اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان، وبلغنا رمضان.. فقد كان يحرص نبينا محمد ﷺ، خلال شهر رجب على الاجتهاد فى الصيام، والصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء، والتوحيد، والصدقة، والرحمة، والتوبة والاستغفار، والصبر والثبات.
إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة، ومنها شهر رجب لأنه أحد هذه الأشهر الحرم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ «المائدة:2»، أى لا تحلوا محرماته التى أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، فالنهى يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده.. وقال تعالى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ «التوبة:36»، أى فى هذه الأشهر المحرمة، والضمير فى الآية عائد على هذه الأشهر الأربعة، على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبرى، فينبغى مراعاة حُرمة هذه الأشهر لما خَصَّها الله به من المنزلة، والحذر من الوقوع فى المعاصى والآثام تقديرًا لما لها من حرمة، ولأن المعاصى تعظم بسبب شرف الزمان الذى حَرَّمه الله، ولذلك حذرنا الله فى الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه -أى ظلم النفس ويشمل المعاصى- يُحرم فى جميع الشهور.
نبينا محمد ﷺكان يدعو أصحابه إلى العزم والإخلاص فى العبادة والتقرب إلى الله، والحرص على صوم يومى الإثنين والخميس من كل أسبوع، والثلاثة أيام منتصف كل شهر.. وكذلك صلوات النافلة مصاحبة الصلوات الخمس وتأديتها فى أوقاتها.. والعدل فى التعاملات.. والرحمة بالجميع.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذى بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ»، «صحيح البخارى وصحيح مسلم وصحيح أبى داود»..
«سُئِلَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ ﷺ: فى أيِّ شَهْرٍ اعتمرَ رسولُ اللَّهِ ؟ فقالَ: فى رجبٍ، فقالَت عائشةُ: ما اعتمرَ رسولُ اللَّهِ ﷺإلَّا وَهوَ معَهُ -تَعنى ابنَ عمرَ- وما اعتمرَ فى شَهْرِ رجَبٍ قطُّ»، «صحيح الترمذى».
لنتدبر، ولنعتبر.. ولندعُ الله ألا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.. ولنثق بالله ونكثر من الدعاء والاستغفار والذكر والصلاة على نبينا محمد ﷺ، حتى يُيسر الله لنا سُبل الخلاص من آلامنا وعثراتنا..
وأن يحفظ مصرنا الغالية، ويقينا شرور الأعداء والحاقدين.. وأن يحفظ شعب فلسطين وينصره على غطرسة الكيان المحتل وحلفائه، ويقيه شرورهم، وينصره فى مقاومته ضد الكيان المحتل إحقاقًا للعدل.
حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالبٌ على أمره.. وتحيا مصر.