إيمان مصيلحى
دقت الصحافة الأوروبية ناقوس الخطر فى عدد من مقالاتها التحليلية مؤخرًا حول مستقبل اقتصاد أوروبا، فمع نمو ضئيل يبلغ 0.1% فقط فى الربع الثالث من عام 2024، لم يتجنب الاقتصاد الأوروبى وعلى رأسه عملاق الصناعة الألمانى الدخول فى حالة ركود إلا بصعوبة بالغة، قد تنتقل لمرحلة أكثر خطورة العام المقبل.
تقرير الاستقرار المالى الجديد الصادر عن البنك المركزى الأوروبى توقع بيئة هشة لاقتصاد أوروبا ككل، تتسم بعدم اليقين الجيوسياسى والتوترات فى التجارة العالمية فى 2025. وهو ما أكده أيضاً تقرير لـ«جولدمان ساكس»، أشهر المؤسسات المصرفية بالعالم الذى خفض تقديره لنمو منطقة اليورو إلى 0.8% للعام القادم، مقارنة بتوقعات محللى الاقتصاد الذين استطلعت آراءهم وكالة «بلومبيرج» التى أشارت إلى نمو بنسبة 1.2%.
وتقول مجلة «الإيكونوميست» إن الأزمة باتت واضحة مع الحديث عن سياسات تجارية مرتقبة للرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب تبدأ يناير المقبل، حيث يتضمن برنامج ترامب الاقتصادى فرض رسوم جمركية على مجموعة من المنتجات الأوروبية لتعزيز نمو الاقتصاد الأمريكى. ويقدر الخبراء أن الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة اليورو سينكمش بنسبة 1% إذا تم فرض هذه الرسوم.
اقرأ أيضًا | الأمم المتحدة تدعو لوقف الكارثة الإنسانية والجرائم الدولية في غزة
كما واجه ترامب أوروبا بسلسلة من التحديات المتوازية، لكنها جميعا لها نفس الهدف وهو مضاعفة النمو الاقتصادى فى الولايات المتحدة وإجبار الدول الأوروبية على إنفاق المزيد من الأموال على «الدفاع».
ويرى المراقبون أن أزمة أوروبا مع ترامب والتعريفات المرتقبة ليست السبب الوحيد وراء فخ الركود الحاد الذى ستتعرض له منطقة اليورو. فهناك أيضا الصين التى برزت كمنافس رئيس لإنتاج السلع الأوروبية، واكتسبت حصة سوقية فى الصناعات التى شهدت زيادات فى الكلفة.
من جانبه، أكد كبير محللى الاقتصاد الأوروبى «سفين جارى ستين» أن أكبر ضربة اقتصادية العام المقبل ستكون لألمانيا، حيث إن هناك أزمة فى الصناعة الألمانية لسنوات التى ركزت، خاصة شركاتها الصغيرة والمتوسطة الحجم، على الابتكار التدريجى، الأمر الذى جعلها غير مستعدة للصدمات التكنولوجية مثل ظهور المركبات الكهربائية على سبيل المثال إلى جانب اتباعها سياسة التشديد المالى المستمر.
لذلك من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى الألمانى بنسبة 0.6 فى المائة فى 2025. كما توقع أن ينكمش الاقتصاد الفرنسى الذى يتبع سياسات متقاربة مع ألمانيا إلى 0.5 فى المائة ، إلا أنه من المرجح أن تكون الضربة الأصغر فى الاقتصاد الأوروبى فى كل من إسبانيا وإيطاليا بنسبة 0.3 فى المائة، نظرًا إلى الاختلافات فى الانفتاح التجارى وكثافة التصنيع.