بالتنقيط. من المؤكد ان اقامة هذا المشروع سوف يوفر قدرا من المياه تسمح بتنفيذ مشروعات جديدة لاستصلاح أراضي الصحراء التي تمثل أكثر من ٩٠٪ من مساحة الدولة المصرية