انتهي منذ ايام العام الاول للحملة القومية لإنقاذ نهر النيل، والتي انطلقت في 5 يناير 2015، واستهدفت التعامل مع جبل من التعديات علي النهر بلغ عددها خمسين ألف تعد متنوع. استشرت علي جسد النهر في كل المحافظات المطلة علي النيل، جاءت المنوفية في المركز الاول بإجمالي تعديات بلغ 11 ألف حالة تليها الدقهلية بـ 6800 حالة، ثم دمياط (5287) والغربية (5254) والجيزة (2401) والقليوبية (2003).
وكان مكمن الخطورة في دلالة تلك الارقام هو ازدياد الحالات التي تستقر اوضاعها بحكم الامر الواقع ولظروف اجتماعية يجعل من الصعوبة التعامل معها، وهي حالات بلغ إجماليها حوالي 28 الف حالة تعد جرت خلال الثلاثين عاما الماضية. لذلك كان لابد من اطلاق حملة انقاذ للنهر بما تحمله كلمة انقاذ من معاني للأهمية والسرعة.
رحبت كل الجهات المسئولة بالمشاركة في الحملة، وبلغ الامر ان الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بنفسه بالتوقيع علي «وثيقة النيل» في أبريل 2015 التي أعلن فيها انضمامه للجنة «حراس النيل» التي تستهدف حماية النهر من التعديات والتلوث وحفاظًا عليه كمصدر وحيد للحياة في مصر. وهذه الوثيقة محفوظة الآن ضمن مقتنيات متحف النيل بأسوان.
تضمنت انشطة الحملة توقيع عدد من بروتوكولات التعاون مع الازهر الشريف والكنيسة الارثوذكسية تم من خلالها إلقاء ندوات دينية عن اهمية الحفاظ علي النهر من علي منابر المساجد وفي الكنائس، كما اشتركت ايضا في الحملة وزارات التربية والتعليم والثقافة والأوقاف. تضمن بروتوكول التربية والتعليم مراجعة وتنقيح المناهج لمختلف المراحل التعليمية فيما يخص الموارد المائية وتشكيل لجنة مشتركة من الوزارتين لمراجعة تلك المناهج بمختلف مراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية، كما تم تنظيم مسابقة سنوية تحت عنوان» النيل مستقبلنا» لنشر الوعي المائي بين طلاب المدارس بمختلف مراحلها شارك فيها سبعة آلاف طالب وتلميذ ينتظرون جوائز خصصتها وزارة الموارد المائية والري بقيمة مائة ألف جنيه.
كما تم التعاون مع وزارة الثقافة من خلال عقد 8 ندوات توعية بقضايا المياه المختلفة وضرورة الحفاظ علي النيل من التلوث والتعديات، وتنوعت أماكن عقد هذه الندوات مابين مراكز شباب ومدارس وقصور ثقافة ومكتبات. وشاركت الإذاعة المصرية في الحملة من خلال بث نشرة مائية أسبوعية يتم بث عداد النيل بها وتحتوي علي أخبار وموضوعات للحفاظ علي نهر النيل. كما قام التليفزيون المصري بدور هام من خلال تخصيص فقرة ثابتة في نشرة التاسعة مساء لتسلط الضوء علي حالات الإزالة التي تتم يوميا. كما تم إنتاج أربعة تنويهات تليفزيونية للتوعية بضرورة الحفاظ علي نهر النيل من التلوث والتعديات، وقد شارك فيها مجموعة من الفنانين والرياضيين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي بشكل تطوعي مساهمة منهم في فاعليات الحملة. كما قامت وزارة الاتصالات بتخصيص رقم ساخن للحملة للإبلاغ عن التعديات (15116).
وبالتوازي مع مسار التوعية كان لازما الالتفات إلي العقوبات الهزيلة المقررة في قانون الري رقم 12 لسنة 1984، فصدر قرار بقانون للرئيس عبد الفتاح السيسي بتغليظ عقوبة التعدي لتصل إلي خمسين ألف جنيه بعد ان كانت تصل في بعض الحالات إلي 300 جنيه، مع إزالة التعدي علي نفقة المخالف بالإضافة إلي الغرامات المقررة والتي تصل إلي 37% من قيمة المخالفة وذلك طبقاً للقانون.
واجهت الحملة في عامها الاول مقاومة شرسة اثناء عمليات الازالة، تعديات لفظية وبدنية احيانا، ومقاومة شديدة من المتعدين، ولولا المساندة والحكمة التي تبديها الاجهزة الشرطية لكان من الصعوبة تحقيق نتائج ملموسة. لذلك حرصت علي المشاركة في عديد من الحملات التي جرت في اسوان واسيوط ودمياط والقاهرة والجيزة، وكانت مشاركتي تحمل رسالة لزملائي المهندسين والعاملين بالوزارة انهم لايقفون وحدهم في مواجهة المتعدين علي النيل. نتائج العام الاول للحملة مبشرة، فقد بلغت حصيلتها 7318 إزالة علي المجري الرئيسي للنيل، بالاضافة إلي ازالة 20 الف تعد علي الترع والمصارف بمختلف محافظات الجمهورية. كما امتدت الحملة لأول مرة إلي ملف الأقفاص السمكية، التي انتشرت في المجاري المائية بالمخالفة للقانون معتمدة علي فرض الامر الواقع. فتم تطهير فرع دمياط منها للمرة الاولي منذ سنوات.
لقد نجحت الحملة في عامها الاول في تحقيق نتائج جيدة تشجعنا علي الاستمرار في فاعلياتها للعام الثاني علي التوالي لتتحول من حملة مؤقتة إلي برنامج واضح المعالم ومستدام الانشطة حتي يعود النيل كما كان..نيلا بلا تعديات.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء.