اختلطت الدماء بالأوراق والأقلام، رسمت الدماء لوحة على الأرض لتترك ذكرى أسوأ هجوم إرهابي تتعرض له منشآة صحفية بأوروبا، جعلت فرنسا تعيش أياما من أصعب أيامها ، فالإرهاب أطل برأسه ليعصف بأمن الدولة الأوروبية التي تضم أكبر عدد من المسلمين في الغرب. بداية من الأربعاء 7 يناير، تعرضت مجلة شارلي إيبدو الساخرة لهجمة إرهابية على يد ثلاثة ملثمين يحملون الرشاشات أسفرت عن مقتل 12 شخصا، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصحف بفرنسا، فقد دخل الملثمون وهم يحملون أسلحتهم رافعين شعارات التوحيد كإشارة لتنفيذ هذا الهجوم انتقاما منهم لنشرهم صور الرسول على الرغم من مرور فترة طويلة على النشر، والغريب أن واحدا من مرتكبي تلك الواقعة كان معروفا بشرب المخدرات والسهر ولا يمت لتدين الإسلام الوسطي بشيء. وعقب يومين من هذا الهجوم الدامي نجحت الشرطة الجمعة في قتل المتهمين الرئيسين الأخوين سعيد وشريف كواتشي، المسلمين من أصول جزائرية، بعد محاصرة قوات الأمن لهما في إحدى المطابع شمال باريس أثناء احتجازهم لإحدى الرهائن والذي تمكن الأمن من تحريره بسلام، وقد ينتهي هذا الكابوس بمقتلهما لكن الأمن بفرنسا لا يزال متحفزا لأي عملا إرهابي أو اختطاف، فالأجواء لا تزال مقلقة. وشهد كذلك اليوم الجمعة عدة حوادث احتجاز رهائن أخرى لم تنتهي جميعها على خير، فقد قتل 7 أشخاص جراء حادث احتجاز لرهائن داخل أحد متاجر الأطعمة اليهودية، من بين القتلى مختطف الرهائن إميدي كوليبالي والمتهم في حادث مقتل شرطية بمونتروج أمس، فيما هربت شريكته حياة بومدين أثناء خروج الرهائن. كما تم احتجاز عدة رهائن من قبل مسلحين داخل أحد محلات المجوهرات في مدينة مونبلييه، وتمكنت الشرطة من إطلاق سراحهم. واتخذت فرنسا العديد من التدابير الأمنية صباح الجمعة، فقامت بمحاصرة إحدى المناطق الصناعية شمال باريس من أجل القبض على الجناة، كما قامت بإيقاف حركة هبوط الطائرات بمدرجين في مطار شارل ديجول. خرج الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ليؤكد أن الإسلام بريء من تلك الأعمال الإجرامية، داعيا شعبه إلى الهدوء وعدم المزايدة وأكد أن بلاده ستخرج من كبوتها أقوى وستتخلص من الإرهاب في أسرع وقت. وتحتضن فرنسا عدد كبير من المسلمين الذين يعيشون بحرية تامة ويمارسون شعائرهم، وأغلبيتهم ينتهجون المنهج الوسطي، واستطاع الكثيرون منهم الوصول إلى مناصب قيادية بالدولة كوزيرة العدل السابقة رشيدة داتي، ووزيرة التعليم الحالية نجاة بلقاسم وغيرهم.