..هل تذكر المرأة العجوز التي تركتَ لها مقعدك في القطار رغم إرهاقك وحاجتك للمقعد؟
هل تذكر دعوتها لك بأن يسخر الله لك أبناء الحلال؟
هل تذكر ذلك القط الجائع الذي منحته رغيفك رغم جوعك أنت.. و ذلك الرجل الأعرج الذي حملت عنه حاجياته الثقيلة بالسوق؟
وتلك الفتاة اليتيمة التي لطالما شرحت لها دروس الرياضيات دون مقابل فكانت تطلب من الله دائمًا أن يطيل في عمرك.. وذلك الوعاء البلاستيكي الذي ملأته بالماء ثم وضعته لعصافير الشرفة في يوم حار.
وهل نسيت صديقك في العمل الذي أخبرته أن بذلته أنيقة يوم أن سمعت المدير يوبخه ويطلب منه ألا يأتي إلى العمل بملابسه الباهتة.. فقال لك « الله يجبر بخاطرك».
وهل تذكر أيضا عامل النظافة المسن الذي ربت على كتفه ثم قلت له كاذبًا لقد كان والدي عامل نظافة أيضًا.. والسيدة الكفيفة التي تسكن أقصى القرية لكنك لم تكف أبدًا عن زيارتها وإحضار الطعام لها.
وكذلك صاحبة محل الحلوى التي تشتري الحلوى منها كل يوم رغم أنك لا تحب الحلوى ولا تأكلها لكنها أرملة تسعى لتربية وتعليم ابنتها.
هل تذكر القطار الذي انقلبوخرج عن مساره بعد مغادرتك له مباشرة.. إنها دعوة الطفلة التي كنت تشرح لها دروسها لك بأن يطيل الله في عمرك يوم أن أفهمتها معادلة لم تكن لتفهمها وحدها.
هل تذكر راتبك الذي أضعته يوم أن حصلت عليه لكن «ابن حلال» عثر عليه وأعاده لك .. إنها دعوة المرأة العجوز التي تركت لها مقعدك في القطار بأن يُسخِرَ الله لك أبناء الحلال.
هل تذكر تعثر أمر زواجك وعدم إيجادك لفتاة مناسبة تقبل وتقدر ظروفك.. لكنك أخيرًا وجدت فتاة طيبة تحب أن تدفع نصف عمرها حتى لا تُشاك أنت بشوكة واحدة، إنها دعوة عاملُ النظافة لله إن يسعدك!
لعلك تذكر يوم أخبرك الطبيب بعقمك عندما شكوت له تأخر إنجابك.. ولعلك تذكر ذهول الطبيب ودهشته يوم أن قال لقد ذهب عنك مرضك.. هذه معجزة لم تحدث أبدًا..تمامًا كما تذكرت إنها دعوة صديقك صاحب البذلة الباهتة يوم أن دعا لك بأن يجبر الله بخاطرك!
بائعة الحلوى، عصافير الشرفة، قط الشارع، والمرأة الكفيفة أقصى القرية.. إحسانك معهم لم يذهب سدى ففوق السماواتِ رب رحيم يحب المحسنين.
من يقدم خيرًا يحصد خيرًا.. ومن يزرع بذرة يحصدها شجرة.. وكل خير تصنعه يجوب الطرقات ثم يعود إليك.. في موقف صعب أو في ليلة مظلمة أو في شربةِ ماءٍ من بعد ظمأ .. إن صنع الخير أبدًا لا يضيع، فالخير جمعية دايرة ستدور وتتوقف أمامك عندما يحين دورك ويأتي وقتك في حصاد ثمرة الخير الذي قدمته.
الخير الذي قدمته ونسيته تماما ، مكتوب ومدون عند رب لا ينسى ولا يغفل «وماكان ربك نسيا».