خبراء عراقيون: استفتاء كردستان تهديد للمنطقة.. وإسرائيل المستفيد الأكبر

استفتاء إقليم كردستان
استفتاء إقليم كردستان

 

◄| رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية يستبعد الخيار العسكري ضد إقليم كردستان بعد إجراء الاستفتاء

◄| فاضل البدراني الأكاديمي والإعلامي العراقي: الاستفتاء تهديد للمنطقة برمتها ومراقبون إسرائيليون يتابعون الاستفتاء

◄|عبد المطلب النقيب أستاذ العلاقات الدولية العراقي: الاستفتاء ستكون نتائجه وخيمة وسيتسبب بأزمة مع دول الجوار

◄| محمود خالد المسافر السياسي العراقي: الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من استقلال الإقليم

 

تقرير – أحمد الشريف

تحولت أنظار العالم اليوم؛ صوب إقليم كردستان العراقي؛ الذي شرع في إجراء استفتاء للانفصال؛ وسط تحذيرات دولية وإقليمية من التداعيات التي تقد تترتب على هذا الاستفتاء..

فرغم الضغوط التي مارستها بعض الدول من أجل تأجيله، لم يرضخ رئيس الإقليم مسعود بارزاني لذلك؛ ما دفع إيران لإعلان إغلاق مجالها الجوي مع كردستان، فيما بدأت مناورات عسكرية إيرانية وتركية؛ بالقرب من حدودها مع الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، في ضوء مخاوف من أن يشعل الاستفتاء المزيد من الاضطرابات بين الأقلية الكردية في البلدين.

وربما هذا ما دفع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة من إطلاق تحذيرات من التأثير المحتمل للاستفتاء على زعزعة استقرار المنطقة، مبينا أن الاستفتاء غير الملزم قد يعرقل جهود مواجهة تنظيم داعش الإرهابي وعودة النازحين العراقيين إلى ديارهم.

المشهد الداخلي بالعراق

د. السيد عبد الفتاح رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية؛ والذي قدم من إقليم كردستان منذ يومين؛ يصف المشهد هناك بأنه تاريخي في ظل إجماع الشعب الكردي على حقه في الاستفتاء وتقرير مصيره؛ وأن المدن الكردية تعيش أجواء احتفالية وسط تصميم على المشاركة في الاقتراع على الانفصال؛ مشيرا إلى أنه كان هناك بعض الآراء التي نادت بتأجيل الاستفتاء خلال الفترة الراهنة على الأقل؛ ولكن الرأي الأغلب للقوى الكردية رأى أن الاستفتاء لابد أن يتم إجراءه في موعده؛ وهو ما قد كان.

وقال عبد الفتاح – في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»؛ إن المشهد أيضا في بغداد؛ ينم عن أن هناك حالة من العصبية في المواقف؛ حتى على مستوى التصريحات الرسمية التي وصلت إلى إطلاق خطابات تصعيدية بهدف الضغط على الطرف الكردي للتراجع عن إجراء الاستفتاء، مضيفا أنه خرجت قرارات من مجلس النواب العراقي مضادة للاستفتاء؛ بخلاف بعض المطالب التي نادت بعزل الوزراء الأكراد من الحكومة العراقية.

وأشار إلى أن الاستقلال سيكون له تداعيات سلبية بشكل أو بأخر؛ لأنه سيعمل على زعزعة الاستقرار في العراق؛ وأنه قد يؤثر على العمليات العسكرية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي؛ كما أن الاستفتاء أصاب تركيا وإيران بتوترات عميقة بسبب أنه قد يدفع الأكراد في الدولتين إلى اتخاذ نفس النهج والمطالبة بالاستقلال أيضا.

وأوضح عبد الفتاح؛ أن هناك رفض كبير من قبل القوى الدولية والمنظمات الأممية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن هذه الأطراف ترى أن توقيت الاستفتاء غير مناسب للظروف الراهنة؛ بخلاف التصريحات والإجراءات الاستفزازية التي شرعت في اتخاذها إيران وتركيا؛ مؤكد أن كل تلك المواقف لن تتعدى الضغوط الدبلوماسية أو الاقتصادية؛ مستبعدا أن يكون الخيار العسكري حاضرا على طاولة الضغوط التي يمكن أن تتخذ ضد إقليم كردستان.

الإسرائيليون يراقبون
من جانبه؛ قال د. فاضل البدراني الأكاديمي والإعلامي العراقي؛ في اتصال هاتفي مع «بوابة أخبار اليوم» من العاصمة العراقية بغداد – إن الاستفتاء يعد تجاوزا لوحدة الأراضي العراقية، ويشكل تهديد للمنطقة برمتها؛ مشيرا إلى أن عملية التصعيد بدأت مع أزمة جديدة بين الحكومة في بغداد وبين الإقليم وأكراد العراق والمنطقة كلٌ ضمن موقعه؛ موضحا أن الأزمة تعود إلى تدابير وسياسات مبيته من الولايات المتحدة الأمريكية التي برغم معارضتها للاستفتاء بشكل زر الرماد في العيون؛ ولكنها باركت عملية الاستفتاء بشكل غير ظاهر، مبينا أن المراقبون الإسرائيليون متواجدون في الإقليم وهم الوحيدون المتواجدون هناك لمتابعة الانفصال.

وذكر أن التصعيدات الإقليمية بدأت بالفعل في ظل العقوبات التي اتخذتها تركيا وإيران؛ وهذا يأتي جنبا إلى جنب مع المحاصرة التي فرضتها الحكومة العراقية تجاه القضاة المشاركين في الاستفتاء؛ بخلاف مطالبة نواب البرلمان بإقالة الرئيس العراقي لأنه لم يكن له موقف تجاه الأزمة.

وشدد البدراني؛ على أن الأزمة الكردية ستكون الأزمة التي أوجدتها الولايات المتحدة وإسرائيل بديلا عن أزمة داعش التي شغلت العالم خلال السنوات الماضية؛ مؤكدا أن إقليم كردستان سيكون الأزمة البديلة التي ستنشغل بها المنطقة خلال الفترة المقبلة.

نتائج وخيمة

د. عبد المطلب النقيب أستاذ العلاقات الدولية العراقي، قال إن استفتاء كردستان يعد سبيلا لهروب مسعود بارزاني من المأزق الذي يحيط به؛ وذلك بعد أن انتهت ولايته منذ ما يقارب العامين؛ فلم يجد سبيلا إلا أن يخرج علينا ليعلن عن نيته للاستفتاء؛ مشيرا إلى أنه إيران وتركيا تقفان ضد هذا الاستفتاء وأي نتائج تتمخض عنه؛ لأنه سيؤثر على وضع الأكراد في طهران وأنقرة.

وأضاف النقيب - في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» - أن ردود الفعل الدولية والإقليمية غاضبة من هذا الاستفتاء؛ وأن تركيا وإيران بدأتا تتخذان خطوات في هذا الصدد؛ حيث قامت الدولتان بعمل مناورات عسكرية على الحدود مع العراق؛ وهذه المؤشرات كلها تدل على رفض هذه الدول لهذا الاستفتاء.

وأكد النقيب؛ أن هذا الاستفتاء ستكون نتائجه وخيمة ليس على العراق فقد بل ستمتد إلى المنطقة بأثرها؛ مشيرا إلى أن الاستفتاء صنع بالفعل أزمة مع دول الجوار بخلاف الأزمة المشتعلة مع الحكومة العراقية في بغداد؛ موضحا أن كردستان ستعاني من أزمة اقتصادية طاحنة إذا أغلقت عليها المنافذ الجوية والبحرية من قبل دول الجوار.

واختتم النقيب، تصريحاته؛ بأن الحرب الذي عانى منه العراق على مدار سنوات؛ والمعركة التي بدأها العراق ضد تنظيم داعش وانشغال كل الأطراف في هذه المعركة؛ هو ما تم استغلاله لإقرار هذا الاستفتاء.

أطماع صهيونية

بدوره؛ قال د. محمود خالد المسافر السياسي العراقي؛ إن الأمة العربية بجغرافيتها الواسعة وبأقطارها المتعددة تمر بأزمات معقدة تحدد اليوم الخارطة الجديدة لأجزاء الأمة، لا كما يشتهي أبناؤها، بل كما يخطط لها أعداؤها مما يحتم التصدي بوعي لهذه الأزمات من خلال استنهاض مكامن القوة في الأمة وتجاوز مواطن الضعف فيها.

ولفت خالد – في اتصال هاتفي مع «بوابة أخبار اليوم» من العاصمة الماليزية كوالالمبور – إلى أن احتلال العراق كان من قبل القوة الغاشمة الممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وكل حلفائها الذين ساندوها ويسروا لها الطريق إلى بغداد، الشرارة الأولى التي جلبت كل نيران الفرقة والتشرذم والانكسار والانهيار للعراق، مشيرا إلى أنه كما بدأ التدهور باحتلال العراق فإن الانفجار الحقيقي سيكون بتقسيم العراق، وعندها لن تبقى دولة عربية بشكلها ووصفها الحالي، إذ أن خطة تقسيم العراق بدأت تطبيقا مع وضع الاحتلال لدستوره المسخ ليكون نواة التشرذم والانقسام، ثم أدت حكومات الاحتلال المتتالية أدوارا خبيثة في إيصال العلاقة بين المركز وإدارة كردستان إلى طرق مسدودة من أجل دفع كردستان العراقي للانفصال بمباركة وبدفع وتشجيع الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذا الموضوع.

وتساءل خالد، هل الانفصال خيار الأكراد وحدهم ليستفتى عليه كرديا؟؛ وأجب أنه بالطبع لا، مرجعا ذلك إلى أن الأكراد عبر التاريخ المشترك الطويل هم جزء مهم وحيوي من حياة الأمة بشكل عام ومن حياة العراق بشكل خاص، ولا ينبغي التفريط به مع كل الخلافات الكبيرة على قضايا جوهرية والتي يبقى السبب الرئيس فيها هو اتفاق أطراف العملية السياسية ومن ضمنهم ممثلي الكرد فيها على دستور يضم بنود مجحفة بحق كل العراقيين، وأخرى قنابل موقوتة تستهدف وحدة العراق أولا، وكذلك سلاسة الحكم الرشيد ، الذي لم تصل له وتحققه الفئة الحاكمة في بغداد بسبب الفخاخ التي نصبتها الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية في المشهد السياسي العراقي.

وتابع: أن «السؤال الأهم هنا، هل كردستان العراق مهيأة للانفصال؟ الجواب لا، من حيث قلق المحيط الجغرافي من الكيان الوليد والواقع المعقد في داخل كردستان والفراغ الدستوري، والعلاقة الأكثر تعقيدا بين المركز ومحافظات كردستان العراقي، ونقص الموارد والكتلة الكردية الكبيرة في بغداد والمحافظات الأخرى، فلا ينبغي أن يكون الاستفتاء مقررا لمصير كردستان على الأقل في الوقت الحالي».

ودعا خالد؛ القيادة الكردية إلى الابتعاد عن كل ما يستفز مشاعر العراقيين وأن تناقش القضية الكردية في إطارها الصحيح ووقتها المناسب، لافتا إلى أنه عندما يتخلص العراق من قمامة الاحتلال في المنطقة الغبراء، عندها سينبري لها رجالها الذين ينظرون إلى خصوصية كردستان بواقعية في ظل وطن واحد.

والسؤال المُلح الآن؛ ما الذي تحمله الأيام المقبلة للعراق؛ في ظل الاستفتاء الذي شرع إقليم كردستان في تنفيذه بالفعل؟ وما هي التداعيات والتصعيدات المترتبة على ذلك الاستفتاء؛ سواء من قبل الحكومة العراقية أو من الأطراف والمنظمات الإقليمية والدولية المتداخلة في الأزمة؟.. هذا ما ستتضح ملامحه خلال الفترة المقبلة.