في ذكرى ميلاه الـ 109 «الغيطاني» كشف أسرار «نجيب محفوظ»

نجيب نحفوظ و جمال الغيطاني
نجيب نحفوظ و جمال الغيطاني
ظل نجيب محفوظ له تأثير وأثر حاضرًا في نفوس محبيه وبالأخص الأديب الراحل والكاتب الصحفي «جمال الغيطاني»، الذي كان يعتبر صاحب نوبل هو الأب الروحي لإبداعه وأدبه، فقد عاشا في نفس البيئة التي ألهمتهم بالجمال والإبداع الذي تجلا في رواياتهم وقصصهم.
 
وظل «جمال الغيطاني» يتحدث عن أمير الرواية العربية نجيب محفوظ واثره في نفسه في كل المحافل واللقاءات وحتى في جلسات الأصدقاء، وظل يسرد ما تعلمه منه لتلاميذه، لكي تعم الفائدة وترتقي أجيال المبدعين الشباب، سواء في العمل الصحفي أو الكتابة الإبداعية.
 
 
وكان أخر لقاء لـ«جمال الغيطاني» في صالون الأوبرا الثقافي قبل وفاته بفترة قصيرة جدا، هو أخر مرة يتحدث فيها الغيطاني عن معمله صاحب نوبل نجيب محفوظ، واستعرض الغيطاني خلال الصالون أسباب تفوق نجيب محفوظ وتميزه الإنساني والأدبي.
 
أسباب تميز نجيب محفوظ
ولكي يوثق الغيطاني أسباب نجاح تميز «أمير الرواية العربي»، نجيب محفوظ، دونها في روايته «شيكاغو الدرس الثاني»، وقال الغيطاني في روايته أن أهم أسباب نجاح نجيب محفوظ هو النظام قائلًا: "تعلمت التنظيم الحديدي للوقت، أدرك أن العمر ضيق، أن العمر قصير والعلم كثير، وما أريد البوح به أدبا أكثر، وأن السنوات تمضي مسرعة، والأدب ليس نزوة، وأنه في حاجة إلي جهد كبير، هائل، إلي المعايشة العميقة لحياة الناس، إلي التحصيل المستمر، قال لي نجيب محفوظ: «‬نعم أنا منظم، والسبب في ذلك بسيط، إذ عشت عمري كموظف، وأديب، ولو لم أكن موظفا لما كنت اتخذت النظام بعين الاعتبار، كنت فعلت ما أشاء وفي أي ساعة أشاء، لكنني في هذه الحالة، كان علي أن أستيقظ في ساعة معينة، وأكون في الوظيفة في ساعة معينة، ويبقي لي من اليوم ساعات معينة، فإن لم أنظم هذا اليوم فسأفقد السيطرة عليه، لقد عودت نفسي علي ساعات معينة للكتابة، وفي البداية كانت روحي تستجيب أحيانا، لكنني مع الزمن اعتدت ذلك، إنني اكتب عادة عند الغروب، ولا أذكر أنني كتبت أكثر من ثلاث ساعات، وفي المتوسط لمدة ساعتين، أشرب في اليوم الواحد خمسة فناجين قهوة وأسهر حتى الثانية عشرة ليلا، واكتفي بخمس ساعات نوم». 
 
 نجيب محفوظ ابتدع المقاهي الثقافية
 
وقال الغيطاني في أخر لقاء له بالجمهور في صالون الاوبرا الثقافي، عند إن الذي ابتدع ظهورالمقاهي الثقافية هو نجيب محفوظ وكان من أكثر روادها ، مشيرًا إلى فترة صباه، حيث كان المتعارف عليه في المجتمع المصري أن الشاب المعتاد الجلوس بالمقهى " فلتان " ، ولذلك لم ادخل مقهى إلا وانا صبي مع والدي في مقابلاته مع أصدقائه ولكن في مرحلة الشباب أصبح الامر محظورا إلى أن أتخذت درب محفوظ، وكنت من المتيمين بأدبه ، وقررت ان أقترب منه أكثر فأكثر.
 
نجيب محفوظ "ابن نكتة"..أشهر قاهري يلعب بالقافية
 
وأكد الغيطاني أن جلساته مع نجيب محفوظ كانت على مقاهي القاهرة، فلم يذهب إلى بيته إلا مرة واحدة، عند فوزة بجائزة نوبل، مشيرا إلى خفة ظل محفوظ ، والذي كانت لديه قدرة بارعة على ارتجال النكات وكان أشهر قاهري يستطيع هزيمة أي شخص في لعبة القافية. 
 
ويذكر أن نجيب محفوظ ولد في 11 ديسمبر 1911 وكانت ولادتع متعسرة جدًا، مما أرهق الطبيب الذي كان يولد أمه، ومن شدة العناء وخطورة الموقف، الذي هدد حياة الجنين، استطاع الطبيب أن ينقذه وينقذ أمه بإرادة الله وقدرته، مما جعل والده "عبد العزيز إبراهيم "، يسمي ابنه اسمًا مركبًا على اسم الطبيب وذلك امتنانًا وعرفانًا بمجهوده فسمي الوليد" نجيب محفوظ".
 
استوحى أمير الرواية العربية " نجيب محفوظ" من حي الجمالية، العديد من إبداعاته، فقد كان والده موظفاً لم يقرأ كتاباً في حياته بعد القرآن غير حديث عيسى بن هشام، لأن كاتبه المويلحي كان صديقاً له، وفاطمة مصطفى قشيشة، ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الأزهر.
 
والتحق نجيب محفوظ بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، وشرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.
 
وانضم إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيراً برلمانياً في وزارة الأوقاف "1938: 1945، ثم مديراً لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتى 1954، وعمل بعدها مديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديراً للرقابة على المصنفات الفنية.
 
وفي 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، وأخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما "1966 – 1971"، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.
 
تزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات متعللاً عن عدم زواجه بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة وأطفالها.
 
في تلك الفترة كان دخله قد ازداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام، وأصبح لديه من المال ما يكفي لتأسيس عائلة، ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد عشر سنواتٍ من حدوثه عندما تشاجرت إحدى ابنتيه أم كلثوم وفاطمة، مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وانتشر الخبر بين المعارف.
 
ومن أشهر أعماله، هي الثلاثية "قصر الشوق وبين القصرين والسكرية"، وأولاد حارتنا، وتحولت الكثير من كتابته إلى السينما والتلفزيون.
 
ويذكر أن، اليوم تمر الذكرى الـ 108 على ميلاد أمير الرواية العربية وصاحب نوبل "نجيب محفوظ"، ولد في 11ديسمبر 1911.