«ماندلسون» على عتبة البيت الأبيض.. هل يصبح المستشار الخفي لترامب؟ 

دونالد ترامب وبيتر ماندلسون
دونالد ترامب وبيتر ماندلسون


بينما تعيد واشنطن ترتيب أوراقها استعدادًا لعودة محتملة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يبرز اسم جديد قديم على الساحة السياسية، لكن هذه المرة من وراء الكواليس.

«بيتر ماندلسون»، السياسي والمستشار البريطاني البارز، والمعروف بقدرته على المناورة في أحلك الأزمات، بات يلوّح بإمكانية لعب دور المستشار الخفي في إدارة ترامب المقبلة، تمامًا كما فعل السياسي البريطاني، نايجل فاراج في وقت سابق.

وبينما كان فاراج يتصدر العناوين بعلاقته المقربة من ترامب عقب انتخابات أمريكا 2016، يبدو أن ماندلسون، بات يستعد للعب دور مشابه، ولكن بأسلوب أقل صخبًا وأكثر دقة، حيث يتمتع ماندلسون بعلاقات واسعة مع دوائر المال والأعمال في لندن وواشنطن، ويمتلك سجلًا حافلًا في التفاوض وتهدئة التوترات التجارية، وهو ما قد يجعله حلقة وصل بين ترامب وأوروبا، في وقت تتزايد فيه المخاوف من اندلاع حروب تجارية جديدة، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.

وفيما تتصاعد التوقعات حول تشكيلة إدارة ترامب المحتملة، تتجه الأنظار إلى الكواليس حيث تجري مشاورات بعيدة عن الأضواء، فهل يكون ماندلسون هو مهندس العلاقات السرية بين إدارة ترامب المستقبلية وحلفاء أمريكا التقليديين؟ أم أن الدور الذي لعبه فاراج سابقًا لن يُعاد تكراره في ظل مشهد سياسي جديد؟

اقرأ أيضًا: وسط تهديدات ترامب.. ملف الهجرة يترقب مخاطر«أبعد من إنفاذ القانون»


تاريخ «أمير الظلام» ماندلسون في الدبلوماسية

من المفاجئ أن السفير البريطاني المقبل في واشنطن، بيتر ماندلسون، الذي يشتهر بلقب "أمير الظلام" بسبب مواقفه الحادة في السياسة، قد يوافق على العرض المقدم له، فقد أشار مؤخرا إلى استعداده لوضع خلافاته مع فاراج جانبًا، في إطار دور مستقبلي ضمن العلاقات بين المملكة المتحدة والبيت الأبيض.

ماندلسون، وهو أحد كبار أعضاء حزب العمال البريطاني، والمفوض التجاري السابق للاتحاد الأوروبي، كان معروفًا بصلابته في إصلاح السياسات البريطانية، وفي الشهر الماضي، ووسط تكهنات تعيينه كمبعوث للمملكة المتحدة في واشنطن، أبدى استعداده للتعاون مع نايجل فاراج، على الرغم من خلافاته السياسية في ظل مشهد العلاقات المتوتر مع البيت الأبيض.

تتعلق المفاوضات الرئيسية التي سيواجهها ماندلسون بمنع ترامب من فرض رسوم جمركية على بريطانيا، أو على الأقل تخفيف الموقف تجاه المملكة المتحدة مقارنة بالاتحاد الأوروبي، ويعلم ماندلسون أن علاقاته مع المقربين من البيت الأبيض، مثل فاراج، ستكون ضرورية لتحقيق هذا الهدف في فترة حكم ترامب الثانية.

في وقت تزداد فيه الضغوط على الاقتصاد العالمي، يهدد ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، وفي هذا السياق، أخبر الزعماء الأوروبيين أنهم إذا لم يزيدوا من وارداتهم من النفط والغاز الأمريكيين، فسيواجهون الرسوم الجمركية على صادراتهم إلى أمريكا، وهو ما يهدد مصالح المملكة المتحدة في البيت الأبيض.

اختار رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، ماندلسون نظرًا لخبرته التجارية الفائقة وقدرته على التواصل، ويأمل ستارمر أن يسهم ماندلسون في تعزيز مصالح المملكة المتحدة خلال فترة العلاقات الصعبة مع البيت الأبيض بعد تنصيب دونالد ترامب في 20 يناير المقبل، رغم أن ماندلسون قد يحتاج إلى دعم إضافي، بما في ذلك من شخصيات مثل نايجل فاراج، لتوسيع نطاق تأثيره.

في واشنطن، يتساءل بعض المراقبين عن الحكمة في تعيين ماندلسون، خاصة مع سجله في انتقاد ترامب، حيث وصفه ماندلسون في الماضي بأنه "قومي أبيض وعنصري"، ليرطح هذا التاريخ تساؤلات حول كيفية تأثيره على العلاقات بين المملكة المتحدة والبيت الأبيض في ظل حكم ترامب المقبل.

ماندلسون في مواجهة الانتقادات

قال داليبور روهاك من معهد أمريكان إنتربرايز إن اختيار ماندلسون لمنصب المبعوث البريطاني هو "اختيار غريب"، خاصة مع سعيه لبناء جسور مع إدارة ترامب، كما أن الانتقادات السابقة لترامب من ماندلسون جعلت الموالين له غاضبين، حيث وصفه مستشار الحملة كريس لاسيفيتا بـ "أحمق مطلق" على وسائل التواصل الاجتماعي.

رغم أن ماندلسون معروف بحساسيته تجاه النقد، قد يتغاضى ترامب عن ماضيه، فدونالد ترامب قادر على أن يكون عمليًا عندما يريد، ويظهر ذلك في اختياره لنائبه جي دي فانس، ومع ذلك، لا يتوقع روهاك أن يكون ماندلسون فعالًا في التعامل مع فريق البيت الأبيض، بسبب تباين مواقفه السياسية.

سيواجه ماندلسون، المعروف بمواقفه المؤيدة للاتحاد الأوروبي، صعوبة مع عالم MAGA في البيت الأبيض، منتقدًا سياسة ترامب تجاه الصين، ووصف ماندلسون في 2018 تصرفات ترامب بأنها "عدائية"، وهذا الموقف قد يجعل من الصعب على ماندلسون التفاعل بفعالية مع فريق ترامب في فترة ولايته الثانية.

هل ماندلسون الشخص المناسب لتعزيز العلاقات الخاصة؟

بحسب روهاك، بيتر ماندلسون قد يكون غير مناسب لضمان ازدهار العلاقات الخاصة بين المملكة المتحدة والبيت الأبيض، حيث إن تصوره للعلاقات عبر الأطلسي يتماشى مع "طرق التفكير القديمة"، ما قد يعوق قدرته على تحقيق تقدم حقيقي في العلاقات مع إدارة ترامب الثانية.

خلال الأشهر الأخيرة، توجه العديد من المسؤولين الأوروبيين إلى واشنطن، لكنهم لم يدركوا أهمية فوز ترامب الثاني، وفقًا للمسؤول بمكتب الاستشارات الأمريكي، دانييل فاجديتش، هؤلاء المسؤولون "لا يملكون علاقة حقيقية بعالم MAGA"، وهو ما يهدد العلاقات عبر الأطلسي بسبب تمسكهم بنقاط الحديث القديمة التي لم تعد ملائمة في ظل التغيرات الكبيرة في السياسة الأمريكية، وفقًا للصحيفة الأمريكية ذاتها.

وأكد فاجديتش، على أن أي حديث عن انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي "الناتو" كشرط للسلام هو مضلل، وأوضح أن فكرة نشر قوات أمريكية لمراقبة المنطقة العازلة بين أوكرانيا وروسيا، بدلاً من أوروبا، هي فكرة غير قابلة للتنفيذ، وهذا الوهم قد يؤدي إلى تهديد العلاقات عبر الأطلسي إذا استمر المسؤولون في التفكير بهذه الطريقة.