يجب الاعتماد علي أهل الخبرة وليس أهل الثقة في كل المجالات ولا سيما الاقتصادية وكفانا تهورا غير محسوب وسربعة ليس في محلها في قرارات اقتصادية

ليس لدينا عصا سحرية لكن لابد أن يكون لدينا رؤية وخطة وإرادة تنفيذية رؤيتي المتواضعة تقوم علي خمس مراحل تبدأ معا وتنضج تباعاً ليتؤْتُي ثمارها وتستمر مع عوامل مساعدة أساسية لكل المراحل
أولاً علي المدي العاجل الآن وليس غداً تنفيذ القانون وبكل حزم وعدل وسرعة ناجزة علي كبير وصغير غني وفقير لتعود هيبة الدولة ويعود الانضباط والأمان وهو المناخ المناسب للنمو الاقتصادي والرقي الأخلاقي
ثانياً علي المدي القريب إعادة هيكلة النظام الإداري للدولة reconstruction وليس فقط محاولة إصلاحه reform يجب الاستعانة بخبراء مجال الإدارة وهو الآن علم له أصول وقواعد يعلمها المتخصصون مطلوب ثورة إدارية تنسف الهيكل الإداري القائم القديم العقيم بكل وزاراته وقوانينه وقراراته واللوائح المطاطة الشارحة لهذه القوانين والقرارات المتضاربة فلا يعقل أن تعمل الحكومة بكل وزاراتها علي طريقة الجُزر المنعزلة بل المتضاربة المصالح وتتداخل وتتعارض الاختصاصات فتتوه المسؤولية وتصبح مشاعا بدون تحديد من يملك اتخاذ القرار no mans land وعلي سبيل المثال لا الحصر في الدول المتقدمة عدد الوزارات قليل والدور المنوط بها هو وضع استراتيچيات تقوم علي تنفيذها وتشرف عليها هيئات حكومية متخصصة ويحضرني هنا مثال هيئة الطرق والسلامة في بلاد الغرب فهي المسؤولة عن النقل والطرق وسلامتها وتضم متخصصين في كل المجالات المعنية بهذا الأمر مهندسو طرق إداريون وتنفيذيون من الأحياء والحكم المحلي شرطة المرور والمرافق بينما في مصر نحتار في من المسؤول عن الطرق وزارة النقل أم الداخلية أم المحافظة والمحليات أم هيئة الطرق والكباري وينتهي الأمر إلي لا شئ ولا أحد والنتيجة نجد الطرق علي سوء حالتها من عدم رصف وصيانة وتخطيط متخبط بحيث يتم رصف طريق اليوم ثم يتم إعادة حفره غدا لصيانة شبكة الصرف أو المياه بالإضافة إلي المطبات الصناعية الأشبه بأهرامات الجيزة كل ذلك تسبب في حوادث تحصد أرواحا تحتل بها مصر مركزا متقدما جداً بين دول العالم في نزيف الأسفلت وقِس علي ذلك قوانين الاستثمار التي نحن بأشد الحاجة إليها لجذب الاستثمارات العالمية علي الأرض المصرية وما يعني ذلك من نمو اقتصادي نحن في أمس الحاجة إليه فأين مشروع الشباك الواحد للمستثمرين لن يري نورا في ظل هذا التخبط الإداري الذي نعيشه وعلي سبيل المثال أيضاً كم من وزير يتخذ قرارات باطلة يوقفها فيما بعد القانون الإداري لعدم شرعيتها وينتهي الأمر بوزراء الأيدي المرتعشة الذين لا يتخذون قرارات ناجزة خوفاً من العقاب وينتهي الأمر إلي الإرث الخالد لا تعمل علي التغيير حتي لا تخطئ ويتحول المسؤولون إلي أدوات تمشي جنب الحائط لتحتفظ بمراكزها والأمثلة كثيرة هكذا يجب الاعتماد علي أهل الخبرة وليس أهل الثقة في كل المجالات ولا سيما الاقتصادية وكفانا تهورا غير محسوب وسربعة ليس في محلها في قرارات اقتصادية وإذا وجد أهل الخبرة العون والاستقرار والتسهيلات الإدارية سيتقدمون الصفوف في الحكومة والجمعيات غير الحكومية الهادفة للنهضة المجتمعية في صورة أفكار خارج الصندوق ومشاريع صغيرة وصناعات مغذية ومكملة وفق رؤية شاملة
ثالثاً علي المدي المتوسط تدريب كل المتاح من أيدي عاملة وكوادر إدارية وتنفيذية وذلك أضعف الإيمان لضمان الارتقاء بمستوي العمل في كل مجال ولو نسبياً حتي تصعد أجيال أكثر مهنية ودراية تكنولوچية لما في ذلك من مردود وعائد اقتصادي فهل يعقل ونحن علي أعتاب مشاريع ضخمة أن نبحث علي أي عامل أو حرفي ماهر وأمين أو إداري مخضرم فلا نجد إلا قليلا؟
رابعاًعلي المدي البعيد التعليم الذي سيضمن كل ما سبق بالإضافة إلي رفع المستوي الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والمستوي العام في جميع مناحي الحياة من جيل لآخر أي التقدم فقط انظر واستمع إلي لغة رجل الشارع أو حتي برلماني وسوف تدرك مدي الانحطاط الذي وصلنا إليه فعلينا العمل من الآن للمستقبل لتطوير منظومة التعليم بكل مفرداتها مُعلم منهج مدارس وجامعات إداريين أدوات الخ مهما استغرق ذلك من وقت
خامساً الأمن القومي بذراعيه الحدودية والداخلية جيش وشرطة يجب الحفاظ علي جيش مصر درعها وسيفها الحفاظ علي استقلالية قراره وإدارته واستراتچيته وسرية معلوماته وقدسيته وحقه في التطوير والتسليح وحقه الأصيل في قرار الحرب وفق منظومة أمن قومي مستقلة وذلك لأننا نقع في منطقة ملتهبة من العالم ونري الطامعين والمتربصين من حولنا وهذا قدرنا فنحن الأكبر والأقوي ويجب أن نظل كذلك نعم أوافق أن يكون الجيش المصري دولة داخل الدولة خير من أن تكون الدولة داخل جيش يتحمل وحده تبعيات وتداعيات المدنية بما فيها من منحنيات فشل ونجاح تضره وتعصف به وعن الذراع الآخر جهاز الشرطة الذي يمثل بدوره درع الدولة وسيفها الداخلي يجب العمل علي تطويره تدريبياً ولوچستياً وفي هذا الإطار أري ضرورة فصل بعض الخدمات المدنية عنه مثل المرور والموانئ جوازات والأحوال المدنية وإنشاء جهاز مدني تنفيذي بحقوق ضبطية قضائية وبإشراف وتمثيل شرطي محدود يخفف عن هذا الجهاز أعباء وحمل وعنا
أما العوامل المساعدة الأساسية لكل مرحلة ومعها فهي تتمثل في الآليات الأعمق تأثيراً والأوسع انتشاراً والأسرع ثماراً الثقافة الفن والأدب والإعلام وأكرر الإعلام بالميم وليس الإعلان بالنون الذي فَجر وتحكَّم وخَر له ضعاف الإعلاميون أو قُل معظمهم ساجدين آن الأوان ليعود الفن والإعلام قاطرة للمجتمع وليس فقط مرآة نري فيها أقبح ما بداخلنا بل ونعظمه ونعممه
أخيراً وليس آخراً التنفيذ قطعاً يحتاج إلي إرادة وإدارة وتخطيط وجهد من الحاكم والحكومة والأجهزة التشريعية ولكن نحن أيضاً لنا دور إذ يجب أن يجتهد كلٌ في مجاله ويمد يد العون للأقل فرصاً ونجاحاً حتي نعبر بالسفينة من بحر المشكلة إلي شاطئ الحل وكل سفينة تحتاج إلي رُبان ندعو له ونعاونه ونقدم له النصيحة والمشورة ويد العون حتي في صورة المعارضة البنّاءة رُبان وليس رَبا نُألّهَه ونقول آمين