انتهت امس فعاليات مؤتمر المحلس الأعلى للشؤون الإسلامية في دورته الخامسة والعشرين والذي عقد بمحافظة الأقصر. حيث قام د .محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بتكريم عدد من المشاركين في المؤتمر من الضيوف.

وأكد وزير الأوقاف أنه انطلاقًا من المسئولية الشرعية والوطنية والإنسانية الملقاة على عاتق العلماء والمفكرين، وإيمانًا منهم بضرورة المواجهة العلمية للأفكار المنحرفة وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول كثير من القضايا، وفي مقدمتها أسباب التطرف وآليات تفكيكه وإزالة هذه الأسباب، والعمل على كشف توظيف بعض المنتسبين للإسلام الدين لأغراض نفعية أو سلطوية أو حزبية، وبعد جلسات علمية وحوارية ونقاشية مطولة انتهى المجتمعون إلى عدد من التوصيات الهامه وهي ان أهم أسباب التطرف والغلو والانغلاق، والجمود، والتقليد الأعمى، وسوء الفهم، والوقوف عند حرفية النصّ، والابتعاد عن فقه المقاصد والمآلات ، وعدم فهم القواعد الكلية للتشريع ، وإتاحة الفرصة لتصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين لبعض جوانب المشهد الدعوي . ومتاجرة بعض الجماعات والتنظيمات بالدين، واتخاذه مطيّة لتحقيق مصالح سياسية وحزبية ، مع إيثار مصالح الجماعات والتنظيمات على المصالح العليا للدين والوطن، وغلبة التدين الشكلي والتدين السياسي على التدين الخالص لله ، ونجاح بعض القوى الاستعمارية في استقطاب عملاء لها في كثير من الدول العربية والإسلامية، سواء على وجه المصالح المتبادلة , والوعود الوهمية لبعض الجماعات، أم عن طريق شراء الذمم والولاءات.

كما تم التأكيد على قصر الخطابة والدعوة والفتوى على أهل العلم المتخصصين دون سواهم ، وقصر الخطبة على المسجد الجامع دون الزوايا والمصليات، ودعم موضوع الخطبة الموحدة .والعمل على تجفيف منابع التطرف بالجامعات ، وذلك من خلال منع تجنيد الشباب عن طريق حوارات علمية عن الإسلام وروحه السمحة تتسم بالواقعية والموضوعية والعقلانية، وبما يمس القضايا العصرية مسّا واقعيًا ، وكذلك عن طريق منع تحويل القاعات المخصصة للمذاكرة أو الترفيه بالجامعات والمدن الجامعية إلى زوايا لتجنيد طلاب الجامعات لصالح الجماعات المتطرفة والمتشددة ، والاستعاضة عن ذلك بمسجد جامع في كل جامعة وكل مدينة جامعية يقوم بالإشراف عليه من الناحية الدعوية العلماء المتخصصون من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وأئمتها.


كما طالب الموتمر بضرورة التحصين المبكر للأطفال والناشئة , والحرص على عدم وقوعهم في أيدي المتشددين ، وبخاصة في مرحلة الروضة والتعليم الابتدائي، وعدم إسناد تدريس مادة التربية الدينية إلى غير المتخصصين، وعدم تمكين أي من المنتمين للتيارات المتطرفة أو المتشددة من تشكيل عقول أبنائنا في هذه المراحل السنية المبكرة.


ومواجهة الجماعات المتطرفة بتفكيك شبهاتها والرد عليها بالأدلة العلمية الدامغة ، وذلك عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، حتى لا تنطلي هذه الأفكار الضالة المنحرفة على عقول الناس، وبخاصة النشء والشباب، مع التوسع في الدراسات والبحوث والكتب والمجلات التي تعمل على تفكيك هذا الفكر ، وبخاصة تلك التي تصدر عن الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية .


وطالب بضرورة التنوع الثقافي من خلال الانفتاح على الآخر والتواصل معه ، مع إعداد الموفدين إعدادًا متميزًا وبخاصة في مجال اللغات بما يؤهلهم للتواصل مع الآخر , والتوسع في مجال الترجمة والنشر، والانفتاح والتواصل الثقافي الداخلي على شاكلة “ملتقى الفكر” الذي نظمته وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة طوال شهر رمضان ، بما يجمع العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والإعلاميين على مائدة فكرية واحدة، مع التأكيد على أهمية وجود بناء معلوماتي قوي ومحترف يستطيع مواجهة ما ينشر من أفكار هدامة تصحيحًا وتفنيدًا ومراجعة، حرصًا على عقول الشباب وغيرهم من أن تتخطفها أيدي المتشددين.


والتأكيد على أهمية قيام وسائل الإعلام باستضافة العلماء المتخصصين الذين يحملون الفكر الوسطي المستنير وإبراز فكرهم ، وعدم السماح لحملة الفكر المتطرف والمتشدد أو المتحلل من الوصول إلى الشباب عبر القنوات الإعلامية المرئية أو المسموعة أو المقروءة، مع التركيز على نشر الخطاب الديني الوسطي القائم على عظمة الأخلاق وحسن المعاملة واحترام الآخر وتقديره والابتعاد عن التدين السياسي والتدين الشكلي الظاهري البعيد عن جوهر الدين .

كما أوصى المؤتمر بضرورة تعميق جسور التواصل والتعاون بين الأزهر الشريف ووزارات : الأوقاف، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة، والشباب والرياضة، ودار الإفتاء المصرية، والمؤسسات الإسلامية الوسطية بالدول العربية والإسلامي، من أجل تفكيك الفكر المتطرف والقضاء عليه، وبيان خطورته على الفرد والمجتمع والعالم ، مع العمل على بناء تكتل عربي وإسلامي وإنساني لمواجهة قوى الشر والتطرف والإرهاب . والعمل على تحقيق الاجتهاد الجمعي الذي يدعى إليه كبار علماء المسلمين ممن يحملون هموم العالم، ويعملون على حلّ مشكلاته، لينظروا غير هيابين ولا وجلين في القضايا المشكلة والعالقة، خصوصًا ما كان منها متعلقًا بقضية الإرهاب , وتحديد مفهوم دار الإسلام , والالتحاق بجماعات العنف المسلح،والخروج على المجتمع وكراهيته، واستباحة دم المواطنين بالقتل أو التفجير، أو ما كان متعلقًا بحقوق الإنسان والحرية، أم كان متعلقًا بأمور الاجتماع وأولها قضايا المرأة , وتحديد أوائل الشهور العربية بالحساب الفلكي، ومسائل الحج،وبخاصة الإحرام من جده للقادم جوًا أو بحرًا، ورمي الجمرات في سائر الأوقات، وغير ذلك مما يفرضه واجب الوطن وواجب الوقت وحاجة الناس , مع استنهاض الأمة لاستصدار فتاوى تُوجب العمل وتحرّم التقاعس والكسل، شريطة ألا يُفتى في هذه القضايا الدقيقة بفتاوى مجملة ونصوص عامة لا تنزل إلى الأرض ولا تحسم القضية ولا تغير الواقع .