من حقي أن أفرح بهاتين الزهرتين مني العزب وداليا جمال علي اعتبار أنهما من الزهور الشابة التي ساهمت في إعدادها من خلال المركز الإعلامي العربي قبل انضمام الاثنتين إلي أخبار اليوم، وللحق الاثنتان كانتا تتمتعان بموهبة الصحفية النابهة، لذلك جاء ترتيبهما من الخمسة الأوائل في امتحانات القبول التي عهد بها كاتبنا الكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم سعده إلي كل من الأستاذين محمد طنطاوي وكمال عبد الرؤوف مديري التحرير السابقين.. والشهادة لله لم تدم فترة اختبارهما طويلا حيث مارستا العمل بسرعة وأصبحت كل منهما تحقق خبطات صحفية ناجحة.. مني العزب تخصصت في شئون القوي العاملة وداليا جمال تخصصت في الكهرباء لدرجة أنهم فكروا أن يطلقوا اسمها علي أحد أبراج الضغط العالي تقديرا لها كأول صحفية تتخصص في الكهرباء.. وتمضي الأيام وتزداد فرحتي بهما وأنا أري تألق مني وداليا علي صفحات التواصل الاجتماعي حتي أصبح لكل منهما محطة يقف عليها حشود من الأصدقاء من مختلف الأعمار يتابعون بإعجاب ما تحمله صفحاتهم من مقالات ملتهبة ومقترحات بناءة وتعليقات هادفة وقفشات مضحكة.. لا تتصوروا فرحتي ببنتيّ وهما تساهمان في إبعادي عن متابعة الانفلات الذي طال مسلسلات رمضان.. صفحاتهما علي الفيسبوك أبعدتني أيضا عن هوجة الإعلانات التي أفقدت المسلسلات طعمها وغيرت من طقوس رمضان.. لم أتخيل أن يدخل الفيسبوك في منافسة مع القنوات الخاصة بعد أن تحولت هذه القنوات إلي سوق عكاظ لوكالات الإعلان والفنانين ، ولأن مني وداليا من الكتاب الشبان المبدعين فقد أصبح لكل منهما زاوية في صحيفة أخبار اليوم تعرضان كل ما في جعبتهما من قضايا بغير خطوط حمراء.. وهذه دلالة علي أن مساحات الرأي في الصحف القومية لا تخضع لقلم رئيس التحرير ولذلك تري النقد فيها صريحا لا يخضع لأي ابتزاز سواء كان نقدا للحكومة أو لوزير.. والذي يعجبني في نقد مني وداليا أنه بناء هادف حتي ولو كان النقد قاسيا يتناول هجوما علي وزير..
- من أيام قرأت للمبدعة داليا جمال مقالا تحت عنوان « حاكموا هذا الوزير» ولأنها تملك الوقائع فلم تهتم لغضب الوزير ولا أعرف كيف سكت رئيس الحكومة عن وزير التربية الذي طالبت بمحاكمته.. داليا نشرت في مقالها أن الوزير وافق علي إقامة لجنة خاصة لامتحان الثانوية العامة لأبناء السادة المحظوظين من القضاة والضباط والصفوة من علية القوم في مركز البداري بأسيوط.. أنا شخصيا تخيلت أن يتقدم وزير التربية والتعليم باستقالته أو يخرج علينا ببيان يحمل تبريرا عن واقعته.. طبعا شئ من هذا لم يحدث لأننا لم نسمع تعليقا لا من الوزير الذي أهان جهد الآلاف من الطلاب وحطم أحلام أهاليهم في أن يحظي أولادهم بفرص عادلة في المجموع.. ولا من رئيس الحكومة الذي يطنش الأقلام..
- أما مني العزب فقد نشرت منذ أيام قضية قد تبدو عادية جدا لكنها في الحقيقة تكشف عن غياب مفهوم المشاركة الاجتماعية في الشركات التي تحقق المليارات ومع ذلك لم تقدم شيئا للمجتمع.. وعلي سبيل المثال شركات المحمول التي تمتص شهريا الجزء الأكبر من دخل العائلة المصرية في فواتير المحمول.. ولكم أن تتخيلوا واحدة من هذه الشركات اعتادت أن تفاجئنا في كل شهر رمضان بإعلان تدفع فيه الملايين، وآخر إعلان لها هو عن « بيت العيلة « الذي يضم عشرات النجوم وبصرف النظر عن حجم المبالغ التي اندفعت في قيمة هذا الاعلان بخلاف أجور كبار الفنانين التي قيل أنها بلغت ٦٠ مليون جنيه.. معني هذا أن تكلفة إنتاج الإعلان وصلت إلي ١٠٠ مليون جنيه بخلاف مصاريف إذاعته علي قنوات التليفزيون.
- مني العزب اقترحت استثمار هذه الأرقام في إقامة عمل اجتماعي ضخم تصبح له قيمته ويحمل بصمات الشركة التي أقامته، ثم ماذا كان يضير شركة المحمول من المساهمة في إقامة منطقة سكنية حضارية للغلابة الذين يسكنون المقابر.. أسوة بصندوق « تحيا مصر « والمساكن الحضارية التي أقامها لأهالينا الغلابة في الدويقة.. أكيد أن مثل هذا العمل تستطيع الشركة إستثماره في دعايتها.. أنا مع مني العزب في هذا المقترح وللحق أول من طبقه طارق عامر عندما كان رئيسا للبنك الأهلي فقد ألغي بند الهدايا التي كان البنك يدفع فيها ملايين واستثمر قيمتها في العمل الاجتماعي ومن يومها أصبحت بنوكنا تخصص نسبة من أرباحها للمشاركة المجتمعية.. وقد وصلت ميزانية المشاركة الاجتماعية مايقرب من 2 مليار جنيه سنويا.. معظم الصرف في تطوير الأحياء المتهالكة والآيلة للسقوط ووحدات للغسيل الكلوي ووحدات للرعاية المركزة في المستشفيات وأجهزة متطورة في الأشعة و.. و.. وآخر الاعمال الاجتماعية للبنك الأهلي تطوير حي للعشوائيات بالكامل في مدينة الاسكندرية معروف باسم غيط العنب.. سيظل هذا العمل عنوانا لجهد العاملين في البنك لأنه من أرباحهم..
- كلمة حق أقولها في حق كاتبنا الكبير إبراهيم سعده « متعه الله بالصحة « إن قلمه لايزال محفوراً علي صدر أبنائه.. إن قصة نجاح الموهبتين مني العزب وداليا جمال لن تتكرر بعد غياب مدرسة أنور وجدي التي كانت تهتز لها حكومات.. السؤال هنا: هل يعود بنا الزمن الجميل؟