استخدام أول علاج بالتعديل الجيني

حصاد 2024| ثورة علمية تغير معالم المستقبل.. جائزة نوبل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي

صورة موضوعية
صورة موضوعية


◄ أجهزة كمبيوتر بقدرات خارقة.. وآفاق جديدة في «حوسبة الكم»

◄ تجربة سريرية على دواء للتوحد.. وقفزات غير مسبوقة بالطاقة المتجددة

شهد عام 2024 طفرة غير مسبوقة في عالم العلوم والتكنولوجيا، كما شهد تطورات علمية ملحوظة في مختلف المجالات، حيث أذهلتنا الاكتشافات والابتكارات التي غيرت مسار حياتنا، من أعماق المحيطات إلى أعالي الفضاء، ومن صميم الذرة إلى أقصى حدود الكون، سجل العلماء إنجازات بارزة شكلت مستقبلنا.

ويستعرض هذا التقرير بعضًا من أبرز هذه الإنجازات، ونستكشف كيف ستؤثر على حياتنا اليومية وعلى العالم ككل.

◄ تقدم مذهل في الذكاء الاصطناعي

يشهد عالمنا اليوم تطورات هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث بات يؤثر على شتى جوانب حياتنا اليومية. وفى هذا العام، كان هناك توجه كبير نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعى الجديدة، مع تركيز خاص على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتجاوز مجرد تحليل البيانات لتشمل التصميم الفنى والكتابة الإبداعية.

◄ أهم التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي:

● جائزة نوبل في الكيمياء: مُنحت الجائزة لثلاثة علماء، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير نموذج «ألفافولد 2» الذى تمكن من التنبؤ بهياكل البروتينات. هذا النموذج ساعد أكثر من مليونى عالم فى إنشاء بروتينات جديدة لأغراض طبية وصناعية.

● جائزة نوبل فى الفيزياء: حصل عليها العلماء جون هوبفيلد وجيفرى هينتون لاختراعهما آلة بولتزمان، التى تستخدم التعلم الآلى لحل المشكلات المعقدة والتعرف على الميزات الرئيسية فى البيانات.

● نموذج ذكاء اصطناعي للكشف عن حرائق الغابات: تم تطوير نموذج يمكنه الكشف عن حرائق الغابات خلال 20 دقيقة، مما يعزز جهود الحماية البيئية.

● انتشار الذكاء الاصطناعى التوليدي: يركز الذكاء الاصطناعى التوليدى على توليد محتوى جديد مثل النصوص والصور والأكواد البرمجية، وقد شهدنا تطبيقاته فى مجالات مثل الفن والكتابة، وشهد هذا العام انفجارًا فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى التوليدي، مثل توليد النصوص والصور والفيديوهات. وشهد هذا العام تفاعلاً واسعاً مع أدوات الذكاء الاصطناعى التوليدية، مثل «تشات جى بى تي»، التى تُستخدم لإنتاج النصوص والصور والفيديوهات، مما أعاد تشكيل صناعة التقنية ودفع شركات كبرى للاستثمار فى هذا المجال.

● أجهزة كومبيوتر بقدرات حسابية خارقة: تم الكشف عن أجهزة كمبيوتر جديدة قادرة على إجراء عمليات حسابية معقدة بشكل أسرع مما كان عليه سابقاً، مما سيمكن العلماء من إجراء تجارب محاكاة أكثر تعقيداً. وتم تطوير حواسيب خارقة قادرة على أداء عدد هائل من العمليات الحسابية، مما يتيح للعلماء تنفيذ تجارب محاكاة أكثر تعقيداً فى مجالات مثل المناخ والانشطار النووي.

● حوسبة الكم: حققت حواسيب الكم تقدمًا ملحوظًا، مما يفتح آفاقًا جديدة فى مجالات مثل التشفير وتطوير الأدوية.

● الواقع الافتراضى والمعزز: أصبح هذان المجالان أكثر تكاملاً مع حياتنا اليومية، مع تطبيقات جديدة فى التعليم والتدريب والترفيه.
ومن المتوقع أن يشهد الذكاء الاصطناعى تطورات أسرع وأكثر تعقيدًا فى المستقبل، مما سيؤدى إلى تغييرات جذرية فى طريقة عيشنا وعملنا.

◄ اقرأ أيضًا | قانون الدفاع 2025.. «الذكاء الاصطناعي السريع» يهدد شركات التسليح الأمريكية

◄ الطب الجيني

تتوالى الاكتشافات الطبية فى جميع أفرع الطب، لكن برز مفهوم الطب الجينى هذا العام، وهو فرع من فروع الطب يركز على دراسة الجينات وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض ومع البيئة المحيطة للإنسان، وكيف تؤثر هذه التفاعلات على الصحة والأمراض. ويشهد مجال الطب الجينى تطورات هائلة وغير مسبوقة، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الأمراض وتطويل العمر وتحسين نوعية الحياة. إليك لمحة عن أبرز هذه التطورات:

● أول علاج بالتعديل الجيني: حصل علاج جديد يعتمد على تقنية «كريسبر» لعلاج فقر الدم المنجلى على موافقة الجهات المعنية فى المملكة المتحدة والولايات المتحدة، مما يمثل تقدماً كبيراً فى الطب الجيني، وخطوة مهمة فى مجال العلاجات الجينية.

● ضمور العضلات: فى أبو ظبي، أُعلن عن توفير علاج جينى مبتكر لمرض ضمور العضلات الدوشينى النادر، يهدف إلى تحويل مسار المرض من خلال توصيل جينات وظيفية.

● السمع: فى الصين، تم تطبيق علاج جينى لمجموعة من الأطفال الصم، مما أعطاهم القدرة على السمع للمرة الأولى.

● السرطان: هناك تقدم فى تطوير العلاجات الجينية لسرطان القلب، حيث تم إدخال جين cBIN1 لتعزيز كفاءة عضلة القلب.

● التوحد: تم منح الموافقة لعلاج (JAG201) كجزء من المرحلة الأولى من التجربة السريرية لاضطراب التوحد.

● تطورات فى علاج الأمراض المستعصية: شهد عام 2024 تقدمًا كبيرًا فى تطوير علاجات جديدة للأمراض المستعصية مثل السرطان وألزهايمر.

● الأمراض المعدية: هناك تقدم كبير فى فهم ومكافحة الأمراض المعدية، بما فى ذلك تطوير لقاحات جديدة ضد فيروسات متغيرة باستخدام تكنولوجيا mRNA المتقدمة.
من المتوقع أن يشهد الطب الجينى تطورات أكثر إثارة فى المستقبل، مما سيؤدى إلى ثورة فى مجال الرعاية الصحية. ويمكن أن يؤدى هذا التطور إلى:

● زيادة متوسط العمر المتوقع: من خلال الكشف المبكر عن الأمراض والعلاج الفعال.

● تحسين نوعية الحياة: من خلال توفير علاجات مخصصة لكل مريض.

● تطوير أدوية جديدة: أكثر فعالية وأمانًا.

بالإضافة إلى ما سبق، حدثت بعض الطفرات الأخرى فى المجال الطبى ومنها ما يلي:

● أدوية إنقاص الوزن: أصبحت أدوية مثل «مونجاريو» و«ويغوفي» أدوات قوية لعلاج السمنة، مع أدلة تشير إلى قدرتها على الحماية من نوبات القلب والجلطات الدماغية.

● تكنولوجيا الجلد الاصطناعي: تم تطوير جلد اصطناعى يمكنه الشفاء الذاتي، والذى يمكن استخدامه فى الروبوتات والجراحة التجميلية. كما تم ابتكار نظام استشعار لمسى قابل للزرع داخل الجلد الاصطناعى لاستعادة الوظائف الحسية

● الذكاء الاصطناعي في التشخيص: ساهم الذكاء الاصطناعى فى تحسين دقة وسرعة تشخيص الأمراض، خاصة الأمراض النادرة.

● الطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء: حققت هذه التقنية قفزات نوعية، حيث تمكن العلماء من طباعة أعضاء أكثر تعقيدًا وبقاءً.

◄ مجال الطاقة المتجددة

يشهد العالم تحولاً هائلاً نحو مصادر الطاقة المتجددة، بدافع من التزايد المتسارع فى الطلب على الطاقة، والتغيرات المناخية، وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري. هذا التحول يحمل معه وعودًا بمستقبل أكثر استدامة ونظافة.

والطاقة المتجددة هى الطاقة المستمدة من مصادر طبيعية متجددة، مثل الشمس والرياح والماء والحرارة الجوفية والكتلة الحيوية. على عكس الوقود الأحفوري، فإن هذه المصادر لا تنفد وتسبب تلوثًا أقل بكثير.

◄ أبرز التطورات فى مجال الطاقة المتجددة:

● أنظمة حرارية جوفية معززة: أتاحت تقنيات الحفر الحديثة الوصول إلى أعماق جديدة، مما يسهم فى تحرير مزيد من حرارة الأرض لإنتاج الطاقة النظيفة.

● خلايا شمسية بكفاءة متفوقة: تم تعزيز كفاءة الألواح الشمسية من خلال إضافة طبقة من البلورات الصغيرة، مما يعزز استخدام الطاقة الشمسية كحل نظيف ومستدام.

● طاقة الشمس والرياح: شهدت هذه التقنيات تطورات كبيرة، مما جعلها أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

● هيدروجين أخضر: زادت الاستثمارات فى إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذى يعتبر وقودا نظيفا للمستقبل.

● انخفاض التكاليف: شهدت تكاليف توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، انخفاضًا حادًا فى السنوات الأخيرة، مما جعلها تنافسية مع الوقود الأحفوري.

● التنوع التكنولوجي: ظهرت تقنيات جديدة ومبتكرة لتحويل الطاقة المتجددة إلى كهرباء، مثل خلايا الوقود الهيدروجينية والطاقة الحرارية الأرضية.

◄ تكنولوجيا النانو

تكنولوجيا النانو هى فرع من العلوم يتعامل مع تصميم، تحليل، وتصنيع وتطبيق المواد وأجهزة على مقياس النانو متر (واحد مليار من المتر). ويتراوح حجم المواد النانوية بين 1 إلى 100 نانومتر، وتتميز بخصائص فريدة نتيجة لصغر حجمها ونسبة السطح إلى الحجم العالية. وتكنولوجيا النانو معروفة بأنها تقاطع لعدة تخصصات، ومع تزايد التمويل والأبحاث، يواصل هذا المجال تقديم حلول مبتكرة لتحديات متعددة تواجه البشرية. وفيما يلى إليك نظرة عامة على بعض تطورات تكنولوجيا النانو فى عام 2024:

● التشخيص النانوي: يستخدم الأجهزة النانوية كمجسات للكشف عن المرض فى مراحله الأولى، مثل استخدام الأسلاك النانوية لكشف البروتينات أو علامات الحمض النووى المرتبطة بالأمراض.

● توصيل الأدوية: تم تطوير حاملات نانوية تستطيع تحمل الأدوية وتوصيلها بدقة إلى الأجزاء المرضية من الجسم. تلك الحاملات قد تكون معدة لاستهداف خلايا محددة مثل الخلايا السرطانية، مما يقلل من الأضرار الجانبية للعلاج.

● روبوتات ميكروسكوبية: تم تطوير روبوتات ميكروسكوبية لنقل الأدوية إلى الأورام بدقة عالية، مما يعد خطوة نحو العلاج الموجه.

● الخلايا النانوية للعلاج السرطاني: تم تطوير جسيمات نانوية تستهدف الخلايا السرطانية بدقة، مما يسمح بتوصيل الأدوية مباشرة إلى الأورام دون التأثير على الخلايا الصحية.

● الرقائق النانوية: تم تطوير رقائق أصغر وأكثر كفاءة، مما يعزز تطور الإليكترونيات المتقدمة وتقنيات الاتصالات.

● تحسين كفاءة الطاقة الشمسية: استخدام مواد نانوية فى الخلايا الشمسية قد زاد من كفاءتها فى تحويل الضوء إلى طاقة كهربائية، حيث تساعد هذه المواد فى امتصاص وتحويل الأطوال الموجية التى لم تكن فعالة سابقًا.

● تخزين الطاقة: تم تطوير بطاريات ليثيوم-أيون باستخدام المواد النانوية لتحسين كفاءة التخزين والسرعة فى الشحن والتفريغ.

● تنقية الماء: تقنيات النانو أثبتت فعاليتها فى تنقية المياه من الملوثات عن طريق استخدام المواد النانوية لامتصاص الملوثات أو تحويلها إلى مركبات أقل ضررًا.

● تكنولوجيا النانو فى الهواء: تطبيقات لتنقية الهواء باستخدام مواد نانوية قادرة على تحلل الملوثات الهوائية تحت تأثير الضوء.

● الطلاءات الذكية: طلاءات تحتوى على مواد نانوية لخصائص مثل تنظيف ذاتى أو مقاومة للماء.

● السماد النانوي: يتم توظيف المواد النانوية لتحسين فعالية السماد والتحكم فى إطلاقه، مما يقلل من الاستخدام المفرط للأسمدة وتقليل تلوث البيئة. وتم تطوير سماد مغلف بمواد نانومترية لتحسين استفادة النبات من السماد وتقليل الهدر.

● الرقائق النانوية: تصغير حجم الرقائق الإليكترونية إلى مستويات النانو تعنى زيادة فى الكثافة وتقليل استهلاك الطاقة، مما يدعم تطوير أجهزة أكثر كفاءة وقوة.

د. طارق قابيل 
أكاديمي، وكاتب علمي، وخبير التكنولوجيا الحيوية، قسم التقنية الحيوية، كلية العلوم جامعة القاهرة.
[email protected]