بدون تردد

المنجمون.. وعام جديد

محمد بركات
محمد بركات


أصبح لافتًا للانتباه ومستوجبًا للملاحظة ذلك الكم المنهمر من التوقعات والتنبؤات، التى انطلقت من كل هؤلاء المنجمين والمتنبئين الذين خرجوا علينا من كل فج عميق مع نهايات العام الماضى وميلاد العام الجديد، ليزفوا إلينا رؤاهم لما هو متوقع ومنتظر من أحداث ووقائع تحملها إلينا حقيبة العام الجديد. 

ورغم ما تحمله هذه التوقعات فى مجملها من طرائف، وما تشتمل عليه فى طياتها من غرائب، يمكن اعتبارها نذير سوء فى بعضها أو بشارة خير، فى بعضها الآخر، بالنسبة للأفراد أو الجماعات أو حتى الدول والشعوب، وهو ما يجعل الناس يعزفون عنها  وينصرفون عن تصديقها، فى ظل هذه الغرائب وتلك الطرائف -فإننا نجد لها انتشارا واضحا وإنصاتا متزايدا فى العديد من الفضائيات وفى الكثير من البرامج الحوارية على القنوات المختلفة.

وفى تصورى أن ذلك الانتشار لا يعود فى جوهره إلى تصديق عموم الناس لهذه التوقعات وتلك التنبؤات، ولكنه يرجع فى جزء كبير منه إلى طبيعة البشر، وما جبل عليه الإنسان من فضول لمعرفة ما هو مخفى من الأمور، وما يتملكه من رغبة عارمة فى الكشف عن المستور.

ورغم احترامى لما يقول به هؤلاء المتنبئون من أنهم لا يهرفون بما لا يعرفون، وما يؤكدونه دائما من أن هذه التنبؤات هى نتاج دراساتهم الطويلة، ومعرفتهم الواسعة والدقيقة لعلوم الفلك والأبراج، وحركة الشمس ومواقع النجوم والكواكب، وعلاقة كل ذلك بما يجرى على الأرض وما يقع للناس وما تجرى به المقادير، -فإننى ممن يؤمنون بأن ما يقع لنا هو نتاج عملنا وأن الأفراد والجماعات والشعوب هم الذين يصنعون واقعهم ويبنون مستقبلهم بعقولهم وجهدهم وعملهم وأيديهم،..، وفى هذا السياق، أذكر هؤلاء جميعًا وأذكر نفسى بالقول المأثور «كذب المنجمون .. ولوصدفوا».