عاجل

ننشر حيثيات الحكم على 155 متهمًا في قضية "مذبحة كرداسة"

المستشار محمد شيرين فهمي
المستشار محمد شيرين فهمي
أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، حيثيات حكمها على 155 متهمًا في قضية "مذبحة كرداسة".

وكانت المحكمة قضت بإجماع الآراء وبعد موافقة مفتى الجمهورية بإعدام 20 متهما، ومعاقبة 80 متهما بالسجن المؤبد و34 متهما بالسجن المشدد 15 عاما ومعاقبة "حدث" بالسجن 10 سنوات والبراءة لـ20 متهما في القضية.

تضمن الحكم إلزام المتهمين بسداد 11 مليونا و295 ألفا و981 جنيها لوزارة الداخلية قيمة ما ارتكبوه من تلفيات ووضعهم تحت رقابة الشرطة لمدة 5 سنوات بعد انقضاء مدة العقوبة .

وبلغ عدد صفحات حيثيات الحكم 1991 صفحة تشمل استخلاص القضية، والتقارير الطبية للمجني عليهم وشهادة شهود الإثبات ومرافعة النيابة العامة والرد على دفوع هيئة الدفاع الاستخلاص.
      
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس المحكمة وعضوية المستشارين رأفت محمود زكي، وصابر العشماوي.
 
أكدت المحكمة في حيثيات حكمها في القضية، أنه استقر في يقينها واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق، وما حوته من استدلالات وتحقيقات، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تشير إلى أنه في 14 أغسطس 2013 بعد فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة، اللذين كان يشارك فيهما العديد من أهالي مدينة كرداسة وناهيا من المنتمين  إلى جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان لفضهما أثر بالغ في القضاء على آمال المشاركين فيهما والمؤازرين لهما في إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثلاثين من يونيو .

وأضافت المحكمة أنه بعد انتشار أخبار فض الاعتصامين لمدينة كرداسة امتلأت صدور أهلها ضغينة تولدت لديهم تجاه رجال الشرطة بغير تمييز باعتبارهم القائمين على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وأنهم ذراع الدولة فى إنفاذ القانون وإحكام قبضتها ومظهر سيادتها.

مسيرات إرهابية

وأشارت المحكمة إلى أن فض الاعتصامين جاء على خلاف ما يرغب المتهمون مما كان له بالغ الأثر فى احتقان النفوس، وزاد من هذا الاحتقان قسوة وشدة ما أثاره بعض المتجمهرين وأشاعوه من سقوط قتلى في صفوف المنضمين من جراء عنف رجال الشرطة تجاههم وإطلاق البعض للصيحات التحريضية عبر مكبرات الصوت وتصوير الأمر على أن ما فعله رجال الشرطة يمثل اعتداء صارخ على الشرعية والمشروعية، وحث المتجمهرين على الجهاد لنصرة الإسلام ودين محمد، مما أثار حفيظتهم فهرعوا إلى الطرقات فى مسيرات وشتات يحملون الأسلحة النارية بكافة أنواعها والأسلحة البيضاء والعصي والشوم وأخذوا وجهتهم صوب مركز شرطة كرداسة تجمعهم العداوة والبغضاء وتتملكهم نية الفتك برجال الشرطة وقتلهم أخذاً بالثأر لقتلاهم من المعتصمين.

اقتحام قسم كرداسة

وتابعت المحكمة في حيثياتها: احتشد المتهمون وآخرون مجهولون في تجمهر غير مشروع مؤلف من عدة آلاف من أهالى ناحيتى كرداسة وناهيا ممن انصاعوا لنوافير الشر بزعم أنه الجهاد، وبدأوا يتجمعون فى الشارع السياحى وشارع باتا وغيرهما من شوارع كرداسة وناهيا يحملون الأسلحة النارية على نحو جعل السلم العام فى خطر، وتوافقت إراداتهم وتوحدت على وجوب التجمهر أمام مركز شرطة كرداسة واقتحامه بغرض ارتكاب جرائم قتل رجاله وتخريب مبناه وسرقة محتوياته والأسلحة وتهريب المحبوسين للتأثير على رجال السلطة العامة فى أداء أعمالهم وذلك باستعمال القوة حال حملهم أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص للانتقام من الشرطة  باعتبارهم القائمين على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، واصفين رجال الشرطة بالقتلة الذين قتلوا إخوانهم.
 
وأكدت المحكمة ان المتهمين قاموا بتحريض المتجمهرين على اقتحام المركز والتعدي علي رجال الشرطة تحقيقاً للغرض من التجمهر،  واستخدموا مكبرات المساجد لدعوة أهالى كرداسة لاقتحام القسم.

أسلحة آلية

وأضافت المحكمة أن باقي المتهمين شاركوا فى التجمهر وكان بعضهم يحملون أسلحة نارية آلية لايجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، وأسلحة نارية غير مششخنة "خرطوش" وذخائر بغير ترخيص، وعبوات حارقة "زجاجات مولوتوف"، وطوب وعصى، وأسلحة بيضاء، وأدوات تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص والممتلكات، قاصدين استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام، ولوحوا بالعنف ضد ضباط وأفراد المركز مستهدفين قتلهم وتخريب وتدمير المنشآت الشرطية، وكان المشاركون فى التجمهر يعلمون بالغرض منه من خلال النداءات والهتافات التى كانوا يرددونها والمعادية لرجال الشرطة بقولهم "إسلامية إسلامية، الداخلية بلطجية".

انتقام من الشرطة
 
وأوضحت المحكمة أن هدف المتهمين كان الانتقام، والثأر من قوات الشرطة ومنشآتها، وفى سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر اتجهت مجموعة مسلحة منهم لغلق مداخل كرداسة لمنع وصول أي إمدادات إليها ومنع خروج رجال الشرطة منها، واعتلى عدد منهم أسطح العقارات المحيطة بديوان المركز وتمركز عدد آخر بموقف سيارات الأجرة المواجه للمبنى، وقاموا بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة وزجاجات الوقود مشتعلة الطرف "مولوتوف" صوب مركز الشرطة وأشعلوا إطارات السيارات أمامه حتى يتمكنوا من اقتحام المركز ودخوله عنوة لتنفيذ مخططهم وارتكاب جرائمهم ومنع قوات الشرطة من القيام بأعمالها
 
قذائف ار.بى . جى

وأضافت المحكمة فى حيثيات حكمها أن المتهمين أطلقوا وابلاً من الأعيرة النارية صوب القوات المتمركزة أمام وداخل المركز بقصد قتلهم انتقامًا لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وحاولت قوات الشرطة إثناءهم عن جرائمهم ومنع اقتحامهم القسم بإطلاق قنابل دخان لتفريقهم ثم بادلتهم إطلاق الأعيرة النارية إلا أنهم رفضوا التوقف قبل تحقيق غرضهم، مصممين على إخلاء المبنى ليتمكنوا منه، وتعالت هتافاتهم للثأر من الشرطة، وأطلق  أحدهم قذيفتى (آر بى جى) صوب المركز هدمت إحداهما الحائط الخارجى له ودمرت الثانية المدرعة الخاصة بالشرطة والتي تقف أمام المركز، وكثفوا من إطلاق الأعيرة النارية والقنابل الحارقة، مُصرين على اقتحام المركز وإضرام النيران به، قاصدين إحداث الفوضى، مما أصاب القوات بحالة من الفزع لهول ما تعرضوا له، ولم تفلح محاولة رجال الشرطة فى الذود عن أنفسهم حيث نفذت ذخيرتهم واحتموا داخل جدران المركز بالطابق العلوي .

نقض العهد

وأشارت المحكمة إلى أن مجموعة من المتجمهرين اقتحمت ديوان المركز شاهرين الأسلحة النارية والبيضاء وطلبوا من رجاله تسليم أنفسهم وسلاحهم مقابل الخروج الآمن فاضطروا للموافقة وقبول عرضهم بسبب محاصرتهم ونقص عتادهم، وعندما سلموا أنفسهم وسلاحهم نقض المتجمهرون عهدهم واقتادوهم خارج المركز، وتعدوا عليهم بالضرب بالأيدي والأسلحة البيضاء ثم توجهوا بهم لناحية مسجد سلامة الشاعر، وعندما حاول المجني عليه اللواء مصطفى إبراهيم الخطيب الفرار أطلق أحد المتجمهرين عيارين ناريين صوب رأسه وعنقه قاصداً قتله فأحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته.

القتل العمد

وأضافت المحكمة أن جريمة التخريب اقترنت بجناية القتل ، بأن قتل المتهمون عمداً المجنى عليهم محمد عبد المنعم جبر، وعامر محمد عبد المقصود، وإيهاب أنور مرسى، محمد فاروق وهدان، وهشام جمال الدين محمود شتا، ومحمد سيد أحمد عبد الله، وأكرم عيد حفنى، ومحمد محمد فهيم بدوى، وهشام إبراهيم بيومى، ومعتمد سلطان عباس محمد، وعماد سيد محمد، وتامر سعيد عبد الرحمن، ورضا عبد الوهاب محمد سعد من قوات الشرطة، وإبراهيم عطيه على زيتون، ومصطفى أحمد شيخون اللذين تصادف مرورهما بمحل الواقعة.
 
مأمور القسم

وقالت المحكمة إنه حال قيام المجنى عليه العقيد عامر محمد عبد المقصود نائب مأمور مركز كرداسة بالفرار عبر الشارع السياحي تعدى عليه المتجمهرون ضرباً بالأيدي وبأجسام صلبة راضة وحادة فى مناطق متفرقة من جسده، وضربه  المتهمون بسيخ حديدي على رأسه قاصدا قتله فأحدث كسوراً بالجمجمة وتهتكاً بالمخ، وضربته سامية حبيب محمد شنن "المتهمة السبعون" بنعالها وقام أحدهم بقطع الأوعية الدموية برسغه الأيسر مستخدماً سلاح أبيض، قاصدين قتله ثم قام بعض من المتجمهرين بوضعه فى صندوق سيارة نصف نقل تحمل لوحات معدنية رقم "ر ج/ 3852" قادها مالكها المتهم أشرف سعد السيد الطنطاوى "العشرين" وجابوا به البلدة مبتهجين بفعلتهم متفاخرين بها إلى أن فارق الحياة نتيجة إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية.

وذكرت المحكمة إلى أن المجني عليهما النقيب هشام جمال الدين محمود شتا، وأمين الشرطة تامر سعيد عبد الرحمن عقب فرارهما بالاختباء بأحد العقارات إلا أن المتهم عزت سعيد محمد العطار وشهرته "عزت العطار" "الخامس والثمانين" علم بمكان اختبائهما بمنزل حامد هليل فتوجه لمكانهما ومعه آخرين وأخرجوهما للمتجمهرين الذين اعتدوا عليهما بالضرب وأطلق أحدهم عياراً نارياً صوب رأس الأول قاصداً قتله أصابه بمقدمة يسار الجبهة أعلى الحاجب الأيسر، فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، بينما قاموا باللحاق بالثاني وتعدوا عليه وأوسعوه ضرباً ثم وضعوه فى سيارة، وتوجهوا به إلى مسجد سلامة الشاعر وفى الطريق أنزلوه منها وتعدى عليه بعض المتجمهرين ضرباً وقام أحدهم بإطلاق أعيرة نارية عليه قاصداً قتله أصابته بالرقبة ومقدمة الصدر فأحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته.

وتابعت المحكمة فى حيثياتها " قامت مجموعة من المتجمهرين بالتعدى على رجال الشرطة أمام المركز منهم حيث تعدوا على المجنى عليهم محمد سيد أحمد عبد الله، وهشام إبراهيم بيومى، ومعتمد سلطان عباس محمد، عماد سيد محمد، ورضا عبد الوهاب محمد سعد، ومحمد عبد الحميد فاروق، وإيهاب أنور مرسى، ومحمد عبد المنعم جبر مأمور المركز الذى تعدوا عليه بالضرب وجردوه من ملابسه، واقتادوهم لحانوت إصلاح الدراجات النارية المجاور لمسجد سلامة الشاعر حيث واصل التعدى عليهم بالضرب كل من المتهمين أحمد عويس حسين حمودة وشهرته "أحمد يوسف" "الثالث والأربعين"، أحمد عبد النبى سلامة فضل وشهرته "أحمد توقه" "التاسع والستين"، وبدر عبد النبى محمود جمعة زقزوق "الثمانين". وقام المتجمهرون بتصويرهم بالهواتف الخلوية إمعاناً فى إذلالهم إلى أن حضر محمد نصر الدين فرج الغزلانى "سبق الحكم عليه" وبرفقته آخرون وأطلقوا أعيرة نارية من أسلحتهم بالهواء لتفريق الأهالي المجتمعين حول المجنى عليهم.
 
تمكن بعض مجندي الشرطة من الفرار مع الأهالى، ثم أطلق المتهمين  عدة أعيرة نارية صوب المجنى عليهم قاصدين قتلهم فأحدثوا إصاباتهم الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهم  ، كما قام المتهمون بتمكين بعض المقبوض عليهم قانوناً من الهرب من حجز القسم . 
نية التخريب والقتل

وأكدت المحكمة أن كل هذه الجرائم وقعت بعلم المتهمين بغرضها  وكانت نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، كما أنها وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه، ووقعت جميعها حال التجمهر وأدى إليها السير العادي للأمور، وبذلك تضحى أركان جريمة التجمهر على الوجه الذي عرفها به القانون قد تحققت، وتحققت بالتالي صور الاشتراك فى الجرائم التي يرتكبها أي من المتجمهرين وتسري في حق جميع المشاركين فيه.

البراءة
 
وفيما يتعلق ببراءة المتهمين أعلاه، قالت المحكمة: لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها، وبالأدلة التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، قد تشككت فى صحة إسناد التهمة للمتهمين، وقضت ببراءتهم.