عاجل

في الذكرى الـ35 لتحرير سيناء

العميد رضا بسيم: ما يحدث في سيناء الآن لا يقل ضراوة عن حرب أكتوبر 73

نحن أول كتيبة صواريخ ثقيلة عبرت قناة السويس إلي سيناء، وأشعر بالفخر والاعتزاز بمشاركتي في حرب أكتوبر ١٩٧٣.. بهذه الكلمات بدأ العميد أركان حرب رضا صلاح الدين بسيم حديثه خلال ذكري تحرير سيناء.
 
العميد أركان حرب رضا صلاح الدين بسيم، أحد قادة كتائب الدفاع الجوي الذين شاركوا في نصر أكتوبر 1973، وقائد أول كتيبة صواريخ عبرت القناة خلال الحرب.


»بوابة أخبار اليوم« التقت بالعميد رضا بسيم، بمناسبة احتفال مصر والقوات المسلحة بالذكرى الـ 35 لتحرير سيناء، والذي أكد أن سيناء هي «قدس الأقداس» بالنسبة لأبناء الجيش المصري، فمن يحاول الاقتراب منها مصيره الهلاك.


وقال إن ما يحدث الآن على أرض الفيروز حرب لا تقل ضراوة عن حرب أكتوبر 73، بل أشد منها، لأن العدو في هذه الحرب أشد خسة من إسرائيل وغير واضح المعالم، حيث إنه يضرب ويهرب في جبن وخسة.


وأضاف «بسيم» أنه مستعد هو وكل من شاركوا في نصر أكتوبر العودة إلى سيناء لمشاركة الأبطال في الدفاع عنها مرة ثانية، لكن أبطال الجيش المصري الحاليين لا يقلون براعة في حربهم عن أبطال أكتوبر وحرب الاستنزاف، وإلى نص الحوار:


ما هي أهم ذكرياتك عن نصر أكتوبر؟
لن أنسى أبدا ساعة الصفر لعبور سيناء والطائرات تحلق فوق رؤوسنا مخترقة الضفة الشرقية تضرب بكل قوتها دفاعات وحصون العدو، ونحن نهتف كلنا في نفس الوقت "الله أكبر.. الله أكبر" التي زلزلت الأرض والسماء على العدو الإسرائيلي، حيث كانت مهمتي الرئيسية العبور يوم 7 أكتوبر إلى الضفة الشرقية إلى مطار رمانة وبالوظة والتمركز هناك لضرب أي طائرة تخرج لاستهداف قواتنا التي تعبر القناة.


بالفعل تحركت مساء يوم 7 في اتجاه الهدف، وكان معي جندي سائق من الشرقية اسمه يونان مسعد تادرس حرارته مرتفعة جدا، ووجهت له أمرا بعدم العبور حتى تتحسن حالته الصحية، وبعد أن عبرنا القناة وجدته ضمن القوة التي عبرت، وعندها غضبت لأنه لم يمتثل للأمر ومازال مريضا إلا أنه رد قائلا "يا أفندم أنا في انتظار هذه اللحظة منذ 5 سنوات متحرمنيش من شرف الانضمام للقتال" فلم أستطع الرد، خصوصا أنه كان من أمهر وأسرع الجنود في تحميل الصواريخ على القاذف فوق عربات المتحركة وكان مشهورا جدا على مستوى الدفاع الجوي.


وعلى مدى يومين استطاعت كتيبتي إسقاط 4 طائرات للعدو الإسرائيلي، سقطت اثنان منها بصاروخ واحد لأنهم لم يكونوا متوقعين وجودنا بالقرب من المطار، وقد استعملنا لأول مرة صواريخ مداها 15 كيلومترا، فحققت المفاجأة وذلك بتحقيق خسائر كبيرة في الجانب الإسرائيلي.


في يوم 9 أكتوبر، قام الجانب الإسرائيلي بطلب الدعم من المطارات المجاورة بسبب منعنا لطائراته من الخروج، وهاجمنا عدد من الطائرات فاستشهد الجندي يونان وهو داخل سيارته ضاربا أروع مثال للوطنية والفداء دفاعا عن الأرض وكأنه كان على موعد مع الموت فلم يمنعه المرض من شرف المشاركة في الحرب والشهادة كما كان يحلم، ولن أنسى أبدا أنا وزملاؤه البطولات التي قام بها حتى نهاية الحرب.


ما الفرق بين حرب أكتوبر وما يقوم به الجيش المصري الآن في سيناء؟
بالنسبة للجندي المصري، فالحقيقة التي لا أحد يستطيع إنكارها أن أبطال الجيش المصري على مر العصور نسخة واحدة لا يوجد بينهم اختلاف، ففي حرب أكتوبر كان هدفنا الرئيسي استرداد الأرض المغتصبة والثأر لشهدائنا في 67 وإعطاء العدو الإسرائيلي درسا حتى لا يقترب مرة أخرى للأرض، وكان الدافع قويا جدا وحققنا النصر، والآن الأبطال يحاربون في سيناء لتطهيرها من الإرهاب الأسود الذي يدنس أرضها المقدسة وكلما سقط شهيد زاد إصرار باقي الأبطال من الثأر لاسترداد حقه.


أما بالنسبة للعدو فهناك اختلاف تام، وقتها كان عدوا واحدا ومحدد أهدافه وتم التدريب والاستعداد للقضاء عليه، أما الآن، فالإرهاب خسيس يضرب ويختفي وتقف وراءه أجهزة مخابرات دول كبرى ودول أخرى في المنطقة تفتح خزائنها أمامه لإنهاك مصر وجيشها معنويا واقتصاديا وهذا الإرهاب لا يفرق بين الجنود والمواطنين الأبرياء ويستطيع تحديد المكان والزمان ويقوم بالعملية ثم التخفي وسط الأبرياء من النساء والأطفال، ما يصعب المهمة على عناصر الأمن من استهدافه.


كيف ترى النصر الذي تم تحقيقه بعد القضاء على الإرهاب في جبل الحلال وتأمينه؟
جبل الحلال من الأماكن المهمة لقطع طرق الإمداد اللوجيستي على العناصر الإرهابية المتفرقين في مناطق شمال ووسط سيناء، لأن الجبل يحتوي على مغارات وكهوف كبيرة وعميقة كانت ملاذا للإرهابيين في إخفاء الأسلحة وصنع المتفجرات وتختفي العناصر الإرهابية فيه عقب كل عملية من ملاحقة الجيش والشرطة لهم وفرض سيطرة القوات المسلحة عليه نجاح يمثل 90% من القضاء على الإرهاب في سيناء وتطهيرها.


وأؤكد أن ما قامت به القوات المسلحة من عمليات اقتحام وتطهير الجبل وفرض السيطرة عليه لم تستطع أمريكا القيام به في أفغانستان من ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في الجبال برغم استعمالها كل أنواع الأسلحة، على رأسها القنابل العنقودية، أما الجيش المصري فاستطاع في صمت ومهارة في إخضاع الجبل والإرهابيين لسيطرته والقضاء عليهم والتحكم في كل الطرق المؤدية إليه والجبال المحيطة به.


ما الذي تحلم به بالنسبة لسيناء بمناسبة عيد تحريرها؟

أذكر المصريين أن رمال سيناء ممزوجة بدماء أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحريرها من أي عدو منذ فجر التاريخ ومن واجب كل الأجيال الحفاظ عليها لأنها أرض الله المقدسة وتعميرها واجب وطني على كل مصري حتى لا نعطي فرصة لأحد أن يطمع فيها.


وأناشد الشباب أن يوجهوا حلمهم بدل من السفر إلى الخارج أن يكون حلمهم الرئيسي كيف نعمر سيناء بشكل حضاري يناسب العصر وفي نفس الوقت نوطن كل من يريد تعميرها وزراعتها من أبناء محافظات الصعيد والمحافظات الفقيرة الطاردة للعمالة، وسيناء بها كنوز طبيعية كافية لكل الشعب المصري تكفل له عيشة رغدة واكتفاء ذاتي من الغذاء سواء الزراعة أو الثروة السمكية أو إنتاج اللحوم ونحن أولى بأرضنا من الطامعين.