..وبناءً عليه فإنني أرجو ألا يستجيبوا لدعوات التظاهر والعنف في 25 يناير..حتي لا نشوِّه عيد الثورة الشعبية السلمية الأكثر إشراقاً وإلهاماً وإبداعاً في تاريخ مصر والعالم..

هي الثورة الشعبية الأعظم والأجمل والأنبل في تاريخنا بلا جدال..ولكنها لم تكتمل..وإذا لم تكتمل الثورة بتحقيق كل أو جُل أهدافها تصبح «نصف ثورة» وتلك كارثة بكل المقاييس..نعم..تم سرقة الثورة أو إختطافها من بين أيدينا بينما كنا نردد الأغاني والأناشيد في الميدان ابتهاجاً بالحلم الأهم والأعز في حياة كل منا!!..وسبق أن وصفتُ ما حدث بأنه كما لو كان فرحاً كبيراً عامراً ثم جاءت عصابة من قُطاع الطرق واختطفت العروس في غفلة من الجميع..وحتي الآن ما زلنا في إنتظار عودة العروس كي تكتمل الفرحة!!..وهي المهمة المقدسة والصعبة التي نذر لها شباب الثورة حياتهم ودفعوا ثمنا غالياً من دمائهم وحرياتهم لإنجازها..ويخطيء مختطفو أو مغتصبو الثورة لو ظنوا أن هذا الشعب سيفرط في حلم التغيير أو يرضي باستبدال الفاشية الدينية بالدولة البوليسية!!..
ويُخطيء أيضاً مَن يظن أن 30 يونيو حركة منفصلة عن 25 يناير قام بها فلول مبارك و»حزب الكنبة» بدعم أجهزة الدولة العميقة..فما 30 يونيو سوي موجة ثانية وعاتية للثورة مهد لها ودفع ثمنها، في مواجهات دامية مع عصابة الإخوان الحاكمة، نفس القوي الثورية التي فجرت وقادت 25 يناير (الشهيد الحسيني أبو ضيف نموذجاً)..إنهم فتية آمنوا بوطنهم وزحفوا للميادين بصدور عارية متحدين جحافل الأمن وآلته القمعية الجبارة..وهم الذين بدأوا في وقت لاحق مقاومة إستبداد وفاشية الإخوان فور صدور إعلان مرسي غير الدستوري، ولم ينتظروا توافر مِظلة التطمينات والحماية للنزول للشوارع والميادين!!..
نعم..هذا هو الفارق بين ثائر حقيقي يضع روحه علي كفه ولا يبغي غير وجه الله والوطن وبين مَن يدّْعي البطولة ويتصور أن «رجولته الثورية « لن تتحقق إلا ب»إخصاء» وشيطنة ثوار 25 يناير!!..بل ظن كثيرٌ من الفلول الذين حملوا الأعلام وذهبوا للميدان برفقة أطفالهم في 30 يونيو أنهم صنعوا ثورة أعظم من «مؤامرة» 25 يناير!!..وفات هؤلاء أن الميدان غير الميدان وأن الحشد غير الحشد وأن الأغاني والهتافات تغيرت وأن «الكعكة الحجرية» لا تفتح أحضانها إلا للأحرار الزاحفين بفدائية وبملء إرادتهم!!..
صحيحٌ أن ثورة يناير تعرضت للإختطاف من غِربان الإخوان والسلفيين المدعومة من قوي الرجعية المحلية والإقليمية والدولية التي أزعجها وهز عروشها «تسونامي التحرير»، ولكنها كانت وستظل الثورة الشعبية الأكبر والأعظم والأنصع في تاريخ البشرية بإعتراف العالم المتحضر وقادته الذين رقصوا علي أنغام «التحرير»، ذلك الميدان الأشهر والأقدس الذي ألهم ولا يزال ثورات وانتفاضات العالم التالية من ميدان التايمز في نيويورك وحتي ميدان تقسيم التركي!!..
بقي أن نعرف ونؤمن بأن شُعلة ثورة يناير لا تزال متقدة وحية في قلوب شبابها العازمين علي تحقيق كل أهدافها مهما كان الثمن..والمؤمنين بأنه بالرغم من تعثرها الآني إلا أنها حققت الكثير من الإنجازات المعنوية..إذ فضحت نفاق الإخوان والسلفيين وخيانتهم وعداءهم للثورة والثوار وكسرت حاجز الخوف لدي المصريين وجعلت من الصعب خداعهم أو إعادتهم إلي حظيرة العبودية مُجدداً..وهم حريصون كذلك علي إستكمال ثورتهم بالطرق السلمية لإنتزاع حق الشهداء والإفراج عن المعتقلين وإلغاء قانون التظاهر غير الدستوري ومحاكمة كل من بدد ونهب وخان، وعلي عدم التصالح مع لصوص عصر مبارك أو الجماعات الإرهابية..وبناءً عليه فإنني أرجو ألا يستجيبوا لدعوات التظاهر والعنف في 25 يناير..حتي لا نشوِّه عيد الثورة الشعبية السلمية الأكثر إشراقاً وإلهاماً وإبداعاً في تاريخ مصر والعالم والتي كان لي شرف المشاركة فيها وذلك أعلي وأغلي وسام في حياتي..