تشهد مسابقة دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم مع انطلاق الموسم الجديد مشاركة أربعة فرق (إمبولي - ساسولو - كاربي - فروزينوني) التي تمثل مدن صغيرة لا يتعدى عدد سكانها 50 ألف نسمة في المتوسط، وتمثل الموجة الجديدة في الدوري الإيطالي.

ولا تملك تلك الأندية ميزانية كبيرة ولا نجوم معروفين ولا ملاعب كبيرة، ولكنها راهنت في سبيل انضمامها إلى دوري النخبة لكرة القدم الإيطالية على الشباب الذين كانوا ينتظرون فرصتهم.

كان نادي إمبولي الذي لعب 10 مواسم في دوري الدرجة الأولى و19 موسماً في دوري الدرجة الثانية وحوالي 50 موسماً في الأقسام الدنيا أول من راهن على اللاعبين الشباب بتخصيصه كلّ عام مبلغ مليوني يورو، أي ما يعادل 20 في المئة من ميزانيته، لتكوين الناشئين.

وفي بداية الموسم الماضي، اتبع ممثل مدينة ساسولو، التي يبلغ عدد سكانها 41 ألف نسمة وتقع في جنوب مودينا، نفس النهج. حيث أنهى موسميه المتذبذبين في دوري النخبة في المركزين 15 و12 على التوالي.

وفي ذروة الأزمة الاقتصادية التي تحدّ من قوة عدة فرق كبيرة، يبدو أن هذه الظاهرة قد بدأت تنتشر، بحيث سيسجّل هذا الموسم صاعدان جديدان ظهورهما الأول في دوري الدرجة الأولى بفضل تطبيقهما لنفس المبادئ.

من جانبه كان نادي كاربي، الذي يمثل مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 65 ألف نسمة وتقع على بعد 15 كم من شمال مودينا، قد أعلن إفلاسه في عام 1999 قبل أن يخوض دوري الدرجة الخامسة عام 2009 بعدما أشرف عليه ستيفانو بوناتشيني، صاحب علامة تجارية شهيرة خاصة بالملابس الجاهزة.

وفي ستة مواسم تسلّق الفريق أربع درجات مستعيناً بخدمات خمسة مدربين، ولكن مدرّبه المزاجي الأخير، كاستوري فابريزيو، هو الذي حظي بشرف تخطي العقبة الأخيرة، حيث ساهم هذا المدرب، البالغ من العمر 61 عاماً والذي يُمارس التدريب في الأقسام الدنيا منذ عام 1987، في قيادة فرقه في تسع مناسبات لتحقيق الصعود على الرغم من إيقافه عن العمل لمدة ثلاث سنوات في عام 2002 بسبب مشاركته في مشاجرة جماعية على أرض الملعب خلال المباراة الحاسمة لدوري الدرجة الثالثة مع تشيزينا ضدّ لوميزاني.

وأشار موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" فى تقرير خاص عن الأندية الصغيرة الإيطالية أنه غالباً ما تكون كلمته موجزة، حيث يطلب من لاعبيه فرض "ضغط عالي واللعب بطريقة جماعية والتقدم عن طريق تمريرات قصيرة وتسريع إيقاع اللعب. وهي خيارات يتم تطبيقها بفضل العمل التكتيكي الجيد،" بحسب ما يشرحه فابريزيو.

وعلى الرغم من أن كاربي احتلّ في الموسم الماضي المرتبة الأخيرة في الاستحواذ على الكرة وما قبل الأخيرة في عدد الكرات الملعوبة، فقد ضمن صعوده إلى دوري الدرجة الأولى قبل أربع جولات وكان ثاني أفضل هجوم وأفضل دفاع في دوري الدرجة الثانية.

ويطالب أيضاً فابريزيو الذي بنى مسيرته الاحترافية على أسس التضحية والنجاح والفشل لاعبيه "بالقوة والتركيز والتضحية".

ويبدو أن تحدي اللعب في دوري الدرجة الأولى لا يُقلقه كثيراً، حيث أكد قائلاً "سنعتمد على لاعبين شباب متعطشين ومتحفزين،" مضيفاً "سنكون في المستوى، فمن جهتي، لن أقوم بتغيير عاداتي لأن نقطة قوتي هي تعايشي مع الفقر".

من ناحية أخرى لم يكن طريق نادي فروزينوني الذي احتفل بالذكرى المئوية مفروشاً بالورود، حيث ستسجّل هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، والتي تقع في منتصف الطريق بين روما ونابولي، ظهورها الأول في دوري الدرجة الأولى بالاعتماد على جيل تحت 18 سنة الذي تُوّج بطلاً لإيطاليا عام 2012 والذي تسلّق درجتين في موسمين، ويبدو أن خطاب المدرب روبرتو ستيلوني، المهاجم السابق في فريقي نابولي وتورينو والذي أنهى مسيرته الاحترافية عام 2011 في فروزينوني، يُشبه بشكل غريب خطاب زميله في كاربي، حيث يُؤكد قائلاً "قبل اختيار اللاعب يجب التركيز على صفاته الإنسانية،" مضيفاً "لاعبو فريقي ليسوا معروفين، ولكنهم متعطشون للانتصارات".

أما الهدف الذي وضعه الفريق في أفق الموسم المقبل فهو بسيط، حيث أكد ستيلوني بحماس "لا نريد أن نمرّ مرور الكرام على دوري النخبة، فالبقاء سيكون مثل الفوز مرّة أخرى ببطولة دوري الدرجة الثانية." وقد حقق النادي أول انتصاراته بعد حصوله على الترخيص لخوض مبارياته على ملعبه القديم ماتوزا الذي يتسع لـ9600 متفرّج بدلاً من 10 آلاف مقعد المفروضة في دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

ولا شك أن هذه القدرة الاستيعابية ستكون غير كافية في مباريات ديربي منطقة لاتيوم ضدّ لاتسيو وروما، فمثل هذه المباريات ضد كبار الكالتشيو ستكون بمثابة فرص رائعة لإظهار مميزات الوافدين الجدد على دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

ويبقى التحدي الأكبر لهذه الأندية متمثلا فى مدى قدرتها على البقاء فى دوري الكبار في إيطاليا.