ذكريات الرعب والفزع من سيول 2010 تسيطر على أهالي أسوان
ذكريات مؤلمة ومشاهد درامية استحضرتها أحداث السيول التي ضربت مدينة رأس غارب وعدد من مدن وقرى محافظات الصعيد إلى مخيلة أهالي محافظة أسوان لتعيد لأذهانهم أحداث سيول عام 2010 .
أحداثها كشريط فيلم سينمائي يصور مشاهد الرعب والفزع وأصوات انهيار جدران مساكنهم وهدير السيول المصحوب بصرخات هلع الأطفال وعويل النساء ودعاء الشيوخ ومصارعة الرجال والشباب لموجات وأمواج السيول الجارفة من أعلى الجبال لتصيب أهالي قرية أبو الريش ونجوعها بعد أن غيرت السيول مسارها المعتاد في السنوات السابقة إلى مواقع جديدة غير متوقعة ولأن محافظة أسوان من أكثر المحافظات عرضة للسيول وتقع بطولها في مرمى ضربات السيول الجارفة .
وطبقا لما تشير إليه خريطة المعلومات التفصيلية بالأماكن والمناطق الأكثر عرضة للسيول وخاصة المناطق المتاخمة لسلاسل جبال البحر الأحمر.
كما يقول المهندس محمد على الشرونى مدير عام الري بأسوان يوجد بمركز ومدينة أسوان عدة مناطق معرضة للسيول مثل منطقة عزب كيما وقرية أبو الريش وخور أبو سبيرة والأعقاب وبمركز ومدينة نصر النوبة هناك قرية أبريم، وبلانه وبمركز دراو هناك قريتي الريتاج والجعافرة، وقرية سلوا بمركز كوم أمبو.
وفى ادفو هناك قرى ومدن وادي عبادي والرديسية والشراونة والدمارية، وأكد على أن الري يستعد كل عام للسيول من بداية فصل الخريف إلى نهاية شهر نوفمبر ويتم تنظيف البرابخ والمخرات الصناعية والطبيعية ومراجعة جميع أعمال الصيانة والترميم لها.
كما يتم متابعة الأرصاد الجوية في هذه الفترة التي تعطى مؤشر كل ثلاثة أيام بتوقعاتها عن احتمال هطول السيول بالإضافة لمتابعة صيانة وتجهيز المعدات اللازمة وأشار الشرونى لأن المحافظة بها 38 مخر صناعي بطول 138.5 كيلو متر و37 مخر طبيعي بطول 185.5 كيلو متر هذا بخلاف 6 بحيرات صناعية و53 بربخ أسفل خطوط السكة الحديد والطرق البرية السريعة بالإضافة إلى سدود الإعاقة، موزعة على مدن المحافظة كالأتي مركز ومدينة أسوان به 8 مخرا صناعية و12 مخر طبيعي ومركز ادفو به 20 مخر صناعي و4 مخرات طبيعية وهناك حزام حماية من السيول يمر بقرى ومدن مراكز كوم أميو ونصر النوبة ودراو به 10 مخرات صناعية و21 مخر طبيعى.
وقال في حالة حدوث انسداد أو انهيار لأحد المخرات أو البرابخ أثناء السيول يتم الدفع بالإدارة الهندسية لإصلاح العطل وترميم الانهيار وفى حالة تعذر ذلك يتم الدفع بالمعدات الثقيلة لتحويل مسار المياه وتوجيهها لأحد البحيرات الصناعية أو لأقرب مجرى للمياه. وأخذت الأخبار أحد المناطق التي ضربتها السيول بشدة في عام 2010 كمثل حي للمناطق المعرضة للسيول وهى قرية خور أبو سبيرة التي تقع على شرق الطريق الزراعي مابين أسوان وكوم أمبو على مسافة 30 كيلو شمال مدينة أسوان ويعيش بالقرية ما يقرب من3 ألاف نسمة كلهم من قبائل عرب العبابدة ويعمل أبناء القرية بالزراعة والرعي بالإضافة لأنشطة التعدين والحراريات وبها مصنع للطوب الأحمر وأكبر مناجم خام الطفلة بأسوان.
واستعدت المحافظة لمواجهة السيول في هذه القرية بإقامة مخر صناعي للسيول وبحيرة صناعية وسد أعاقة توجيهي، وعدد 2 بربخ أحدهما أسفل السكة الحديد وأخر أسفل الطريق البرى، وقال عوض هدل، أحد مشايخ العبابدة خور أبو سبيرة يمتد شرقا حتى حدود محافظة البحر الأحمر وقال أن مواسير تصريف مياه السيول للترعة أو البحيرة الصناعية ولم تنظف ونخشى من تعرض المنطقة للدمار كما حدث في عام 2010.
وطالب باستغلال مياه السيول وإنشاء سدود لتجميعها وبحيرات صغيرة للاستفادة منها في الزراعات البسيطة والسريعة مثل الخضروات، وقال أن السيول تشكل خطورة بالغة على خور أبو سبيرة عكس وادى العلاقى الذى يسكنه العبابدة أيضا لأن وادي العلاقى مساحته شاسعة وهو نفسه وادى سيول وبه مخرات طبيعية بين جبلين ولا يوجد به مساكن ولا تمثل السيول خطورة على أهله.
وقال هلال دندراوى برلماني سابق ونائب رئيس حزب التجمع و أبن نجع الشديدة بقرية أبو الريش منذ أكثر من 60 عام أنشئت الدولة مخر للسيول عبارة عن ترعة ضخمة تبدأ من عزب كيما جنوبا إلى أن تصب في النهر غربا ويبلغ طولها 8 كيلو متر تقريبا، إلا أنها بقدرة قادر تحولت إلى مصرف لمياه الصرف الصحي والصناعي ومقلب للمخلفات ومدفن للحيوانات النافقة وكل هذه السموم تصب في نهر النيل.
وأشار لأن مناطق الشديدة وخور أبو سبيرة والحج علاب والشيخ على والأعقاب الصغرى والكبرى والعجباب والملقطة والنجع الجديد وأبو الريش قبلى ونجع الشيخ عمران وغيرها كلها مناطق تضررت كثيرا من سيول 2010 وشرد أهلها وبددت ممتلكاتهم، وهم معرضون لذلك مرة أخرى مشيرا لأن الجهات المعنية لم تتعظ مما حدث من قبل ولم تستعد للسيول بالشكل الأمثل ومخرات السيول لم تصان ولم تنظف لا هي ولا البرابخ أسفل السكة الحديد والطريق البرى .
ومن جانب أخر قال الخبير البيئي د. حسين الطهطاوى السيول ظاهرة طبيعية تحدث في أوقات معينة معروفة ومواعيدها محددة من كل عام وأن أحسن استغلالها فهي كنز، وإساءة استغلالها يمثل دمار وخراب .وقال أخر سيول في عام 2010 بلغت كميات مياه السيول حوالي 5 مليار متر مكعب محملة بالطمي والخير، ولذا يجب استغلالها في الزراعة عن طريق نشاء أبار وسدود لتجميع مياه السيول والاستفادة منها بعض الزراعات المناسبة وتجهيز الأراضي المناسبة لذلك مسبقا وبذرها بالبذور قبل موعد السيول كما كان يتم في مواسم الفيضان قبل بناء السد العالى وأستغلال المياه في زراعة محاصيل شتوية تروى بمياه السيول.
وأشار الطهطاوي إلى أن مشكلة التعديات والبناء على مخرات السيول خاصة بعد ثورة يناير حيث قامت الدولة بعد سيول 2010 بإزالة كل التعديات على مخرات السيول ولكن بعد الثورة عاد الأهالي للبناء المخالف والعشوائي على مخرات السيول وأعطى مثلا للمباني والبيوت التي بنيت على مخر السيول وفى وسطه أمام عزبة "الفرن " وقال لابد من تجريم الاعتداء على مخرات السيول وهدم هذه المباني .
وطالب "الطهطاوي" بإنشاء أبار عملاقة لتجميع المياه لاستغلالها في الزراعة مشيرا لأن الأراضي التي تغمرها مياه السيول من أجود وأخصب الأراضي لأنها تغسل بمياه السيول وتغذى بالطمي.
ومن جانب أخر قال أستاذ الجيولوجيا بعلوم أسوان د. عزت خضر تحدث السيول بعد تجمع مياه الأمطار فوق جبال البحر الأحمر ثم تنهمر في مسارات الأودية التي تمتد من جبال البحر الأحمر لتصب في نهر النيل وهذه المسارات والمخرات شرق أسوان تتمثل في أودية ضخمة تعرف علميا بأحواض الأودية وأحواض الصرف وهى معروفة ومرسومة في خرائط منذ مائة عام مضت منها حوض العلاقى وحوض وادي أبو عجاج وحوض وادي بو سبيرة وكلها مسجلة ومدروسة بمعرفة كلية العلوم بأسوان، وسبق أن قامت كلية العلوم بتصميم أحواض لجمع مياه السيول بالصحراء للاستفادة منها في الزراعة، وموجودة في تقارير شاركت فيها هيئة تنمية بحيرة ناصر منذ15عام.
وقال "خضر" أن السيول شرق أسوان تحدث في أوقات محددة من السنة تبدأ من شهر أغسطس وتمتد حتى ديسمبر من كل عام وللحول السريعة لا بد من وجود أدارة مسئولة تقوم بتنظيف مسارات السيول، وأحواض التصريف لسهولة سريان ماء السيول حتى تصب في مجرى النيل.
وأشار "خضر" لأن مسارات السيول في دول مثل انجلترا والمجر ويوغسلافيا وأيضا في السعودية تبطن بالأسمنت ولا توضع بداخلها مواسير للبناء فوقها لعدم معرفة مقدار المياه التي تأخذ مساراتها فيما يشبه الترعة حتى تصب في مجرى النيل أو البحر، مشيرا إلى أن ما تم في أسوان من وضع مواسير في مصرف السيول المعروف بترعة كيما يعد جريمة كبرى وإهدار لملايين الجنيهات في عمل خاطئ بلا دراسة وعدم الرجوع للعلماء والمختصين قبل تنفيذه ووضع مواسير في مسار مصرف السيل.
وأضاف: منذ عشرون عاما قام المسئولين بإنشاء سدود هزلية في مسارات تصريف مياه السيول وكانت ترص صناديق زجاجات المياه الغازية بعد مليء الصناديق بالحجارة وكانت النتيجة الكوارث التي شهدناها في أعوام سابقة حيث انهارت السدود المقامة من صناديق المياه الغازية مع أول كمية مياه .