«تهديدات ترامب الجمركية».. هل ستنجح أوروبا في الدفاع عن مصالحها؟

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب - صورة تعبيرية
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب - صورة تعبيرية


في أعقاب تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي في حال لم يتم تعويض العجز التجاري بين الجانبين، بدأ الكثيرون يتسألون عن مدى قدرة القارة الأوروبية على حماية مصالحها التجارية في ظل هذه الضغوط.

وأثارت تهديدات ترامب قلقًا كبيرًا داخل الأسواق الأوروبية، مما دفع بعض المحللين إلى التحذير من أن الأمور قد تتجه نحو حرب تجارية حقيقية بين الطرفين، إذا تم فرض الرسوم الجمركية، فإنها قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا، خاصة في ظل المعوقات السياسية التي تعوق توحيد المواقف الاقتصادية بين الدول الأوروبية، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

اقرأ أيضًا| رسوم ترامب تهدد استقرار كندا.. هل تنجح الحكومة في التصدي للأزمة؟

وبينما يدعو بعض المسؤولين الأوروبيين إلى اتخاذ موقف انتقامي من خلال فرض رسوم جمركية على الصادرات الأمريكية، يرى آخرون أن أفضل وسيلة لتجنب التصعيد هي اتباع سياسة «التفاوض»، ومع ذلك، فإن أي خطوة لفرض الرسوم الجمركية من ترامب قد تساهم في زيادة تعقيد العجز التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهذا العجز بلغ أكثر من 1.5 تريليون دولار في عام 2023، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي بين الجانبين.

وفي حين تعتبر أوروبا أحد أكبر مستوردي الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة، وفرض أي رسوم جمركية جديدة قد يضر بالعلاقات الاقتصادية بين الطرفين، وفي حال تصاعدت التوترات التجارية، فإن هذه الإجراءات قد تؤثر بشكل سلبي على النمو الاقتصادي الأوروبي، ما يجعل الأمر أكثر حساسية بالنظر إلى الأبعاد الاقتصادية والتجارية المهمة التي تربط بين القارتين.

 

استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمواجهة تهديدات ترامب

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، تحذر الدراسات الاقتصادية من أن الحروب التجارية تؤدي عادة إلى تراجع التجارة بين الأطراف المتنازعة، مما يعوق النمو الاقتصادي، وأن أوروبا، التي تعاني من تبعات الأزمة الصحية والسياسية، قد تكون أكثر عرضة للأضرار الاقتصادية بسبب أي تصعيد في التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، فضلا عن أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تباطؤ تبادل السلع والخدمات بين الجانبين، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في القارة.

وبدأت المفوضية الأوروبية في دراسة الأضرار المحتملة التي قد تترتب على فرض الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، حيث تشير الجهود الأولية إلى تحليل تأثير هذه الرسوم على الدول والقطاعات الأوروبية المختلفة، ورغم أن المناقشات لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن استجابة أوروبا قد تشمل فرض رسوم على منتجات أمريكية محددة، في حال تصاعد التوترات التجارية.


كيف سترد أوروبا على تهديدات ترامب الجمركية؟

بينما تواجه أوروبا حالة من التوتر السياسي بسبب تهديداته بفرض رسوم جمركية، يخشى المسؤولون الأوروبيون من فرض تعريفات على السلع الأمريكية بشكل استباقي، وهذا التردد نابع من القلق من أن فرض الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى تصعيد في العلاقات التجارية عبر الأطلسي ويزيد من التوترات السياسية.

وتدرس المفوضية الأوروبية الخيارات المتاحة للتعامل مع الرسوم الجمركية المحتملة من قبل الولايات المتحدة خاصة بعد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض عقب تنصيبه في 20 يناير المقبل، ويمكن أن تتخذ نفس النهج الذي اتبعته في عام 2018، عندما فرضت «تعريفات جمركية انتقامية على سلع أمريكية»، لكن هذا التصعيد قد يشعل حربًا تجارية بين الطرفين ويضر بالاقتصاد الأوروبي بشكل أكبر، وفقًا للصحيفة الأمريكية ذاتها.

كما تسعى المفوضية الأوروبية لإيجاد حلول للتصدي لـ الرسوم الجمركية، مثل زيادة واردات الطاقة من الولايات المتحدة، فيما اقترحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، تعزيز هذا التعاون لتجنب فرض تعريفات على السلع الأمريكية، وهذه الخطوات قد تسهم في تخفيف التصعيد، لكنها تظل رهينة لمواقف ترامب الاقتصادية والسياسية.

اقرأ أيضًا| ترامب ورسومه الجمركية| هل بات يهدد تكامل اقتصادات أمريكا الشمالية؟

 

الشركات الأوروبية تستعد لتأثيرات الرسوم الجمركية

وبالفعل بدأت الشركات الأوروبية تدرس تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على إنتاجها وسلاسل التوريد، حيث تحاول بعض الشركات الأوروبية نقل إنتاجها إلى الولايات المتحدة لتجنب التعريفات، خاصة في قطاعات مثل صناعة السيارات، بينما ستكون شركات أخرى، أكثر تأثرًا ولن تتمكن من نقل الإنتاج، ما يزيد الأعباء الاقتصادية.

وتراقب الشركات الأوروبية، خاصة تلك العاملة في قطاع التصنيع، تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية بقلق، وبعضها أعلنت عن أنها ستنقل أي تكاليف ناتجة عن التعريفات إلى العملاء، فضلا عن الشركات الألمانية التي باتت تشعر بالقلق من الرسوم الجمركية على الصين، حيث قد تؤدي إلى تدفق السلع الصينية إلى الأسواق الأوروبية وتضر بقدرتها التنافسية.

ومن جهة أخرى، تخطط بعض الشركات الأوروبية للتأقلم مع التأثيرات المتوقعة لـ الرسوم الجمركية من خلال التركيز على «التحسينات الداخلية»، مثل الاستفادة من الدولار الأمريكي القوي الذي قد يعوض بعض الأضرار، ورغم ذلك، العديد من الشركات الأوروبية تظل مترددة في اتخاذ خطوات استباقية، ويحثها الاتحاد الأوروبي على التخطيط لمختلف السيناريوهات المستقبلية في ظل هذا الوضع الغامض.