خاص| مقابر الأرقام.. معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال «فوق الأرض وتحت التراب»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في فلسطين، لا يندمل جرح الأهالي ولا ينضب ولا يتوانى الاحتلال الإسرائيلي عن الإمعان في قتل الفلسطينيين إلى جانب الموت البطيء لأهلهم، الذين انفطرت قلوبهم على أبنائهم، وماتوا وهم لا يزالون أحياء أكثر من مرة، لما عرفوا من مصيرٍ مجهولٍ لأبنائهم، أبى المحتل حتى أن يطلق رصاصة الرحمة على قلوبهم.

 

حكاية إجرام الاحتلال الإسرائيلي تتعلق الآن بجثامين المئات من شهداء الفلسطينيين، الذين يرفض الاحتلال أن يفرج عنهم، ويظل محتفظًا بهم، دون أن يدري الأهالي بمصير أبنائهم، ليكون ذلك لشهداء فلسطينيين بمثابة "موتٍ آخر لهم بعد الموت".

 

وتتعمد إسرائيل إخفاء جثامين عددٍ من الشهداء الفلسطينيين وذلك بغية إخفاء آثار جرائمها، ليقع الأهالي هم الضحية الكبرى في هذه المسألة والجرم الإسرائيلي لقوانين الإنسانية والانتهاك الفظ لحرمة الأموات.

 

مقابر الأرقام

 

ويقول عبد الناصر فروانة، مدير وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن عدد جثامين شهداء فلسطين المحتجزة حاليًا في سجون الاحتلال تبلغ 254 في مقابر الأرقام، وقرابة 75 في الثلاجات.

 

وأضاف فروانة لـ"بوابة أخبار اليوم"، "يعني يمكن القول إن الاحتلال يحتجز قرابة 320 جثمانًا لشهداء فلسطينيين وعرب في ما يُعرف بمقابر الأرقام أو داخل ثلاجات الموتى"، مشيرًا إلى أن من بين هؤلاء 7 جثامين لأسرى فلسطينيين استشهدوا داخل سجون الاحتلال.

 

ومقابر الأرقام تلك يتم دفن جثامين الشهداء الفلسطينيين بها بمعرفة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من دون أن يتم تسمية اسم الشهيد، ليظل مصير هؤلاء الراقدين تحت التراب مجهولًا بالنسبة لذويهم.

 

ومن بين قصص شهداء فلسطين المحتجز جثامينهم في سجون الاحتلال، والذين يعتبر مصيرهم مجهول إلى حد هذه اللحظة، بلال رواجبه، ضابط الشرطة الفلسطيني، البالغ من العمر 29 عامًا، والذي من المرجح أن يكون قضى نحبه برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.

 

قصة الشهيد بلال

 

وتحكي مها رواجبه، شقيقة بلال رواجبه، أن شقيقها أطلقت عليه قوات الاحتلال الرصاص في 4 نوفمبر الماضي واختطفوه فورًا، مشيرةً إلى أنهم لم تصلهم أي معلومة عنه حتى الآن، ولا يعرفون مصيره ولا إلى أية جهة اقتادوه (جنود الاحتلال)، ولا إذا كان شهيدًا جثمانه محجوز بثلاجاتهم أم جريح أم أسير.

 

وتضيف شقيقة بلال لـ"بوابة أخبار اليوم" أنهم احتسبوا "بلال" عند الله شهيدًا، مستطردةً بالقول: "لكننا لم تصل إلينا أي معلومة حول استشهاده، فيما نشر الإعلام العبري أنه قُتل، لكننا لم نراه، ولم يبلغنا أحد، ولا حتى الصليب الأحمر، الذي بالعادة يبلغ أهالي الشهداء".

 

وتشير مها رواجيه إلى أنهم أطلقوا حملة باسم بلال وبكل جثامين شهداء فلسطين، ولا يزالون ينادون منذ أكثر من شهر لمعرفة مصيره واستخراج جثمانه.

 

 

وتتحدث شقيقة بلال عن أن والدتها في حالة سيئة نتيجة ذلك، وعدم معرفة مصير ولدها، الذي أُطلق عليه الرصاص من قبل قوات الاحتلال ثم اختطفوه.

 

 

وحول قيامهم بالتواصل مع سلطات الاحتلال لمعرفة مصير بلال، تجيب شقيقته قائلةً: "ما تركنا.. لكنهم لا يريدون أن يجيبوننا.. الاحتلال رافض أن يجيب".

 

وتذكر شقيقة بلال عن أنه لدية طفلة عمرها سنة واحدة، كما أن شقيقها تخرج من كلية الشرطة في مصر، وكان محبًا كثيرًا لمصر.

 

وحالة بلال رواجبه من ضمن مئات الحالات لشهداء فلسطينيين قضوا نحبهم سواءً في سجون الاحتلال أو على يد جنوده دون أن يُعرف بعد مصيرهم الحتمي، الذي من المؤكد أن يكون إما في ثلاجات حفظ الموتى أو في مقابر الأرقام الإسرائيلية، التي تظل رقمًا في جرائم الاحتلال التي لا تُحصى.