«بوابة أخبار اليوم» ترصد تعاملات داخل صفحات الزواج «أونلاين» على السوشيال ميديا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

◄ أخصائي علم النفس العلاج الأسري: ٤٧٪ من مستخدمي مواقع الزواج من النساء وقعن ضحية المضايقات .. و٣٨٪من العازبين يبحثون عن شريك حياتهم من خلال تلك الصفحات

◄ آمنة نصير: يجب توافر مبادئ الصدق والأمانة والموضوعية حتى يكون زواج مشروع لا يخالف القواعد الإسلامية

تحولت مكاتب الزواج ومهنة "الخاطبة" التي كانت تحمل الكثير من الصور وأحلام العاشقين في جيوبها الصغيرة تبحث هنا وهناك عن مواصفات دقيقة بين العائلات والمعارف تدق الأبواب وتفتح العديد من الطرق للتقرب بين هذا وذاك، إلى منصات وصفحات ومجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي،  تدعم نفس الفكرة ولكن بلغة العصر الأونلاين ما عليك هو إرسال رسالة ثم تملأ استمارة بيانات وتكتب مواصفات شريك حياتك وتنتظر دورك.

وتنقسم صفحات الزواج الأونلاين بين صفحات ترفض الغير محجبات واصفة إياهم بـ "الأنثى المتبرجة"، وصفحات أخرى ترفض تاركِ الصلاة، مبررين ذلك أنهم كافرين لا يقبل لهم زواج، فإذا كان لديك النية بتقديم طلب إلى تلك الصفحات أو المجموعات يجب عليك إزاله كافة التعليقات وصور وأن يتحول صفحتك الشخصية عبر الفيسبوك إلى منصة إسلامية ملتزمة.

ومابين الصفحات الملتزمة والمتشددة صفحات أخرى تدعم الزواج دون شروط، لكن يجب عليك إرسال صورة من البطاقة الشخصية وبعض رسوم الإشتراك والتي لا يفصح عنها إلا بعد التوافق بين العرسان.

«بوابة أخبار اليوم» ترصد تعاملات داخل صفحات الزواج أونلاين على السوشيال ميديا:

العانس

بات لقب العانس يلازم أسماء على -اسم مستعار- بعد بلوغها سن 28 عاماً، مما عرضها للعديد من التنمر بسبب تأخرها في الزواج فلم ترحمها تعليقات الأهل والأقارب، ورغم كونها إحدى سكان القاهرة الكبرى إلا أن عادات وتقاليد قريتها الصغيرة الريفية بالمنوفية - منشأها الأصلي- تسيطر على تفكير عائلتها، حيث يضعوا سن محدد لزواج الإناث، وكلما زاد سن الفتاة كلما نقصت فرص الحصول على عريس.

اقرأ أيضا: ليلة انطلاق الدراسة.. «لانش بوكس»و«كراريس» وإجراءات احترازية 

 لجوء أسماء إلى مجموعات الخاطبة والزواج أونلاين، كان الحل الأخير للبحث عن عريس ولتخفيف الضغط النفسي التي كانت تمر به، فقررت خوض التجربة وذلك بعدما شاهدت العديد من طلبات الزيجات الأون لاين التي توجد بأحد صفحات الزواج.

تقول أسماء: "رأيت بالصدفة بعض مقترحات على الفيسبوك لصفحات متخصصة في توفير عريس أونلاين، وبسبب الحالة النفسية التي كانت تمر بها قررت خوض التجربة وملئ الاستمارة المطلوبة من مؤهل الدراسي، والسن، و مواصفات شريك الحياة، والطول الوزن، ومكان الإقامة، ثم رقم الهاتف ومرت الأيام وغفلت عن تلك الرسالة حتى تم الاتصال بها".

وتابعت أسماء: "حد من أعضاء الصفحة زف خبر وجود عريس، كنت في حالة من السعادة لإنهاء إلحاح العائة علىَ بالزواج".

لكن سرعان ما تبددت سعادة أسماء إلى قصة حزينة بعدما تبادلا الأحاديث لمدة 6 أشهر، حيث وجدت أنه غير جاد قائلة: " كان شاب مراهق عايز يضيع وقته ويتسلى ".

قطار الزواج

سيطرت فكرة قطار الزواج على اعتقاد وفاء عبدالله -اسم مستعار- بسبب بلوغها العقد الثالث من عمرها، والذي يعتبره المجتمع حسب العادات والعرف أنه سن " العنوسة " أو سن قليل الفرص، ويجب أن تقبل بأقل المواصفات وترضى بكافة الحلول حتى يتم زواجها.

في بداية الأمر، تحكي وفاء أنها تخرجت من كلية صيدلة جامعة القاهرة، ثم عملت بأحد الصيدليات بمصر الجديدة، ولكنها لم تكن محظوظة في فرص تقدم العرسان لخطبتها، ولم تفكر في ذلك حينا ذاك.

وأضافت أن والدتها كانت من حين لآخر تتحدث مع أحد الجيران أو صديقتها لإيجاد عريس متدين لها لكن في كل مرة يفشل الأمر إلى أن وصلت لسن الـ30 عاماً، حيث عرضت عليها أحد أصدقاءها إلى تجربة "جروبات الخطبة الأونلاين"، ولكن جروب خاص بالملتزمين والسلفيين.

اقرأ أيضا: «الأحوال الشخصية الجديد».. باب لانتشار الزواج العرفي

وتابعت قائلة: "صحبتي حمستني أني أتواصل مع مسؤولي الجروب، خصوصاً أني كان نفسي في عريس على درجة عالية من التدين وليس مثل الشباب الطائش "، ولكن بعد فترة من التواصل مع المسؤولين الذين كانوا حلقة الوصل بيني وبين العريس وجدت أنهم يطلبون مني مبلغ مالي حتى يكتمل مشروع  الزواج، بعدما كان الأمر مجاناً بالكامل".

رفضت وفاء دفع أي مبالغ مالية للصفحة، وابتزازها بشأن التواصل الذي كان بينها وبين المسؤولين، حتى قررت أن تغلق حسابها على الفيسبوك وتغير رقم هاتفها، وتنهى تلك القصة.

عملية نصب

فشل قصة حب مجدي كارم التي دامت عامين وزفاف أغلب أصدقاءه، جعلته يبحث عن الزواج صالونات، فهو يشغل منصب بإحدى شركات الهندسة، وذو راتب جيد نسبياً ما يجعله عريس ذو مواصفات حميدة.

فبعد أحاديث كثيرة عن الزواج والبحث عن عروسة مناسبة بدأت الإعلانات الممولة لصفحات ومجموعات راغبي الزواج الظهور أمام "مجدي" على الفيسبوك، وبدأ التفاعل معها حتى قرر الإشتراك في إحدى هذه الصفحات، ومع الوقت جذبته بيانات لإحدى المستخدمات، ومن ثم بادر بإرسال طلب إضافة وتواصل معها عن طريق " الشات أونلاين ".

بالرغم من عدم تقبل الأهل والأقارب فكرة العروسة من خلال الإنترنت والاعتقاد المسبق أن فتيات الإنترنت سيئين، قرر مجدي خوض التجربة، لكنه لم يتخيل أنها ستتحول إلى عملية نصب، بعد مرور شهرين من التواصل مع العروسة، اتصل به أحد المسؤولين طلب منه مبلغ مالي يقدر 800 جنيه لاستكمال مشروع الزواج.

يقول مجدي: وافقت لأني ارتحت للعروسة وبعد أسبوعين من إرسال المبلغ المطلوب عن طريق "فودافون كاش " تكرر طلب المال مرة أخرى، مبررين ذلك بأنها استكمال مصاريف التعارف.

وتابع: " قالولي يا إما تدفع باقي المبلغ يا إما هنبلغ العروسة أن مفيش نصيب ولما رفضت أدفع وحاولت أتواصل مع العروسة وجدت أن تلفونها مغلق فعرفت أنها عملية نصب".

البيع الفاسد

ويقول الشيخ سيد توفيق موجه أول منطقة وعظ القاهرة وعضو لجنة التحكيم والمصالحات بالقاهرة، إن الأساس في الزواج هو أختيار شريك الحياة وأن التجارب أثبتت أن على قدر الأختيار الصحيح يكون مقدار النجاح أو الفشل في الحياة الزوجية.

وأضاف توفيق، أن الزواج عبر "الفيسبوك" يشبه البيع الفاسد لأن الغالب من راغبي الزواج بهذه الطريقة لا يذكر الحقيقة الكاملة عن صفاته أو حياته أو شهادته، بالإضافة إلي عدم معرفة إذا كان الشخص الذي يتحدث جاد ويريد المعرفة بأرض الواقع لصالح إنشاء حياة زوجية أم لا.

مبادئ الصدق والأمانة

وعلقت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر قائلة: فكرة الزواج "أون لاين" فكرة لا بأس بها، ولكن لها ضوابطها، حتى لا تقع الفتيات والرجال في شباك النصب أو شباك من لهم أهداف سياسية متشددة، مضيفة أنه يجب توافر مبادئ الصدق والأمانة والموضوعية حتى يكون زواج مشروع لا يخالف القواعد الإسلامية.

وتابعت: يجب تحري الدقة حول الأشخاص الذين يأتون عن طريق تلك الصفحات والجروبات الموجودة على " السوشيال ميديا ".

وحذرت نصير من بعض جروبات الزواج السلفية والمتشددة عبر "الفيس بوك"، فهم يصنفون السيدات والرجال على حسب أهوائهم السياسية، بجانب الاستحواذ على السيدات من أجل استعبادها ومن ثم دخولها إلي عالم آخر من التشدد.

غير موثوق به

وتقول الدكتورة إيمان عبدالله أخصائي علم النفس والعلاج الأسري بجامعة عين شمس، إنه ينجرف راغبي الزواج لشبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة من وسائل التقدم التكنولوجي الحديث وكسر لمقولة: "الإنسان سجين لعادت مجتمعه"، فانطلقوا وراء مواقع الزواج المختلفة بهدف التعارف قبل الزواج والحب مثل ما يعرض على شاشات التلفزيون ويكتب في الروايات فيظنون أن الحب عبر تلك المواقع يجعل الزواج ناجح وسعيد والبعد عن الطرق التقليدية  وزواج الصالونات يقلل من نسب الطلاق.

وأضافت عبدالله أن هذه الطرق غير موثوق بها، فالنساء أكثر عرضة لتجارب السيئة والسلبية من قبل الزواج أون لاين فحوالي ٤٧٪ من مستخدمي مواقع الزواج من النساء وقعن ضحية المضايقات مقابل ١٧٪من الرجال لمستخدمي تلك الصفحات، فهي أفكار مستحدثة تحت شعار الحرية التي تسمح بالتعرف قبل الزواج وعدم انتظار القسمه والنصيب، مشيرة إلى الدراسات التي أثبتت بأن ٣٨٪من العازبين يبحثون عن شريك حياتهم من خلال مواقع الزواج وأن من يستخدمون الإنترنت بكثرة هم من يعتقدون بفكرة الزواج عبر الإنترنت.

 

اقرأ أيضا: جمعيات راغبي الزواج.. متاجرة بالأحلام أم «توفيق راسين في الحلال» مجانا