طريق ذوي الهمم «مش سالك»| معاناة يومية وميزانيات إضافية .. فيديو

معاناة ذوى الهمم فى الشوارع المصرية
معاناة ذوى الهمم فى الشوارع المصرية

كتب: شاهندة أبو العز - محمد عيسوى

◄ فيفيان: «باتشال من المارة لصعود الرصيف و سلالم المترو»
◄ تمهيد الطرق أهم المطالب لحياة كريمة
◄ عزة: الشوارع غير مؤهلة لحركة الكرسي المتحرك


المدن الجديدة مصممة لتطبيق «كود الإتاحة».. و٥٠٠ أتوبيس مزود بخدمات راقية خلال السنوات القادمة حلم يتمناه كل ذوي الهمم (الإعاقة) وبالأخص ذوي الإعاقات الحركية، في تمكينهم من التنقل بطرق آدمية أسوة بالأصحاء وإتاحة بنية تحتية في الشوارع والأرصفة ووسائل المواصلات تمكنهم من التنقل بسهولة بالكرسي المتحرك دون طلب المساعدة أو التعرض لـِ (نظرات الشفقة) في أعين المحيطين بهم، حيث يعاني ذوي الهمم معاناة دائمة ومكلفة في قضاء المصالح اليومية، بسبب  عدم تأهيل المواصلات والطرق والأرصفة بما يناسب إعاقتهم، مما يُرهقهم جسديًا ونفسيًا، ويضطر الأغلب لجلب مرافق بأجر أو تأجير وسائل موصلات مستقلة لإنهاء اشغالهم .. لتضيع أحلامهم بين وعود تصطدم بعشوائية الشوارع والأرصفة وتنمر سائقوا النقل العام والأجرة.

 

وبين الإتاحة في مدن جديدة بعيدة منال عن قدراتهم المادية.  «عزة عدلي» ، مذيعة براديو «إف أم مصر» وصناعة اكسسوارات وحلي، تستلزم وظيفتها الذهاب بشكل منتظم لمقر عملها، بالرغم من إعاقتها الحركية التي اضطرتها للتواجد بشكل دائم على كرسي متحرك، تواجه صعوبة في التحرك بشوارع منطقتها (الخصوص) التابعة لحي المرج نظراً لكونها منطقة شعبية والطرق غير ممهدة، بجانب صعوبة مضاعفة للوصول إلى محطة مترو الأنفاق المرج، لابد من إستقلال ميكروباص شعبي، غير مهيأ تماماً للركوب من قبل الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة.

 

«عايشت «بوابة أخبار اليوم» يوم في حياة (عزة عزمي) لرصد معاناتها في قضاء مشاويرها اليومية بالطرق والمواصلات العامة.

 

20 دقيقة قضتها السيدة الخمسينية في الشارع تجاورها أختها التي لا تفارقها في مشاويرها، تنتظر أن يقف لهم أحد الأتوبيسات المتجهة إلى مسطرد، ما بين رفض السائقين ركوبها لانتظارها فترة طويلة حتى الصعود بكرسيها المتحرك، ومابين عدم تقديم العون من الكمسري، تقضي «عزة» أغلب ساعات يومها في الشوارع.

 

 

تقول عزة: الشوارع نصفها متكسر والتاني غير مؤهل لحركة الكرسي المتحرك، بجانب وجود الأسواق الشعبية التي تحتل الطرق والأرصفة، وهذه معاناة كبيرة للحركة فقط، وعشان أوصل للمترو بركب ميكروباص غير مهيأ للبني أدمين أو يراعي المعاقين، أو ركوب أتوبيس هيئة النقل العام.

 

وتضيف : الأتوبيسات الغاز الصفرا المجهزة بـ رامب لذوي الاحتياجات الخاصة لا تمر بمنطقة المرج، لذا بلجأ لركوب المترو، وبأتشال زي( المقطف) عشان أعرف أركب، فين حقوق ذوي الإعاقة وحق التنقل بسهولة وتمهيد الطرق لهذه الفئة التي تصدر كوادر للمجتمع، هناك عدم وعي من قبل مقدمي الخدمات لذوي الإحتياجات الخاصة، وتابعت : الكمسري في الأتوبيس لما بركب بيقولي «ياربع» كتنمر على شكلي.

 

عانت السيدة الثلاثينية «فيفيان أنطوان» من الإصابة بشلل الأطفال واعتادت الحركة بواسطة العكاز قبل أن تستبدله بكرسي متحرك نتيجة إصابتها بشلل كامل جراء خطأ طبي تسبب في قطع أعصاب قدمها، فحاولت التأقلم والاعتياد على الوضع الجديد، وحفظ الطرق السهلة والمبسطة التي يمكنها أن تسير بها دون طلب العون من أحد، ولكن الطرق والأرصفة غير الممهدة تسبب لها مشكلة كبرى تزداد مع الوقت.

 

تشكو «فيفيان» من صعوبة المشي بكرسيها المتحرك على الأرصفة والطرقات العامة وسلالم المصالح الحكومية، دائماً ما يسيطر عليها شعور الحزن وقلة الحيلة للاعتماد على طلب مساعدة الآخرين، وعدم إدراك أبعاد استخدام الكرسي المتحرك بالشكل الصحيح وكيفية أستخدامه من قبل الأشخاص الذين يقدمون المساعدة مما يعرضها إلى الوقوع من عليه أو كسر أجزاء منه.

تقول فيفيان لـ «بوابة أخبار اليوم»: الطرق والمواصلات أهم مطالبنا لحياة كريمة، عشان منحسش طول الوقت إننا محتاجين للمساعدة أو في حاجة لشخص يرافقني، فمثلاً السائقين لما بنركب مواصلات «بتغلس عليا» كتير وكأنهم بيعملوا فيا جميل عشان بينتظروا شوية لحد أما أطلع، ولما بلجأ لتاكسي العادي بيضاعف الأجرة عليا عشان أنا بكرسي المتحرك، حتى «أوبر» رغم أنهم ملتزمين بتسعيرة المشوار لكن بيضايقوا أنه بيحط كرسي متحرك في شنطة العربية.

 

 

عصا المكفوفين لا تفي بالغرض
عدم وجود حدود أو علامات لأرصفة محطات مترو الأنفاق أو عدم توافر “البلاط البارز” التي تستشعرها عصاها التي لا تفارقها أكثر ما يؤرق «سارة.ع» اسم مستعار 23 عاماً، فكلما قررت النزول إلى الشارع بمفردها تتلقاها الطرق المكسوره والأرصفة المحتلة التي لا يمكن السير عليها، لذا كان الحل للنزول بمفردها دون مرافق حفظ  شوارع منطقتها بمنشية الصدر عن ظهر قلب، وكأنها خريطة رسمتها بعناية بالغة في حدود ظلامها الدامس.

 

إستقلال «سارة» لِمترو الإنفاق يومياً في الذهاب إلى العمل أو الخروج لمقابلة أصدقائها جعلها تتعرف على أبعاد النزول والصعود وأماكن الانتظار بمحطات الخط الأول والثاني فقط، لذا عندما قادتها الصدفة في التغيير للخط الثالث للمترو دون وجود مرافق تعرضت إلى موقف من الشفقة لن يفارق خيالها، حيث عرضت عليها أحدى الركاب توصيلها إلى المحطة المرادة، ثم بدأت في ترديد عبارات صعبة مثل «الله يعينك»، أهو «هكسب فيكي ثواب»، «ربنا يشفيكي».

 

تروي سارة معاناتها قائلة: "الناس لديها انعدام وعي في كيفية تقديم المساعدة لـذوي الهمم وبالنهاية بتوصل لحالة شفقة عليهم وأن هؤلاء مغلوبين على أمرها، وهذا يزيد من معاناتهم، فمثلاً بعض الناس لا تراعي عصا المكفوفين مما يتسببوا في كسر العصا ".

 

 

 

 «150 أتوبيس لذوى الهمم بالقاهرة الكبرى»
عماد عبد الجليل رئيس الإدارة الهندسية لشؤون رئاسة هيئة النقل العام، يعلق على تأهيل الأتوبيسات العامة بما يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، بأنه يوجد 150 أتوبيس يعمل بالغاز ذو لون أصفر مزود بتكنولوجيا الـ «رامب» لصعود ذوى الاحتياجات الخاصة، بجانب تخصيص أماكن لهم داخل الأتوبيس، مضيفاً أنه سيتم زيادة عددهم من 300 لـ 500 أتوبيس خلال 5 سنوات القادمة.

 

 وجاءت خطوط سير هذه الأتوبيسات  على النحو التالي، الخط الأول ويبدأ من «محطة مساكن بيتشو، وينتهي بمحطة  بولاق الدكرور، والخط الثاني يبدأ من محطة الأميرية وينتهي بمحطة الجامعة الأمريكية ويبدأ الخط الثالث من النزهة الجديدة وينتهي بالجامعة الأمريكية»، ويعود في نفس المسار.

 

وأوضح عبد الجليل أن الأتوبيسات العامة ذات اللون الأحمر وهي الأكثر انتشاراً في محافظة القاهرة غير مجهزة بتكنولوجيا الروافع  أو الرامب لصعود الكراسي المتحركة لذوي الإعاقة الحركية، وهذا يرجع لتصاميمها القديم، بينما الأتوبيسات ذات اللون الأزرق  يوجد منها عدد 30 أتوبيس فقط  مزودة باب خلفي لخدمة ذوي الإعاقة ولكن لا يتم استخدام تلك الخاصية من قبل السائقين، مشيراً إلى تعليمات هيئة النقل العام للسائقين والمحصلين في مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة وتسيير ركوبهم بسلاسة.

 

"أرصفة مصر خارج الخدمة"
« الأرصفة محتلة من الباعة والمقاهي والسيارات « بهذه الكلمات علق الدكتور أشرف مرعي رئيس المجلس القومي لشؤون الإعاقة، على سؤال لماذا لم يتم المطالبة بتأهيل الطرق والأرصفة بما يناسب ذوي الاحتياجات الخاصة لتسهيل حركتهم.

 

وتابع مرعي، أن الأرصفة في مصر تعاني يأما من إحتلال أو من ضيق مساحاتها، وعدم وجود منحدرات بها، وتأهيلها في الوقت الحالي يحتاج إلى جهد كبير وتكلفة عالية، مشيراً إلى تواصل المجلس القومي لشؤون الإعاقة مع التنمية المحلية عام 2019، لوضع خطة تأهيل الطرق القديمة بما يناسب تسهيل معاناة ذوي الإحتياجات الخاصة في التنقل. وأضاف مرعي، أن الدولة منذ إطلاق عام ذوي الهمم في (2018)، تقوم بتطبيق كود الإتاحة في كل تصميمات والخطط الإنشائية والمدن الجديدة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمنصورة الجديدة والإسماعيلية الجديدة.

 

أما عن محطات المترو، يقول رئيس المجلس القومي لشؤون الإعاقة أنه يتم تنفيذ محطات المترو الجديدة مع مراعاة الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة في تسهيل التنقل، ولكن تكمن المشكلة فقط في بعض محطات المترو بالخط الأول، حيث غير مهيأة لذوي الاحتياجات الخاصة، موضحاً أن جميع المحطات المترو الأخرى بها مواصفات وتكنولوجيا لتسهيل معاناتهم في الركوب.