حاتم نعام يكتب: لغتنا العربية بين المهابة والانحسار الحضاري

الكاتب الصحفي حاتم نعام
الكاتب الصحفي حاتم نعام


لغتنا العربية لغة الضاد، تواجه انحسارًا حضاريًا، وخطر التقوقع أمام عزوف البعض عنها، بل إن بعض الطلاب تنقطع صلتهم باللغة العربية بمجرد حصولهم على الثانوية العامة، ولا يستطيع أن يعرف دقائق اللغة العربية، وأسرارها وألفاظها، حتى وإن أصبح من أساتذة كلية الطب، فهو كالذي يمشي على قدم واحدة عندما يهتم باللغات الأجنبية الأخرى على حساب لغته العربية.

اللغة العربية لا تحيا وحدها بل تحيا بنا، فلابد أن نغرس مهابة اللغة العربية في أنفسنا، مع العناية بإتقان اللغات الأخرى فالعلاقة بينهما كشريط القطار .


يذكر أن أحد الباحثين في فرنسا ذهب إلى مؤتمر علمي خارج بلاده وتحدث فيه باللغة الإنجليزية، فأمر على الفور رئيس الدولة الفرنسية بإرجاعه من المؤتمر لأنه لا يمثل مهابة اللغة الفرنسية.


ولو انتقلنا من فرنسا إلى ايسلندا تلك الأمة الصغيرة التي لا يتجاوز تعدادها السكاني 350 ألف نسمة تدرس لغتها الرسمية اللغة الايسلندية وتتمسك بها، ناهيك عن ما يفعله الإنجليز في تعليم لغتهم للعالم، فكم من أمة صغيرة و كبيرة تدافع عن لغتها وتتمسك بها.


نحن الآن نواجه قضية فك أسر اللغة من قيودها، والقضية مجتمعية، فالإعلام وحده لا يستطيع أن يفرضها، ولا يستطيع التعليم وحده أن يفرضها أيضًا، ولا الدراما، فلابد من تضافر الجهود كلها حتى تصب في بحر اللغة  كل العطاء الذي يمكن أن تحيا به لغتنا الجميلة.


ولا نريد أن نبدأ بتعليم العالم لغتنا، نبدأ بأنفسنا ونصر على ذلك باستخدام لغة سلسة بسيطة وليست لغة قاموسية ولا معجمية، لغة ليست معقدة ولا مركبة، بل لغة بسيطة تنقل المعاني عن طريق السمع والمحاكاة، فالفلاح المصري البسيط يحفظ القرآن الكريم بلغة عربية سليمة من غير أن يعرف قواعد اللغة لأنه يحاكي لفظا فصيحا هو لفظ القرآن، وانطبع هذا في ذهنه، فهو يحاكي ما يسمعه، كما أنه يقول أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب ونجاة الصغيرة الذين غنوا شعرًا، يحركه في ذلك حبه للفن الجميل فيسمع ويحاكي هذا الكلام وهذا الشعر .


نريد أن يفعل قانون حماية اللغة العربية لكي يحميها من  الانقراض  والإهمال ولابد أن نغرس في النفوس هذا الولاء والانتماء للغة العربية التي كانت إحدى دعائم قيام الحضارة الإسلامية وكانت لسان العرب في الماضي .
كما يجب أن يكون هناك مصححًا لغويًا في كل مؤسسة في مصر تخاطب الرأي العام فلابد أن تراجع البيانات والقرارات والأشياء التي تريد الدولة أن تنفذها بحيث يصدر القرار أو البيان أو التكليف بلغة عربية  فصيحة سليمة سلسة ومقبولة .

 

ولمسايرة التطور أيضًا لا يمكن إغفال أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي، والفوائد التي يمكن أن تعود على اللغة العربية، وعلومها في حال توظيف تلك التقنيات، فهي واحدة من أهم الوسائل التي إذا أحسن استثمارها فإنها ستساعد على نمو المحتوى المعرفي العربي على شبكة الإنترنت، وعلى أن يظل للثقافة العربية والتراث العربي مكانا بين الثقافات المعاصرة.