حكاية قاصر| الأم اتصلت بنجدة الطفل وأنقذت ابنتها والأب وراء جريمة الإتجار بالبشر

صورة تعبرية
صورة تعبرية


منى‭ ‬ربيع

بالرغم من انفصالها عنه وطلبها الطلاق وقرارها بأن تستقل بأبنائها وتعيش بدونه حتى لو عاشت حياة صعبة، فهذا افضل من الحياة مع رجل يستغلها ويتكسب من ورائها، دون أن يتحمل مسؤولية أسرته التي صارت في رقبته، استطاعت الزوجة الشابة الحصول على الطلاق والبعد بأبنائها الثلاثة، لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات عاد الاب ليجد أبناءه الثلاثة وقد كبروا، فالابنة الكبرى تخطى عمرها 14 عاما، بدت أمامه جميلة الوجه تظهر عليها علامات الانوثة، ليظل يتردد على طليقته واولاده بحجة الاطمئنان عليهم لكن الحقيقة انه كان يدبر لأمر ما دون علم طليقته، أمر جلل يجرمه الشرع والقانون معًا، تفاصيل القضية المثيرة كما جاءت في الاوراق مثيرة ترويها السطور التالية.

سحر فتاة من أسرة بسيطة لم تستطع استكمال تعليمها بسبب ضيق ذات اليد ومعاناة أسرتها في توفير القليل من المال لتربية أولادها، وبالرغم من ذلك كان لديها طموح أن تعيش حياة سعيدة، وأن تعوض تقصير اسرتها معها في أبنائها، تزوجت سحر وهي لا تزال صغيرة من اول شخص طرق باب منزلها ووافقت عليه أسرتها ويدعى ربيع وهى لم تكمل عامها الـ 16، ظنت انها ستعيش حياة سعيدة معه، وسوف يكون ظهرها وسندها في الحياة، لكن ما حدث كان العكس لتتبدل الأدوار، الزوج يترك زوجته تعمل وهو قابع في بيته – لا شغلة ولا مشغلة – يسرق ما تتحصل عليه من راتب، حاولت تغييره كثيرا لكنه كان يقابل ذلك بالضرب والإهانة وهي كانت صغيرة السن لا حيلة لها إلا الصبر، استمر الزواج 10 سنوات انجبت فيها ثلاثة اطفال، اكبرهم ملك الابنة الكبرى، لتقرر سحر ترك منزل الزوجية والاستقلال بحياتها واطفالها الثلاثة، بعيدا عن ظلم زوجها الذى تزوجها طفلة صغيرة.

خرجت سحر من منزل الزوجية ومعها ثلاثة اطفال اكبرهم ملك وقتها كان عمرها 9 سنوات، فعلت المستحيل من اجل أن تربيهم وتعلمهم، أرادت لهم حياة افضل خاصة ابنتها ملك أقسمت ألا تكرر ما فعلته أسرتها معها حين زوجتها صغيرة السن بحجة أن زواج البنت سترة، تذكرت أن اسرتها سرقت طفولتها وزوجوها وهي لم تكمل عامها الرابع عشر.

لم يكن أمام سحر إلا أن تعمل بكل طاقتها،استأجرت احدى الغرف في الصباح عاملة نظافة بإحدى المدارس وخادمة في المنازل في النصف الثانى من اليوم، وبالرغم من تعبها وشقائها إلا انها تشعر بالسعادة والراحة بعيدا عن والد أبنائها الذى طلقها ليهرب من مسئوليته تجاههم، لكن بعد اربع سنوات فوجئت سحر بطليقها يظهر من جديد لكن لم يكن ظهوره إلا نذير شؤم؛ كانت ملك تخطت الـ14 عاما، فوجئ أن صغيرته بدأت تظهر عليها علامات الانوثة، ليقرر في نفسه استغلالها والكسب من ورائها بتزويجها صغيرة، اتصل بأحد سماسرة زواج القاصرات واخبره انه يريد لابنته عريسا ثريا مقابل مبلغ مالى وصور ابنته وارسل صورتها له.

عريس الغفلة

ما هي إلا أيام قليلة تمر حتى اخبره السمسار بأن طلبه موجود، فهناك ثري عربي عمره60عاما يريد الزواج من فتاة صغيرة مقابل 50ألف جنيه، ليستدرج الاب ابنته من منزل والدتها خلسة ليعرضها على العريس الذي بينه وبينها بعدد السنين أكثر من 46 سنة، اعجب بها واتفق مع والدها والسمسار على الزواج منها لم يكن المقابل فقط خمسين ألف جنيه وإنما أيضا أن يشتري لوالدها محل يبيع فيه الأسماك، الاتفاق أن يتم الزواج بعد اسبوع من لقائهما، واخذ الاب يقول لابنته انه سيزوجها من ذلك الرجل وأنه سيدللها وسيعطيها أموالا كثيرة، وسيجلب لها ملابس جديدة وهدايا، فرحت الصغيرة وهى لاتعرف أن والدها يسرق عالمها الطفولي تماما مثلما فعلت أسرة أمها معها وزوجوها صغيرة لا تعرف معنى الزواج.

تزوجت ملك وذهبت لتعيش مع عريسها الكبير في بيته، وهناك ذاقت كل انواع العذاب فهي صغيرة السن كانت مثل الحمل الوديع براءة الاطفال في عينيها ظنت أن الزواج مجرد هدايا وملابس جديدة، لكنها فوجئت بوحش كاسر ينتهك براءتها وطفولتها بكل قسوة، شهران كاملان ذاقت فيهما ملك كل انواع العذاب، حتى استطاعت الاتصال بوالدتها التى كانت تبحث عنها في كل مكان، لتخبرها عما تعرضت له من تعذيب وضرب وإهانة، وخدمتها لزوجات زوجها العجوز.

اقرأ أيضا: مدير خط «نجدة الطفل» يكشف جهود إنقاذ الأطفال المعرضين للخطر

بلاغ

لم تجد الام امامها سوى ابلاغ نجدة الطفل لتنقذ صغيرتها من براثن الذئب العجوز، والذين بدورهم ابلغوا الشرطة ليتم القبض على الاب وانقاذ الصغيرة بينما هرب العجوز واسرته دون القبض عليه، احيل الاب للنيابة العامة التى قررت حبسه على ذمة التحقيقات ومنها لمحكمة الجنايات دائرة الإتجار بالبشر، جاء في قرار الاحالة أن الاب والعجوز ارتكبا جريمة الإتجار في البشر بأن تعاملا في شخص المجنى عليها الطفلة ملك وكان ذلك بطريق الاستخدام بواسطة استغلال سلطة المتهم الاول الابوية بقصد استغلالها جنسيًا؛ بأن قام بالانتفاع المادى من المجنى عليها مستترا بتزويجها عرفيا للمتهم الثاني مع علم الاول برغبة الثاني من الانتفاع بها جنسيا.

كما وجهت النيابة للمتهمين قيامهما بالمساس بحق الطفلة المجنى عليها في الحماية من الإتجار فيها بأن استغلاها في غرض غير مشروع وعرضا الطفلة للخطر وذلك بأن هددا صحتها وحياتها، كما وجهت النيابة للمتهم الثانى الزوج قيامه بهتك عرض المجنى عليها بغير قوة أو تهديد بعد أن قدمها له المتهم الاول حيث حسبها فريسة سهلة لحداثة سنها وقلة حيلتها وعاشرها معاشرة الأزواج، كما اشترك المتهم الاول بطريق الاتفاق والمساعدة في هتك عرض المجنى عليها ابنته.

وجاء في التحقيقات شهادة والدة الطفلة ملك لتؤكد؛ انها فوجئت بإفصاح المتهم الاول لها برغبته في تزويج ابنته القاصر فقابلت ذلك بالرفض كونها مازالت صغيرة السن وانذاك انقطعت صلتها بهم وعقب مرور شهرين هاتفتها نجلتها واطلعتها على أن والدها حاول اقناعها بفكرة الزواج من ذلك الشخص والمتزوج من امرأتين، وأن الاخير سيدللها ويشترى مسكنا لها في حين أبدت اعتراضها فأرغمها على الزواج العرفي منه وتحصل على مبلغ نقدى 50 ألف جنيه، فيما شهد احد الجيران بالعقار الذي كانت تسكن فيه الصغيرة مع زوجها المسن انه فوجئ بتواجد المتهم الاول الاب وطفلته مع الرجل المسن ثم تركها وخرج وحده وانه عرف بعد ذلك أن تلك الصغيرة زوجة للرجل العجور وعندما سأل الاب اخبره أنه زوج ابنته لسترها وأن زوجها يتكفل بالإنفاق عليها واقامة مشروع له «ّمحل سمك» وأن الزوج سيكتب الشقة باسمها عقب بلوغها السن القانونية.

العقاب

وجاء في تقرير الامومة والطفلولة؛ أن الطفلة ملك كانت تقيم مع والدتها وانه منذ ثلاثة اشهر اصطحبها والدها دون أن تعرف والدتها الى منزل المتهم الثاني واقامت معه في فيلته وأرغمها والدها على التوقيع على عقد الزواج العرفي، وأنها بعد الزواج تمنعت الطفلة عن المتهم الثانى لخشيتها منه واصابها الذعر والخوف؛ ليتعدى والدها عليها وضربها حتى ترضخ لمعاشرة المتهم الثانى.

ليحال المتهم الاول الاب محبوسا امام محكمة جنايات القاهرة دائرة الاتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى، وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري يوسف، لتصدر حكمها عليه بالسجن عشر سنوات وتغريمه مبلغ 200 ألف جنيه. 

;