رؤية

أحمد زويل.. لماذا أبكانا ؟

- وفجأة اغرورقت عيونها مع أنها كانت سعيدة جدا وهي تحدثنا عن السعادة.. لم نتوقع أن يضرب القدر كرسيا في الكلوب ويتحول كلامها عن السعادة إلي مأتم.. فأجاتنا لميس الحديدي  بالخبر الصادم والكلمات تتحشرج في حلقها وهي تقول « مش معقول» وتحولت فجأة إلي شكل آخر معجون بالحزن، شدتنا جميعا نريد أن نعرف إيه هوالخبر وقد كان خبر وفاة العالم النابغة دكتور أحمد زويل.. كان من الطبيعي أن تتوقف الحياة لحظات حتي يأتينا كيف مات هل في حادثة أم أحد اغتاله علي اعتبار أن وجوده يهدد علماء العالم في علم الفيزياء.. الوفاة طبيعية جدا، مات وهو يبتسم يودع بابتسامته التي كانت لا تفارقه أسرته، لقد استسلم للمرض الملعون بعد أن فشل في مقاومته.. لقد كان قويا حتي نجح في كل شيء.. لدرجة أنه هزم العالم والعلماء بنبوغه وامام هذا الخبيث اكتشف ضعفه فأراد أن ينزوي بعيدا حتي يسترد قوته لكن المرض لم يمهله طويلا كان أقوي منه، ويسقط الحصان وترك وراءه ثروة علمية من الشبان العلماء وطلاب جامعته التي شهد نورها قبل أن يرحل  ..

- للحق أول من أبكته كانت لميس الحديدي، فقدت توازنها وفقدت ابتسامتها وغيرت شكل برنامجها بمشاهد تاريخية للعالم الجليل.. استعرضت تاريخه العظيم فقد كانت أول إعلامية قبل الصحف اليومية تنعيه وتبكيه وإن كانت بقية المحطات الاذاعية والتليفزيونية قد دخلت معها علي الخط فأصبحت المنافسة بينهم في استعراض تاريخ الراحل العظيم.. رأينا زويل الإنسان الذي كان يتنقل مابين مسقط رأسه في دسوق وموطنه في الاسكندرية قبل أن يأخذ قراره بالسفر إلي الولايات المتحدة الأمريكية.. وهناك اكتشفوا الفلاح الصغير ابن دسوق، أحسوا أنه في يوم ما سوف يصبح له شأن كبير لذلك احتضنوه، وكان ذكاء منهم أن يمنحوه الجنسية تحسبا لأي خبطة علمية يحققها باسمهم كأمريكي الجنسية ونسوا أن مصر في عروقه، وفي جميع المحافل الدولية كان يتحدث عن مصر بدليل أنه بعد حصوله علي جائزة نوبل وكرمته بلده، أراد أن يسدد دينا في رقبته فأسس جامعة زويل ..  

- كلنا نعرف حجم الحقد الذي طاله أحمد زويل عند تأسيسه لهذه الجامعة والحرب التي دخلها بغير إرادته ومع ذلك لم يتراجع عن تأسيسها وقرر الاستمرار في إقناع العلماء المصريين الشبان المقيمين في أمريكا بترتيب حياتهم بين موطنهم في أمريكا وبين مسقط رؤوسهم مصر.. كان كل همه حشد الطيور المهاجرة في هذه الجامعة لاكتشاف النوابغ من أولادنا الشباب والأخذ بأيديهم، كان حلم الدكتور زويل أن تنتقل مصر علي خريطة العالم بأبنائها النوابغ.. فقد كان رحمه الله بسيطا متواضعا ليس هوالعالم الذي صفقت له كل الدنيا، فقد كان يجالس الفقراء ويحكي لهم مشوار حياته، حتي أصبح معروفا في كل بيت مصري.. وما من بيت إلا وبكي علي رحيله.. رحم الله أحمد زويل العالم الذي كان عاشقا لمصريته .