من ثم فإن من حقنا.. ومن واجبنا أن تظل عيوننا مفتوحة متابعة لما يتم تدبيره في ليبيا لنا علي أرضها، ومن البديهي أن ذلك يعني ضرورة حشد الجهود والامكانيات المخابراتية والعسكرية والقبائلية والثقافية

من حقنا.. بل من واجبنا أن تظل عيوننا مفتوحة علي ما يجري في ليبيا، وأن تظل عقولنا متيقظة لما تشهده ساحتها الملتهبة، فما يحدث هناك منذ الإطاحة بحكم القذافي يحمل في ثناياه مخاطر رهيبة ليس بالنسبة للشقيقة ليبيا وحدها بل بالنسبة لنا وبالنسبة لتونس بل بالنسبة للأمة العربية كلها، وان كان الأمر بالنسبة لنا أكثر دقة وأكثر خطورة، ذلك لأننا الهدف الأكبر لما تم تدبيره وتخطيطه في ليبيا، فنحن مازلنا «الجائزة الكبري» التي بسقوطها يتوالي سقوط الأمة العربية وتكرار المصير العراقي الأسود والمصير السوري المهيأ للسواد، كما أن اعداءنا لن يغفروا لنا أننا أجهضنا أو أوقفنا «مخطط الشرق الأوسط الجديد» عندما تجرأنا واطلقنا ثورة يونيو وحافظنا علي وحدة أرضنا واستقرارنا وانطلقنا في مسيرة البناء والتنمية والتقدم، وطلقنا بالثلاثة سياسة الانبطاح تحت أقدام الدولة الوحيدة صاحبة المخطط إياه.
ومن ثم فإن من حقنا.. ومن واجبنا أن تظل عيوننا مفتوحة متابعة لما يتم تدبيره في ليبيا لنا علي أرضها، ومن البديهي أن ذلك يعني ضرورة حشد الجهود والامكانيات المخابراتية والعسكرية والقبائلية والثقافية مهما كانت الأعباء المالية في وقت نسعي فيه لإنقاذ اقتصادنا المرهق!
لذلك لابد أن نتوقف أمام المحنة الليبية.. ونتأملها من خلال الاسئلة المنطقية التي تكشف في ثناياها ما يكمن من حقائق، وما يتخفي من أهداف ونوايا.
السؤال الأول: هل يمكن أن يتم تفعيل «اتفاق الصخيرات» الذي عقد في ١٧/١٢/٢٠١٥ وأداره المتفائل- ولا أقول المتواطئ- «مارتن كوبلر» المبعوث الأممي لليبيا، وبالتالي هل يمكن قيام حكومة التوافق الوطني برئاسة «فائز السراج»؟
الاجابة: حتي هذه اللحظة مازال الأمل في ذلك ضعيفا واهيا في تشكيل الحكومة المنوط بها توحيد الجهود في مواجهة الإرهاب الداعشي وغير الداعشي، وإغلاق ملف الفوضي والصراعات التي تكاد تقضي علي الأخضر واليابس، وانهيار الدولة تماما.
السؤال الثاني: من إذن يتحمل المسئولية في إعاقة تشكيل الحكومة؟
الاجابة: ١- الخلافات الحادة بين الفرقاء الليبيين حيث يسعي كل فريق لاقتناص أكبر قدر من كعكة الثورة أو - قل- اقتناص أكبر قدر من السلطة والنفوذ.
٢- التشكيل المقترح للحكومة التي تضم «٣٢» وزيرا بعضهم تحيط بهم الشكوك في خلفياتهم وتحركاتهم، إلي جانب ما يبدو من انحياز التشكيل إلي جماعة الإخوان والإسلام السياسي وفصائلهم المسلحة، كما ان العدد الكبير للوزراء يمثل عبئا ماليا قد يرهق الاقتصاد الليبي المتراجع.
٣- ما ظهر في البند الثامن من اعلان الصخيرات من النص علي اعفاء الفريق «خليفة حفتر» من منصبه بمجرد إقرار الحكومة، وقد أكد ذلك بعض التسريبات التي تقول إن الرجل قضي أكثر من عشرين عاما في أمريكا، وأن زوجته أمريكية، وطبعا لا تذكر هذه التسريبات شيئا عن صدام الرجل مع القذافي وهروبه للخارج قبل القضاء عليه، كما لا تذكر دوره الوطني في مواجهة الانفلات والفوضي والإرهاب.
السؤال الثالث: هل نقلت «داعش»، مركز قيادتها إلي ليبيا التي صارت المحطة النهائية للتنظيم الإرهابي وغيره من التنظيمات؟
الاجابة: هذا ما حدث فعلا إذ صارت ليبيا الوجهة الأساسية للتنظيمات الإرهابية بعد النجاح النسبي في ضرب داعش وغيرها خاصة بعد الغارات الروسية الناجحة التي كشفت وأحرجت «دول التحالف»، التي لم تكن جادة في ضرب داعش، فحاولت ان تنقذ ماء وجهها بتكثيف غاراتها داخل سوريا والعراق- هذا إلي جانب وصول الخطر الداعشي التكفيري إلي فرنسا وبريطانيا والتهديد بالوصول إلي أمريكا قائدة التحالف!.. كذلك يمثل اتساع مساحة ليبيا وموقعها الجغرافي، وتفكك مفاصلها أفضل بديل تستغله داعش التي احتلت فعلا مدينة «سرت»، وتكاد تسيطر علي أكبر مرفأ للهلال النفطي في ليبيا.
السؤال الرابع: قبل ان يبدأ الغرب بقيادة أمريكا الحشد للتدخل العسكري في ليبيا، لمواجهة داعش، لماذا تم حظر إمداد الجيش الليبي بالأسلحة مما أدي إلي إضعافه وحرمانه من فرص القضاء علي داعش وهي في مهدها؟
الاجابة: هذا سؤال ساذج يا صديقي، فقد كان - ومازال- حظر تسليح الجيش الليبي، يستهدف انهيار الأوضاع أكثر في ليبيا مما يجعل تواجد داعش اكبر حتي يوجد المبرر للتدخل الأمريكي والغربي!
السؤال الخامس: هل كان من الممكن ان تقوم القوة العسكرية العربية المشتركة بدور واضح في دعم ومساندة ليبيا في مواجهة الفوضي والتمزق والإرهاب؟!
الاجابة: طبعا.. أما لماذا لم يحدث ذلك فاسأل عمن جمدوا القرار الخاص بإنشاء القوة العربية المشتركة الذي فرحنا به وهللنا له عندما تم اعلانه في قمة شرم الشيخ!!
السؤال السادس: هل يدفع المخطط الأمريكي الغربي لدخول ليبيا، والتهديد الداعشي المتزايد فيها الأمة العربية لتجاوز خلافاتها وحساباتها الغريبة إلي احياء فكرة وقرار «القوة العسكرية المشتركة لتقوم بدورها فورا في انقاذ ليبيا والأمة، إلي جانب التحرك الثقافي الذي يحمي الشباب الليبي من افكار المتاجرين بالدين؟
الاجابة: قل.. «يا رب»!!