?الانــدفــاع العــاطفي? !? 27/11/2011 12:06:04 م نوال مصطفي جاءتني? ?فتاة شابة في النصف الثاني من العشرينيات?.. ?حائرة?.. ?شاردة?.. ?قلقة?. ?قرأت في عينيها أسئلة كثيرة فدعوتها إلي الحديث عما? ?يتصارع داخلها من مشاعر?.. ?وبعد قليل من التردد بدأت تحكي?.. ?قالت?:  ? هل? ?يمكن أن تتغير المشاعر إذا ما كانت حقيقية وصادقة ؟ فأجبتها?: ?كل شئ في الحياة قابل للتغيير حتي المشاعر?.. ?وقد تكون صادقة لكن هناك عوامل أخري كثيرة تؤثر في استمرارها وقوتها?. ?وهنا أطلت نظرة أسي من عينيها ومضت تكمل الحكاية?: ?لقد ربطتني علاقة حب قوية وعميقة بشاب ناجح وطموح،? ?ورغم انه شعلة حيوية و?" ?دينامو?" ?في عمله كما? ?يطلقون عليه،? ?إلا انه كان في بداية علاقتنا متدفقا بالمشاعر،? ?رومانسيا إلي ابعد حد?. ?وكنت في العام الأول أشعر بسعادة? ?غامرة،? ?وأحس بنشوة الحب تجعلني ألامس السحاب? ! ?فقد كان حبيبي? ?يحتويني بحنان عجيب،? ?ويحيطني باهتمام صادق،? ?ويعطيني بلا حدود?. ? سألتها?: ?وما المشكلة إذن ؟? ? قالت?: ?المشكلة إن كفة الميزان في علاقتنا قد تبدلت،? ?فبعد أن كان دائم الاتصال بي،? ?مهتما ومتابعاً? ?لكل تفاصيل? ?يومي،? ?وبعد أن كان الاكثر انشغالا وهياما بي،? ?أصبحت أنا? -?الآن?- ?التي تطارده?! ? نعم أنا لا أبالغ? ?في هذا الوصف لأنني فعلا اعاتب نفسي في كل مرة اتصل به تليفونياً? ?في أثناء اجتماع مهم،? ?أو مقابلة عمل،? ?وأفاجأ بارتباكه،? ?وأحيانا ضيقه من اتصالي? ?الذي اتي في? ?غير وقته أو مكانه?. ?ولا أدري لماذا أفعل ذلك ؟?! ?اشعر أحيانا أنه أصبح مسيطراً? ?علي تفكيري بشكل مرضي?.. ?وأجد نفسي اقدم علي تلك التصرفات الغبية رغم إنني? ?أدرك إنها خطأ? ! ? وما الذي? ?يشغلك الآن? ?غير هذا الحبيب?.. ?وتلك المشكلة?.. ?ماذا عن عملك?. ?عن اهتماماتك?.. ?أصدقائك?.. ?هواياتك?.. ?علاقتك بالآخرين ؟ كل هذا للأسف تضاءل?.. ?بل تلاشي وتباعد عن مركز تفكيري?.. ?كل علاقاتي بزملائي وأصدقائي? ?من الجنسين انهارت،? ?ولم? ?يعد لها وجود،? ?رغم انهم حاولوا أن? ?يعرفوا سر تغيري،? ?ونصحوني بالتمسك بالصداقة التي هي خير سند للإنسان في مواقف كثيرة صعبة?.. ?لكن ذهبت تلك المحاولات سدي? ! ?فقد أنكرت وجودهم أو ألغيته حتي اتفرغ? ?لحبي الذي ملك نفسي وروحي وكياني?.. ?والغريب أنه كان هو نفسه? ?يلح علي أن ازور صديقاتي المقربات،? ?أو اذهب معهن إلي النادي مثلما كنت افعل من قبل?.. ?وكثيرا ما نصحني بأن أفكر في أمور أخري? ?غير حبنا حتي لا? ?يرهقني التفكير،? ?وحتي اعيش حياة متوازنة سعيدة?. ?لكنني? -?دون أن أدري?- ?أكرر أخطائي،? ?وازداد التصاقا به? ! ?أعرف ان هذا كله خطأ?.. ?لكنني ابحث عن مشاعره الأولي?.. ?ولهفته الأولي علي رؤيتي كل? ?يوم،? ?ومحادثته تليفونياً? ?عدة مرات? ?يوميا،? ?اين ذهبت تلك المشاعر ؟ وهل انقلب ميزان حبنا?.. ?وأصبحت كفة حبيبي هي الأرجح?..?ماذا أفعل ؟ ش?. ?ع?  ? ? ?الكاتبة?:? كنت استمع إلي حكايتها باهتمام،? ?وتركتها تسترسل في الحديث،? ?وتبوح بكل مخاوفها وهواجسها?. ?والحقيقة إنني? ?استمعت إلي هذه المشكلة عشرات المرات من فتيات شابات،? ?ومن سيدات ناضجات،? ?وهذا هو الغريب أقصد أن المرأة في مرحلة عمرية معينة من المفترض ان تكون خبرتها وإدراكها ووعيها حصنا لها من الوقوع في هذا الخطأ?.. ?فمرحلة النضج تعني تجاوز الاندفاع العاطفي الجامح الذي? ?يلغي العقل تماما في علاقة الحب?.. ?ويبدو أن السبب في ذلك? ?يرجع إلي طبيعة التربية التي تغرس في أعماق الطفلة مشاعر العطاء بلا مقابل،? ?وإنكار الذات من اجل الآخرين،? ?وتكرس صفة الشهيدة والمضحية والمتفانية في امتداح الزوجة أو الام التي تلغي نفسها،? ?وتنكر ذاتها من اجل إسعاد أولادها واستقرار بيتها?!? ? ?وللأسف تتسرب هذه المفاهيم إلي العقل الباطن للفتاة،? ?ودون أن تدري تتصرف? -?غالبا?- ?في علاقة الحب من هذا المنطلق?.. ?الذوبان في الآخر أو التلاشي في عالمه،? ?وإلغاء نفسها تدريجيا لتصبح مجرد تابع أو مجرد ظل لهذا الحبيب? !.. ?وفي هذا كله تنسي طموحها الشخصي واهتماماتها الخاصة،? ?وشيئا فشيئا تمحو شخصيتها،? ?وتلغي كيانها وتذوب في الآخر?.. ?الذي هو الحبيب? !.. ?وهذا الخطأ تقع فيه معظم الفتيات والنساء الناضجات?.. ?فالفتاة هنا لا تفقد شخصيتها أو طموحها فحسب،? ?بل تفقد ذلك الحبيب الذي اعتقدت انه سيكون كنزها الوحيد في العالم،? ?وأملها الذي? ?يتضاءل أمامه أي? ?شئ في الوجود? ! ? عزيزتي?.. ?أحبي كما شئت?.. ?لكن كوني نفسك،? ?لاحظت أن لهفته الأولي قد تراجعت،? ?واندفاعه الذي ولد مع بداية العلاقة قد تباطأ?.. ?وكاد? ?يتوقف?.. ?فهل فكرت وبحثت عن السبب ؟?.. ?إن هناك?.. ?عزيزتي?.. ?مسافة مطلوبة دائما بين أي? ?حبيبين حتي تنجح علاقتهما وتستمر?.. ?هذه المسافة تسمح لكل طرف أن? ?يري الطرف الآخر ويشعر به،? ?بل ويفتقده أحيانا?.. ?وهي أشبه بالمسافة التي نضبطها بيننا وبين كتاب نقرأه،? ?فبدون هذه المسافة لا نستطيع أن نري السطور أو نتبين الحروف،? ?ونتأمل معني الكلمات أو نحاور أفكار الكاتب?.. ?هذا بالضبط ما نحتاجه لانجاح علاقة حب قوية وأصيلة?. ?أن نحترم هذه المسافة ولا نخترقها،? ?بل نحافظ عليها،? ?وهذا لا? ?يعني الابتعاد أو التجاهل?.. ?بل علي العكس? ?يعني التقدير والاهتمام من كل طرف لمسئوليات ومشاغل الطرف الآخر،? ?ويعكس قدراً? ?من الاحترام للطموح الشخصي من كلا الطرفين?.. ?فالإنسان? ?يجب أن? ?يحقق ذاته،? ?ويشعر بنجاحه وإنجازه حتي? ?يستطيع أن? ?يتواصل بصورة افضل وأعمق مع شريكه?. ?أما إذا كان مصابا بالارتباك،? ?تسيطر عليه مشاعر الإحباط أو الاخفاق فلن? ?يستطيع أن? ?يعطي أو? ?يحب?.  ? كذلك? ?يعمق التقدير المتبادل للظروف واحترامها من تلك العلاقة،? ?فالإنسان لا? ?يمكن أن? ?يكون حالما طول الوقت،? ?والنتيجة الطبيعية لعدم تقدير الظروف والمشاكل هي أن? ?ينفلت الزمام،? ?وينفرط عقد اللؤلؤ الذي كان? ?يزين العنق الجميل?. ?وتأكدي أن الحب? ?يحتاج إلي العقل كما? ?يحتاج إلي القلب?.. ?واعلمي? ?أن اهتمامك بنفسك ووضع أهداف لحياتك العملية،? ?وممارسة الهوايات والاهتمامات التي كانت تسعدك،? ?وترضيك من قبل?.. ?كل هذا سوف? ?يعيدك إلي نفسك?.. ?ويجعلك تستردين جزءا من كيانك الذائب في كيان الحبيب?.. ?وهنا سوف? ?يشعر بك مرة أخري?.. ?فالمسافة المطلوبة سوف تضبط?. ?وعندئذ سوف? ?يكون لديه الفرصة لأن? ?يقرأ الكتاب?.. ?يري سطوره ويتبين حروفه?. ?سوف? ?يتأملك بإعجاب،? ?ويحاورك باستمتاع?.. ?ويحبك اكثر?.. ! ?