شهدت العلاقات بين مصر والكونغو الديمقراطية خلال العقدين الأخيرين تطورا إيجابيا علي جميع الأصعدة، ففي مجال الموارد المائية والري

استضافت مصر الاسبوع الماضي رئيس وزراء الكونغو والوفد الوزاري المرافق له. وقد شرفت برئاسة الوفد الرسمي الذي صاحب سيادته اثناء اقامته بالقاهرة، والتي تضمنت برنامجا حافلا لضيف متميز ترتبط بلاده بعلاقات وثيقة مع مصر.
ورئيس الوزراء الكونغولي تولي عدة مناصب حتي تم تعيينه من قبل الرئيس كابيلا رئيسا للوزراء في أبريل 2012. لنجاحه في ادارة الملف الاقتصادي في بلاده ليحقق معدلات نمو جيدة.
وقد تضمن البرنامج زيارة منطقة الاهرامات حيث ابدي سيادته انبهاره بالهرم الأكبر وأبو الهول، مؤكداً عشقه للقاهرة منذ أن كان طالباً يدرس فيها. كما تضمن البرنامج ايضا زيارة قناة السويس كنموذج للإرادة المصرية القادرة علي العطاء، وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون بين الهيئة الاقتصادية لتنمية منطقة قناة السويس وهيئة تنمية سد إنجا.
وقد ألقي رئيس وزراء الكونغو محاضرة بجامعة القاهرة تحت عنوان «القيادة والحوكمة والتنمية في إفريقيا» حضرها أكثر من20 سفيراً من الدول الإفريقية والعربية بدت فيها رؤيته الواسعة لتحقيق التنمية في قارة افريقيا.
مصر والكونغو الديمقراطية يرتبطان بعلاقات استراتيجية عميقة ترجع إلي ستينيات القرن الماضي، حيث كان لمصر دور هام لمساعدة الكونغو للقضاء علي الاستعمار ودعم الرئيس الكونغولي الراحل لومامبا، وارتبط البلدان بعلاقات وثيقة في مختلف المجالات ظهرت من خلال دعم الكونغو الديمقراطية لمصر في كثير من المواقف اقليميا ودوليا، كما تبدو هذه العلاقات في التوافق بين الدولتين في الرؤي حول العديد من القضايا المشتركة، ولعل تطابق وجهات النظر بين الدولتين حول قضايا مياه النيل دليلاً علي ذلك، حيث تتفق الدولتان علي أهمية استمرار التفاوض بين كافة دول حوض النيل للوصول إلي التوافق الامثل للمضي قدماً في تنفيذ المشروعات التنموية الكفيلة بتحقيق كافة مصالح دول الحوض، وانعكس هذا التوافق عملياً في عدم توقيع الدولتين علي الاتفاقية الاطارية. كما تأكد نفس الموقف علي لسان رئيس الوزراء بالقاهرة والذي اكد دعم بلاده لموقف مصر في ملف سد النهضة.
لقد شهدت العلاقات بين مصر والكونغو الديمقراطية خلال العقدين الأخيرين تطورا إيجابيا علي جميع الأصعدة، ففي مجال الموارد المائية والري وقعت مصر والكونغو في ديسمبر 2010 علي بروتوكول للتعاون بين الدولتين، حيث اتفقت الدولتان علي ضرورة تقديم الدعم الفني للتعرف علي خصائص حوض نهر الكونغو وتحديث كافة الدراسات ذات الصلة، وإعداد الدراسات الهيدرولوجية والجيوفيزيقيه للمياه السطحية والجوفية، بالإضافة إلي تقديم الدعم الفني وصياغة برامج التوعية البيئية للحفاظ علي نوعية المياه، فضلاً عن دراسة امكانية حفر وصيانة العديد من الابار الجوفية وبناء القدرات للكوادر الكونغولية في مجال الادارة المتكاملة للموارد المائية، ولكن للأسف لم يتم تفعيل البروتوكول.
وترسيخاً للتعاون بين الدولتين في مجال تنمية الموارد المائية في الكونغو، تم التوقيع علي بروتوكول للتعاون الفني في مارس 2012 بقيمة اجمالية تقدر بنحو 10.5 مليون دولار تضمن العديد من المكونات التي تغطي كافة المجالات المتعلقة بالموارد المائية مثل مشروع اعداد دراسة الجدوي لإنشاء بنية تحتية كهرومائية لإنتاج الطاقة من نهر السمليكي، وإنشاء مركز للتنبؤ بالفيضان والتغيرات المناخية، كما يتضمن البروتوكول حفر 10 آبار مياه جوفية مزودة بشبكات توزيع، و20 بئرا جوفية تعمل بطلمبات لتوفير مياه الشرب لخدمة السكان والثروة الحيوانية، فضلاً عن المكون الخاص بتبادل الخبرات من اجل الاستفادة من الخبرات المصرية، وبناء القدرات في مجال الموارد المائية والري والزراعة والكهرباء، وعند تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الدولة وتوجيهه بتفعيل التعاون مع دول حوض النيل تم لأول مرة تفعيل هذا البروتوكول من خلال الزيارات المتبادلة التي قمت بها للدولة الشقيقة تم الاتفاق علي السير في كافة مجالات التعاون، وجار تجهيز مركز التنبؤ بالفيضان لافتتاحه يونيو القادم وطرح عمليات تنفيذ الآبار واختيار الشركة المنفذة واستضافة عدد كبير من ابناء الكونغو لتدريبهم لرفع القدرات البشرية.
وقد كانت كلمات رئيس الوزراء الكونغولي عند مصاحبتي له في سيارته اثناء تجواله، نحن نفخر بأن مصر قامت بمشاريع عملاقة وننظر اليها علي انها الشقيقة الكبري للدول الافريقية معبرا عن تقديره البالغ للشعب المصري وقيادته، وأيضا توجه اثناء زيارته لمقابلة السيد/ رئيس الجمهورية وتوجيهات رئيس الجمهورية للوزراء بتقديم كل العون لهذه الدولة الشقيقة وكلمات رئيس الوزراء بالشكر والتقدير علي حفاوة اللقاء والضيافة، هذه هي شمس مصر تؤكد علي تواجدها باستمرار.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء.