بين التحريض وتغييب الوعي.. «برامج المرأة» في قفص الاتهام

بين التحريض وتغييب الوعي.. «برامج المرأة» في قفص الاتهام - صورة توضيحية
بين التحريض وتغييب الوعي.. «برامج المرأة» في قفص الاتهام - صورة توضيحية

- «المرسي»: برامج سطحية وإسفاف وخروج على الأخلاقيات.. ونحتاج برامج توعية

- «كامل»: تشويه وإساءة لقضايا المرأة وتشبه مجلات النميمة.. وجمعيات المشاهدة «الحل»

- «عبدالله»: تعلم الخيانة وتمرد الزوجة وتصورها كـ«جسد» وتستنزف جيوب المواطنين

- تدخل «الهيئة الوطنية» وعودة ماسبيرو بقوة وتفعيل الرقابة والتأكيد على الترابط الأسري.. «الأهم»

 

لهجة تحريضية للمرأة ضد الرجل وإظهاره كذئب بشري، هجوم على الذكورية الشرقية وكأنها سبب كل المشكلات الأسرية، إحصائيات خاطئة حول نسب الطلاق والعنوسة والمرأة المعيلة تذكرها مقدمات البرامج دون وعي، تكرار ألفاظ تسيء للمرأة كـ«العنوسة»، غياب للإعلام التنويري للتوعية الصحية والأحداث الهامة والقضايا السياسية والاجتماعية وحقوق الزوجات في القانون وتقديم نماذج ناجحة كوصولهن لمناصب رفيعة بالدولة أو نماذج كادحة فريدة من نوعها، حصر اهتمامات المرأة في الأزياء والطهي والإتيكيت والأبراج والمشكلات الزوجية لتتحول لمجالس نميمة تدور غالبيتها حول فقرات التجميل والسمنة «مدفوعة الأجر من الضيف الطبيب».

 


هذا هو حال برامج المرأة في الفضائيات سواء المصرية منها أو الخليجية، والتي يقيمها الخبراء في سياق السطور التالية مع طرح حلول لها، بعدما تعرضت هذه البرامج لانتقادات واسعة من الجمهور أبرزها تحريضها للزوجات بالمخالفة لتعاليم كل الأديان التي تدعو للسكن والمودة، ورفع نسب الطلاق المبكر وغياب تنشئة جيل واعي.    

    

إسفاف وإيحاءات جنسية


في البداية يقول الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: «لا يوجد في مصر برامج للمرأة من الأساس، وإنما ما يقدم على الفضائيات هو إسفاف بين مرأة ومرأة آخرى على مرأى ومسمع من الناس».

 

وأضاف أن تلك البرامج تعالج قضايا بها خروج عن عادات وقيم المجتمع، وللأسف يتم مشاهدتها بكثافة من الجمهور، وغابت عن هذه البرامج قضايا المرأة ومشكلاتها السياسية والاجتماعية وإنتاجها وعلاقتها بزوجها وأولادها وفترة الحمل والإنجاب ورعاية الأسرة وتكوين ابن مصرى قادر على تحمل مسئولية البناء.

 

وتابع د. «المرسي»، حديثه قائلا: «لا توجد فضائية تعالج قضايا المرأة بشكل موضوعي وبه ثراء وقوة وتلتزم بالأخلاقيات، فكلها برامج سطحية بها خروج عن الأخلاقيات وخناقات بين المذيعات، وصور ومظاهر جميلة لهن، وضيوف ليسوا على قدر مميز وموضوعي، وإيحاءات جنسية وخروج عن المألوف».

 

وأكمل: «للأسف المرأة مشغولة عن أبنائها الآن، ونحتاج إلى برامج توعية لها كي تساعدها على النهوض وتدعمها وتساعد على تقدمها للأفضل ومن ثم المجتمع كله على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي».

 

عودة قوية لماسبيرو

 

وأوضح د. محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام، أنه عندما نقارن هذه البرامج ببرامج المرأة فى الستينات والسبعينات على تلفزيون الدولة ندرك مدى السطحية في البرامج الحالية، ويجب على التلفزيون الرسمى للدولة أن يتبنى برامج المرأة والطفل كما كان يقدمها في السابق، لكن نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها التلفزيون الرسمى تراجع دوره، ونأمل من خلال الهيئة الوطنية للإعلام أن يكون هناك تركيز على هذا الجانب لأن المرأة والطفل هما أعمدة يُبنى عليها المجتمع.

 

ولفت إلى أن الفضائيات الخاصة يقع عليها جزء من المسئولية، وليس الأمر يقتصر على تحقيق الهدف الربحي، لكن الدور الخدمي الرئيسي يقع على الدولة وتلفزيونها الرسمي.

 

نميمة وتشويه للمرأة

 

أما الدكتورة نجوى كامل، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فترى أن البرامج الحالية المعروضة على الفضائيات لا تعتبر برامج متخصصة للمرأة فهى تنقل منتهى القيم السلبية للمجتمع، مؤكدة: «ليست هذه المرأة وليست هذه برامجها وقضاياها الحقيقية، وما تطرحه يعد تشويه وإساءة لقضايا المرأة والرجل والأسرة ومصر كلها، فالمرأة ليست كائن يعيش منفردا وإنما هى أم وأبنة وزوجة».

 

وأوضحت: «ما تناقشه هذه البرامج لفئات لديها فراغ، وهى تشبه مجلات النميمة فى أوربا فهى تعد برامج نميمة، وأنا أمتنع عن مشاهدتها على المستوى الشخصى».

 

«جمعيات المشاهدة»

 

وأكدت الدكتورة نجوى كامل، أنه لا يمكن منع هذه البرامج بالرقابة لأنها لا تُعرض على تلفزيون الدولة الرسمي وإنما على فضائيات خاصة، وإنما منع هذه البرامج يكون عن طريق جمعيات المشاهدة القوية التى توجه الجمهور وتنصحهم بالامتناع عن البرامج السطحية، وتصدر تقارير تقييم لهذه البرامج، وبالتالي تقل نسب المشاهدة لها فبالتالي تقل الإعلانات، لكن للأسف لا توجد لدى هذه الجمعيات آليات للوصول إلى أكبر عدد من الناس.

 

تحريض للزوجة.. وتعلم الخيانة

 

من جانبها، ذكرت الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية وخبيرة علم الاجتماع، أن تلك البرامج تحوي معلومات هشة وتضيع وقت المشاهد وتقدم محتوى بعيد عن عاداتنا وتقاليدنا، وتعلم الخيانة والعدوان والتنمر والتمرد على الحياة الزوجية.

 

وتابعت: «للأسف الفوضى الإعلامية سببها أن كل من يريد أن يصبح إعلاميا يصبح إعلاميا طالما هناك منتج وراعي للبرنامج! فيتيح لمن ليسوا على دراية وعلم كاف للظهور على الشاشة فظهرت راقصات مذيعات تقدم المشورة وتحل المشكلات! وهذه أزمة كبيرة».

 

وأضافت د. «إيمان»: «ما زاد المشكلات الزوجية غياب الحوار الأسري، وصراع الأدوار، والتفكك الأسري، والفراغ العاطفي، فأصبح التليفزيون هو الملاذ الذي يؤثر على المرأة بالدرجة الأولى، فهي تحاول تقليد النموذج التي تراه في التليفزيون من ملابس وأسلوب الكلام وأسلوب الهجوم على الزوج  بعيدا عن حل المشكلات، وبما إن الأم مدرسة فهي تؤثر على أطفالها».

 

وشددت على ضرورة استضافة برامج المرأة لأساتذة وأطباء متخصصون يعالجون مشكلات المرأة المثارة بدلا من نقل المذيعة معارفها وإدراكها وتجاربها للجمهور، وهذا أمر في منتهى الخطورة.

 

«قعدة ستات» واستنزاف للجيوب

 

وأكملت استشاري العلاقات الأسرية والزوجية وخبيرة علم الاجتماع، أن الإعلانات التي تبث في تلك البرامج تهدف للربح دون مراعاة القدرة الاقتصادية للأسرة فقد تستدين الأسر من أجل تلبية رغبات الأبناء.

 

وأضافت أن برامج المرأة اقتصرت على عمليات التجميل والتخسيس والطهي فأصبح الاتجاه والنظرة للمرأة على أنها جسد فقط، وغاب الاتجاه العلمي والثقافي والديني وبات العقل خاويا من العلم والمعرفة.

 

وأشارت د. «إيمان»، إلى أن تلك البرامج عبارة عن نميمة و«قعدة ستات وردح» وشيء غير لائق أن يقدم للمشاهد، ولابد من وقفة للإعلام وتقديم محتوى جيد يرتقي بحياة الإنسان، مضيفة أن تلك البرامج تقدم نصائح لا تناسب الأسر المصرية المترابطة بل تشجع الانحراف الأخلاقي وتحريض الزوجة على زوجها والعكس.

 

ولفتت إلى أن السيدات تسعى لتقليد المكياج والملابس والسيارة التي تظهر على الشاشة وننحدر نحو موجة العولمة دون مراعاة للإنسانية والقيم والمبادئ، منوهة على ضرورة رجوع الأسر للحوار والدفء والاحتضان ولا نجعل التليفزيون الملاذ الوحيد للاستمتاع بل استبداله بالرحلات والحوار مع أفراد الأسرة والقراءة.

 

وأوضحت استشاري العلاقات الأسرية والزوجية وخبيرة علم الاجتماع، أنها ضد برامج الأكل بشكل خاص لأنها تهدر الوقت والمال، بل نحتاج تعليم الزوج كيف يتعامل مع زوجته والعكس، وليس الطريق إلى قلب الرجل معدته.

 

وأكدت أن فقرات التجميل أغلبها مدفوعة من قبل الأطباء، وتوجه للأغنياء كتدبيس وتكميم المعدة وكلها مدمرة للصحة النفسية والبدنية، مطالبة بضرورة تفعيل الرقابة على تلك البرامج.

 

واختتمت: «برامج المرأة لا تراعي الألفاظ التي تدخل البيت ونحتاج برامج تُعمر البيوت وتحث على الترابط الأسري والثراء الفكري والحميمية الجميلة والحب والقيم والعادات وقصص الأنبياء».