الأزمة التي تثيرها إيران مع الشقيقة السعودية الآن أكبر من إعدام الداعية السعودي نمر باقر النمر ضمن ٤٧ متهما بالإرهاب كان منهم أربعة فقط من الشيعة أحدهم نمر النمر.
والأزمة أيضا أكبر من حرق السفارة السعودية في طهران.. والرد علي ذلك بقطع السعودية لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
الأزمة في قضيتها هي في خطط إحراق المنطقة بالصراع المذهبي بين السنة والشيعة وان المخطط الذي بدأ مع ثورة الشعب الإيراني في ١٩٧٩ ثم استيلاء الخوميني علي السلطة واقامة حكم ديني وإبعاد كل القوي المدنية التي شاركت في الثورة. ثم البدء في محاولة اختراق دول الخليج والعالم العربي باسم تصدير الثورة. وليبدأ الصراع مع حرب الثماني سنوات مع العراق، ثم يستمر ويتصاعد بعد أن تلاقت مصالح أئمة طهران مع المخططات الأمريكية لتفتيت المنطقة وإعادة تقسيم دولها. وليكون العراق هو النموذج الأول لما يراد للعالم العربي.. حيث تم تدمير الدولة وإغراقها في جحيم الحرب الطائفية برعاية أمريكية - إيرانية مشتركة منذ عشرين عاما وحتي الآن!!
وكم هو محزن لمثلي ممن عاشوا زمنا كانت العروبة فيه هي ما يجمع أبناء الوطن العربي من المحيط إلي الخليج.. أن يري اليوم قيادات تتبجح في طهران بأن أعلام إيران ترتفع في عواصم أربع دول عربية.. والبقية تأتي!!
وكم هو كارثي أن يتم استنزاف الدول العربية في حروب داخلية، وأن يتم إطلاق المنظمات الدينية المتطرفة، والدواعش بمختلف جماعاتهم، والميليشيات التي تدعي تمثيل الشيعة.. كل ذلك لكي تخفي حقيقة الصراع الذي يدور في المنطقة للهيمنة عليها من جديد، ولتقسيم دولها لاخضاعها لسيطرة القوي الخارجية، وتوزيع النفوذ فيها علي القوي الاقليمية غير العربية.. وتنصيب إيران حاميا للشيعة، وتركيا ممثلة للسنة.. وإسرائيل فوق الجميع!!
الوضع خطير.. والقضية ليست إعدام عدد من المواطنين في السعودية بتهمة الإرهاب أو حرق السفارة السعودية في طهران.. القضية هي التوسع الإيراني، الخطر هو إغراق المنطقة كلها في حروب طائفية يعرف من يشعلونها أنهم لا يفعلون ذلك من أجل الدين بل في إطار صراع سياسي ينبغي مواجهته بحسم.. ولكن بعيدا عن الوقوع في المصيدة التي يريد البعض أن نقع فيها بتحويل الأمر إلي صراع ديني لا ينتهي.
ولعل مسئولية مصر هنا هي الأكبر.. فهي المؤهلة - بحكم التاريخ والواقع والنضال الطويل - لأن تعيد الأمور إلي نصابها. وأن تعيد الصراع إلي أصله الحقيقي بين عروبة تريد أن تحقق ذاتها، بعيدا عن تدخل فارسي أو عثماني، أو إرهاب يحقق مصالح الأعداء، أو مخططات تريد إعادة تقسيم المنطقة.
ولا يعني ذلك أن ننخرط في صراع عبثي أو تحالفات طائفية. ولكن يعني بناء موقف عربي يبني القوة التي تحمي كل شبر عربي من العدوان، والذي يقطع كل يد غريبة تتدخل في الشأن العربي. والذي يدرك جيدا أنها ليست معركة الطوائف بل معركة العروبة ضد أعدائها!!