الدرس المستفاد من أحداث يناير ٢٠١١ هو: كان مستحيلًا أن يستمر الإخوان فى حكم مصر أكثر من عام، وإلا مضت البلاد كالقطار السريع إلى الانهيار، فالديمقراطية تأتى بأنظمة الحكم وتغيرها، أما هؤلاء فاعتبروها ذات اتجاه واحد هو فقط وصولهم إلى السلطة، ويظلوا فيها - كما قالوا - لمدة نصف قرن.
كان مستحيلًا أن يستمروا، وإلا كنا سنبحث عن مصر ولا نجدها، بعد محو هويتها وتغيير ملامحها وتبديل ثقافتها، وتعجلوا فى فرض أجندتهم، وانتشرت سياسات الإقصاء والإبعاد والحكم على الناس بتعاليم الجماعة وليس قوانين الدولة.
وانتشرت مظاهر الإسلام الشكلى فى عام واحد حكموا فيه البلاد فما بالنا إذا استمروا سنوات طويلة؟، لا الشوارع هى الشوارع، ولا المساجد هى المساجد، ولا البشر هم البشر، ففى بلادنا يحترف البعض تغيير جلده، وإطلاق لحيته أو حلقها حسب الأحوال السياسية.
« لو» استمروا كانت سيناء ضاعت إلى الأبد، فطائر نهضتهم الذى له ذيل وجناحان، قرر بيعها بمليارات الدولارات، فالأرض فى شريعتهم ليست ملكًا للأوطان، بل «الحاكمية» وأى أرض تقع تحت سيطرتهم هى جزء من ما يسمونه «دار الإسلام».
يرفضون مفهوم الوطن والحدود والسيادة الوطنية، لأن ذلك فى شريعتهم يتعارض مع فكرة «الأمة الإسلامية» التى يجب أن توحد كل اتباعهم تحت راية واحدة، بعيدًا عن الحدود كما يزعمون.
«لو» استمروا، لخيروا أشقاءنا المسيحيين بين دخول الإسلام أو دفع الجزية، واغتصبوا بيوتهم وممتلكاتهم، وهجَّروهم من مدنهم وقراهم، حدث أكبر عدد من الاعتداءات على الكنائس، وتهجير كثير من الأسر المسيحية من القرى.
«لو» استمروا .. لا أعرف كيف يكون شكل التليفزيون، فى الأيام العادية وفى رمضان، وإذا كانوا غيروا صور الكتب المدرسية، ووضعوا عليها صورهم، فماذا كانوا سيفعلون فى الإعلام؟.
مرشدهم بديع وصف الإعلاميين «سحرة فرعون»، ولمن لا يعلم سحرة فرعون هم مجموعة من السحرة، دعاهم فرعون لمواجهة موسى عليه السلام بعد أن ألقى عصاه، فإذا هى ثعبان كبير، فخر السحرة لله ساجدين، وأعلنوا إيمانهم برب موسى وهارون، فما كان من فرعون إلا أن قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وصلبهم فى جذوع النخيل، ولا أدرى ما قصد «بديع»، وهل يكون مصير الإعلاميين نفس مصير سحرة فرعون؟
لن أتحدث عن الجيش والشرطة والقضاء، وهى المؤسسات الوطنية التى تصدت لمحاولات هدم الدولة واستبدالها بالإمارة، ولم تقبل أن يحكمها المرشد من المقطم، ولا أن يُصلب الأبرياء على أسوار الاتحادية ويضربوا بالسياط.
كان مستحيلًا أن يستمروا فى حكم مصر أكثر من عام.. كانوا مثل العضو الغريب الذى يرفضه الجسم، وكانت نهايتهم أسرع من كل التوقعات.