من تجاره القطن إلى واحدة من أكبر شركات توزيع السيارات في العالم، تتمتع مجموعة منصور المصرية بحضور قوي في مختلف المجالات والقطاعات حول العالم ، وفي مقابلة حصرية ونادرة مع أريبيان بزنس، يكشف محمد منصور رئيس شركة مان كابيتال، الأسرار الداخلية للمجموعة التي تبلغ قيمتها أكثر من 6 مليارات دولار.

وأصبحت مجموعة منصور المصرية بمثابة إمبراطورية دولية تغطى مختلف دول العالم وتعتبر ثاني أكبر المجموعات المصرية ، حيث تعمل في 120 دولة ويعمل بها حوالي 60 ألف موظف وتتمتع بمعدل نمو يتراوح ما بين 10- 20 % سنوياً، وهي نسبة جيدة لمجموعة تعمل في أصعب الأماكن، ووسط اضطرابات جيوسياسية.

ويقول منصور، من مكتبه الخاص في العاصمة البريطانية لندن،"مصر لا تزال روح المجموعة وقلبها النابض"، حيث تشكل السوق المصري نحو 50% من أعمال المجموعة، حيث تأثر عملا المجموعة في أعقاب ثورة 2011، لكنها الآن اجتازت التحديات.

وأعرب منصور، عن تفاؤله بالتدفقات الجديدة للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعكس حالة الاستقرار في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرا إلى تقرير البنك الدولي حول نمو الأعمال التجارية في مصر بمعدل 4 % تقريباً خلال عام 2015، وهي نسبة تفوق حجم النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يبلغ 2.4%.

ويقول محمد منصور : "الوضع الآن أكثر استقراراً ومصر تسير على الطريق الصحيح ، فقد بذل الرئيس السيسي جهوداً كبيرة في سبيل إعادة الأمن إلى ما كان عليه، لأن الفترة ما بين عام 2011 و2014 كانت بالفعل كابوساً، ويكمن التحدي الآن في كيفية إعادة قطاع السياحة ، الذي يمثل 15% من إجمالي الناتج المحلي ، إلى ما كان عليه ومنح الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، سواء القادمة من الخليج أو من أي مكان آخر".

ويضيف محمد منصور " إن النمو لا يزال الركيزة الأساسية في المجموعة منذ أن أسسها والدي في خمسينيات القرن الماضي ، فقد كانت حصتنا في سوق مصر عام 1996 تقدر بحوالي 60 % فى بيع المعدات الثقيلة والمحركات( كاتربيلر) ونجحنا من خلال السيولة النقدية للمجموعة في توسيع إستثمارتنا فى كاتربيلر لتغطى جنوب الصحراء الأفريقية ، وهي منطقة نائية لم نكن نعلم عنها شيئًا"

ويضيف محمد منصور"بالرغم من الشك الذي ساور العاملين بالمجموعة نظر العدم معرفتهم بمنطقة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وتمركز عملهم بالدلتا ووادي النيل وقلة سفرهم، إلا أنني أكدت لهم بأننا نستطيع عمل ذلك. وبالفعل، لقد نما العمل في أفريقيا من 170 مليون دولار في عام 1996 إلى 2 مليار دولار اليوم، الأمر الذي يُظهر النمو الهائل الذي حققته مجموعة منصور لأشهر علامة تجارية مثل كاتربيلر".

لقد كانت لدى منصور رغبة كبيرة في التوسع، حيث أبرم بعد وقت قصير عقده الثاني والذي منحه هذه المرة حقوق توزيع منتجات كاتربيلر عبر أراضي سيبيريا الروسية، التي تتميز بمناخها المتجمد وطبيعتها غير الملائمة والصعبة.

ويقول محمد منصور أيضاً: "لقد سألت مدير كاتربيلر عن مناطق أخرى يمكن لمجموعة منصور أن تتوسع بها، فأجاب: ماذا عن روسيا- سيبيريا؟..والتي كانت في ذلك الوقت في طور التعافي من الحقبة الشيوعية ولها بيئة عمل مختلفة بحكم انخفاض درجات الحرارة لتصل إلى 40 درجة تحت الصفر، وقد حذرنا مستشارو المجموعة من المضي في هذا الاستثمار".

ويضيف منصور: "توقع المستشارون أن نخسر 5 ملايين دولار سنويا لمدة 5 سنوات في حال دخولنا السوق الروسي، حيث اعتاد الروسشراء معدات روسية وصينية رخيصة الثمن ولا مكان لكاتربيلر الأمريكية هناك..لكن كان لدي إصرار على هذه الخطوة لأن روسيا في ذلك الوقت كان لديها 30 % من احتياطي الغاز العالمي، ولا محالة من شراء معداتنا، وبالفعل نجحنا في بيع معداتنا خلال العام الأول" .

وأضاف منصور، مشيراً إلى منطقة شاسعة على خريطة معلقة على جدار مكتبه، :"تغطي أعمالنا في روسيا مساحة أكبر من إجمالي مساحة القارة الأوروبية،حيث يمتد عمل المجموعة من فيجي أصغر جزر المحيط الهادئ إلى أفريقيا النائية وحتى قلب المدن الأمريكية".

وتعد مجموعة منصور المصرية اليوم خامس أكبر موزع لمنتجات كاتربيلر في جميع أنحاء العالم، وأكبر موزع لمنتجات جنرال موتورز، كما تملك المجموعة الحقوق الحصرية لأشهر العلامات التجارية في مصر وحدها مثل ماكدونالدز وشفروليه وريد بول ويو بي إس وإمبيريال توباكو وغيرها من العلامات الأخرى، مثل سلسلة سوبر ماركت مترو وخير زمان، ونجحت المجموعة في السنوات الأخيرة ، باعتمادها على الأرباح النقدية للعائلة، في تأسيس شركتها الخاصة «مان كابيتال» والتي يرأسها محمد منصور شخصياً، حيث تستثمر في قطاعات التطوير العقاري والفنادق والبنوك والتعليم والصحة والخدمات اللوجستية والنفط والغاز والاتصالات السلكية واللاسلكية.

وتتمتع مجموعة منصور بشهرة عالمية، إلا أن محمد منصور يرى "أن إفريقيا منطقة ذات مقومات وفرص هائلة ونسب نمو مستمرة يمكن أن تزيد عن 7% ، على عكس آسيا وأوروبا والتي يتوقع أن يبلغ معدل النمو فيها من 1% إلى 1.5 %، وتحتفظ الولايات المتحدة بالاستمرار في تحقيق نسب نمو مقبولة".

وأضاف محمد منصور " يجب على المستثمرين أن يقدموا مشروعات خاصة ومميزة للسوق الإفريقي الذي يفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية والكهرباء وغيرها ، وما يميز مجموعتنا هو معرفتها الجيدة بتفاصيل السوق الإفريقي منذ وجودها عام 1996".

وأضاف محمد منصور أن "المجموعة نجحت في تأسيس "مان كابيتال" كشركة عالمية تعبر الحدود وتتخطى جميع العقبات وتتعامل مع الجميع ، رغم التحديات التي واجهتها بحكم العوامل الاقتصادية والسياسية لمختلف البلاد التي تعمل بها، حيث توجهت الشركة للعمل في دول عديدة لتحقيق التوازن بين أسواق يمكن أن تعاني صعوبات وأخرى ناجحة"، مؤكدا "كل ما نحتاجه فقط هو التحلي بالحكمة والحصافة بشأن الطرق التي نستثمر من خلالها".

تولى محمد منصور منصب وزير النقل لمدة أربع سنوات في حكومة الرئيس السابق حسني مبارك بين عامي 2005 و2009، ويقول معربًا عن رأيه "حان الوقت الآن لتبدأ مجموعة منصور مرحلة جديدة وتكون مجموعة عالمية كبرى متعددة الجنسيات، كما أرادها الولد لطفي منصور منذ أيامه الأولى التي قضاها بصفته رائداً في قطاع القطن المصري ومساهمته الكبيرة في جعله يحظى بشهرة إقليمية".

ويقول محمد منصور: "لقد حظينا بأبٍ عظيم، فلقد عملت معه لمدة عامين بعد عودتي من الدراسة في أمريكا، وأعتقد بأنني تعلمت منه في غضون عامين فقط أكثر مما تعلمته في الكلية، فالأسرة هي الأساس، لأنها تمثل أواصر الترابط والأشخاص الذي يكنون لنا الحب ويصارحوننا بالحقيقة، وسيتم غرس تلك الدروس ذاتها في نفوس الأجيال القادمة".