احتل أحمد حسن الزيات الصدارة في تاريخ الثقافة العربية ، فكان ذا بيان صافي ، وأسلوب رائق، ولغة سمحة ، وبإصداره مجلة "الرسالة" ذات الأثر العظيم في الثقافية العربية.

مولده..
ولد الزيات في قرية كفر دميرة القديم التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية بمصر في 2 إبريل 1885 م، ونشأ في أسرة متوسطة الحال تعمل بالزراعة ، وكان لوالده نزوع أدبي، وتمتّعت أمه بلباقة الحديث وبراعة الحكي والمسامرة .

تعليمه..
تلقى الزيات تعليمه في كتاب القرية ، فحفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، ثم أرسل إلى أحد العلماء في القرية المجاورة ليتعلم القراءات السبع وأجادها في سنة واحدة، والتحق بالأزهر وهو في الثالثة عشرة من عمره ، وظل به عشر سنوات ، تلقى فيها علوم الشريعة واللغة العربية ، إلا أنه كان يفضل الأدب فتعلق بدروس الشيخ سيد علي المرصفي الذي كان يدرس الأدب في جامع الأزهر.

علاقته بطه حسين..
اتصل بطه حسين، ومحمود حسن الزناتي، وربطهم حب الأدب برباط المودة والصداقة ، قال طه حسين في مذكراته " لولا الزيات ما فارقت صحن الأزهر " ، حيث أراد طه حسين أن يلتحق بالجامعة المصرية ، وكان ذلك يقتضي دفع رسم قدره جنيه واحد ، ورفض ولي أمره في ذلك الوقت أخوه أحمد حسين منحه المبلغ ، فتملك اليأس منه ، وشكا للزيات مأساته فأقرضه الجنيه وذهبا معا إلى الجامعة ودفعا الرسم وصار عميد الأدب العربي طالبا جامعيا ومنها انطلق إلى أوروبا .

عمله..
لم يكمل الزيات دراسته بالأزهر والتحق بالجامعة الأهلية فكان يدرس بها مساء ويعمل صباحا بالتدريس في المدارس الأهلية ، وتمكن من نيل الليسانس عام 1912 .
أتيح للزيات في المدرسة التي كان يعمل بها أن يسهم في العمل الوطني ومقاومة الاحتلال ، فكان يكتب المنشورات السرية التي كانت تصدرها الجمعية التنفيذية للطلبة في أثناء ثورة 1919 ، وكانت تلك المدارس من طلائع المدارس التي أشعلت الثورة وقادت المظاهرات.


وظل الزيات يعمل بالمدارس الأهلية حتى اختارته الجامعة الأمريكية بالقاهرة رئيسًا للقسم العربي بها في سنة 1922 وفي أثناء ذلك التحق بكلية الحقوق الفرنسية ومدتها ثلاث سنوات أمضى منها سنتين في مصرو الثالثة في فرنسا حيث حصل على ليسانس الحقوق من جامعة باريس في سنة 1925، وفي عام 1929 اختير أستاذًا في دار المعلمين ببغداد ومكث هناك ثلاث سنوات ، وبعد عودته انشغل بالصحافة والتأليف وأصدر مجلة الرسالة عام 1933 التي صار لها أثرا قويا على الحركة الثقافية .

الزيات أديبًا..
تميز الزيات بأسلوبه المتميز وطريقته الخاصة في الصياغة والتعبير، وعالج الزيات في أدبه كثيرًا من الموضوعات السياسية والاجتماعية ، فهاجم الإقطاع في مصر، ونقد الحكام والوزراء ، وربط بين الدين والتضامن الاجتماعي ، وحارب المجالس الوطنية المزيّفة، وقاوم المحتل، وعبّأ الشعب لمقاومته، ورسم سبل الخلاص منه .

أثرى الثقافة العربية بالعديد من المؤلفات منها تاريخ الأدب العربي، في أصول الأدب، دفاع عن البلاغة، وحي الرسالة" وجمع فيه مقالاته وأبحاثه في مجلة الرسالة، وكان له دور في الترجمة الراقية ، ذات البيان البديع ، فترجم من الفرنسية "آلام فرتر" لجوته ، ورواية "روفائيل" للأديب الفرنسي لامرتين .


تكريم الزيات ..
كرمته المجامِع والهيئات العربية ، فاختير عضوًا في المجامع اللغوية في القاهرة، ودمشق، وبغداد، وكرّمته مصر بجائزتها التقديرية في الأدب سنة 1962 .
ظل الزيات طيلة حياته بعيدا عن أي حزب سياسي ، وظل محل تقدير وموضع اهتمام حتى وفاته بالقاهرة في 12 مايو 1968 عن عمر ناهز 83 عاما.