وروّج لها للأسف العديد من بنى وطن.. والحقيقة أصبحت واضحة لمن يريد أن يتدبر .
ارفع رأسك فوق انت سورى حر.. هكذا بثت قناة «السورية» أغانيها احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد.. وقد كتبت على الشاشة «انتصار الثورة السورية العظيمة وإسقاط النظام».. وسرعان ما تناقلتها وكالات الأنباء العالمية والقنوات الإخبارية الإقليمية لعدة بلدان شقيقة، وتبث مباشراً من قصر الرئاسة السورى، وكذلك مبنى التليفزيون الرسمى!
كانت تلك الكلمات قد تلقى صدى لدى البعض إذا ما قيلت منذ أكثر من 10 سنوات مضت.. ولكن بعد مرور عقد وبضع سنوات على ما سُمى بـ «الربيع العربى».. رأت الشعوب العربية حقيقة ذاك الربيع المشئوم، وأنه المرحلة الأخيرة فى خريف عمر الوطن الذى تأتى بعده الوفاة.
فلا أحد من العاقلين فرح بما قد حدث، لأننا إذا ما نظرنا من أعلى على خريطة الوطن العربى.. فسنجد مشروع الشرق الأوسط الجديد، كما أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس عام 2006.. ومصطلحات الفوضى الخلاقة وآلام الولادة الجديدة والتخلص من الحدود وغيرها من التوصيفات المريعة التى اكتظت بها نظريات الشرق الأوسط الجديد.. فقد تم تصدير نظرية «الفوضى هى التى ستصنع التغيير».. وروّج لها للأسف العديد من بنى وطن.. والحقيقة أصبحت واضحة لمن يريد أن يتدبر.. فشعارات الحرية حق يراد به باطل.
المشروع ينطلق من تفتيت الكيانات الحالية ووضعها على طريق اللاعودة.. هو ما سيصنع واقعاً ومستقبلاً جيداً من وجهة نظرهم.. «اترك القوى تتصارع ونرى ماذا سيحدث؟».. وما حدث ويحدث وسيحدث.. هو ببساطة إسقاط دول وتدميرها ولا شيء سوى ذلك.. فلا غد يُنتظر منها.. ولا مستقبل لها قريباً أو بعيداً.
فقد تحولت سوريا إلى لعبة شطرنج على رقعة ممزقة. الأطراف الدولية تلعب دور «البيادق» بمهارة، بينما الشعب السورى وجد نفسه «ملكاً» بلا حماية.
نظرية المؤامرة، ليست مجرد نظرية هنا، بل واقع ينبض نراه جميعاً.. وكأن اتفاقاً سرياً وُّقِّع فى غرفة مظلمة بين قوى العالم، قرروا فيه أن سوريا هى بلد أخرى تسقط ويعاد تشكيلها ضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد.
فما رأيناه بالأمس القريب فى العراق، والأمس القريب جداً فى اليمن وليبيا، يتكرر الآن بنفس المشاهد تقريباً، فمخرج الأحداث واحد لم يتغير.
ابحث يا صديقى عن المستفيدين مما حدث وسيحدث.. فلن تجد بينهم سورياً واحداً.. بل أرى فى تحليلى أن الصفقة قد تمت برفع يد روسيا وإيران والتخلى عن حليفهم بشار.. فى مقابل تهدئة الأوضاع فى أوكرانيا فى صالح موسكو، وبعض المميزات الأخرى لطهران.. على أن تتم التضحية ببشار.. وحصول إسرائيل على أراضٍ جديدة تضمها لها.. وأراهن على أن الأيام القادمة ستكشف حقيقة ما جرى فى الغرف المغلقة.
سقط نظام الأسد.. ولكن سؤالاً للأشقاء السوريين.. هل استعدتم بلادكم الآن؟؟ هل تحررت؟؟ هل تعلمون حقاً كم القوى العسكرية المتصارعة والمتواجدة على أراضى سوريا الحبيبة؟؟
لست مدافعاً عن بشار كـ «نظام».. ولكنى مدافع عن دولة «سوريا» وبقائها.. فلا أريد أن أصدمكم.. ولكن سقط الأسد.. وسقطت معه سوريا.
فما بين سوريا بشار وما بعدها أيام فارقة فى عمر أمتنا.. ولا نملك سوى الدعاء والتضرع والصلاة إلى الله دون وضوء - والتى تجوز فى حالة ندرة الماء - بأن يحفظ البلاد والعباد .